تعيش المرأة الى حدود زمننا هذا وسط صراع فكري مجتمعي متناقض، حيث أصبحت مادة دسمة تتخذها كل جهة تحاول اظهار الجانب الحداثي الذي يميزها، اتخذتها الأحزاب السياسية عبر العالم العربي لتمحي لقب الرجعية الذي سيلاحقها ان أقصوا النساء.. و اتخذتها الدول أيضا مؤشرا لقياس تحضر كل بلد من خلال الحقوق التي أعطيت لها.. استغلت العديد من الجمعيات الحقوقية و استغل المجتمع المدني المعاناة التي عاشتها المرأة لمدة قرون، اضافة الى القمع الذي كان يلازمها بمختلف مراحل حياتها و كذا الارهاب الفكري الذي مورس عليها.. و لهذا فور ما حصلت المرأة على حقوقها بالعالم الغربي حتى كانت الجمعيات النسائية العربية قد بدأت بالدعوة للحرية و كذا اعطاء الحقوق الكاملة للمرأة و التي تتمثل بالمساواة بين الجنسين و التحرر من قيود و أفكار المجتمع و الأعراف التي عانت منها طويلا.. و كل ما سبق بدعوى "الحداثة".. و الحداثة هي تصرف ذكوري محض.. هو أولا فعل تحرير، و طاقة تحريرية، لأن القيمة الأساسية للحداثة هي الحرية والفردية، قيمة الفرد و قيمة الفكر الحر الشخصي، و عند اسقاطنا لهذه المبادئ على قضايا المرأة و استحضارنا لما كانت تعيشه فالماضي القريب نجد تفسيرا مقنعا لسبب دعوة فئة عريضة من النساء الى الحرية و التحرر الذي يمحي الطبيعة الأنثوية التي خلقت عليها المرأة.. لو كنا فقط مجتمعا متمسكا بتعاليم دينه الاسلامي و ملتزما بتطبيق جميع ما أوصينا به لعلمنا أن للمرأة مكانة رفيعة و حقوق لازالت الجمعيات الحقوقية لم تلتفت اليها، بمأننا نؤمن بدين وسطية و اعتدال فقد حافظ الاسلام على صورة المرأة القوية المحترمة المحتمشة و الفاعلة بالمجتمع، على عكس النساء الحداثيات اللواتي أبحن العري و التعري و الاجهاض و طالبو بالمساواة مع الرجل و بالعلاقات المثلية.. والعديد من الأمور التي أزالت عن المرأة هويتها الاسلامية.. ما يقتل تفكيري و يشتت أفكاري بضربة عشواء هو أننا نتمتع بغباء لا نظير له، يجعلنا نعتبر أن المرأة الغير حداثية تعتبر امرأة ضحية و خطابها المظلومية، و أن المرأة الحداثية هي امرأة قوية شعارها الأنثى المسترجلة.. و أن الاسترجال من علامات القوة.. ما يرهق تفكيري أيضا هو أن هؤلاء النساء يدافعن بقوة و شراسة كلما تعلق الأمر بحرية تنصر الهندام أو المثلية أو العلاقات الغير الشرعية والاجهاض.. و يغضضن البصر عن كل قضية تكون بها المرأة ضحية اغتصاب أو تعنيف أو تحرش أو ما شابه ذلك.. وهنا يظهر جليا أن هدف هذه الفئة من الحقوقيين ليس الدفاع عن قضايا المرأة و حقوقها و حمايتها من المجتمع الذكوري و النهوض بوضعية الفتاة القروية..الخ من الدرجة الأولى و انما هي تيار يسعى لنشر الفتنة و تنمية تطوير الصراع بين الرجل و المرأة و الخروج عن دائرة التكامل التي وجدت من أجلها البشرية.. بنفس المنطق لا يمكن انكار الطبيعة الفكرية التي يتغنى بها المجتمع العربي و هو مجتمع ذكوري حتى النخاع، و هنا لا أخص الرجال بالتفكير الذكوري فقط و انما هو فكر تتبناه النساء أيضا بل و هن من يزرعنه بأبناءهن(رجال المستقبل) و يشجعن أزواجهن عليه. المجتمع الذكوري يعتبر أسطرا كهذه محاولة للتمرد و الثورة على الواقع، و انكارا للعادات و التقاليد، و من يدري ربما يستحضر لك ايات من القران الكريم و أحاديث نبوية ليقنعك بأن القوامة للرجل و أن المرأة التي لا تحني رأسها أمام رجل، مهما كانت صفته و حتى لو لم يكن له سلطة شرعية عليها، فهي امرأة وقحة.. هناك من يعتبر أن النساء هن سبب البلاء و السبب أيضا بظهور التحرش الجنسي و الفساد الاخلاقي حيث يستحضرون وجوب الحجاب و ينسون وجوب غض البصر.. قد نجد أن هناك من يشجع المرأة و يسند نجاحها و لكنه لن يرضاها كزوجة له خوفا من أن ترهق فكره سيدة مثقفة ناجحة لها اهتمامات ستأخذ من وقت اهتمامها به و بمطبخها و أولادها.. باختصار شديد.. كيان امرأة قوية يشكل عائقا لكل رجل ينعش عقله الذكوري بالخضوع النسائي و اقناعه لنفسه أيضا بأن المرأة خلقت لتقوم بواجبها البيولوجي فقط لا أكثر.. و من ناحية اخرى استغلت نساء التيار الحداثي ضعف المرأة العادية أمام سلطوية الرجل العربي لتقنعها بأن حريتها الفكرية و تحررها العقائدي هو الوسيلة الوحيدة لترد اليها الاعتبار متناسين الدين الحنيف الدي رد اليها الاعتبار منذ زمن طويل… رسالتي لكل الرجال، ان يتخذو المرأة جانبا مكملا لهم.. دعها تنجح الى جانبك بدون أن تحاربها و بدون أن تقامك هي الاخرى، فحتما لن يكون أطفالك سويين بأم جاهلة يعتريها الفشل و الخوف منك، و شئت أم أبيت هي نصف المجتمع.. رسالتي لكل النساء، الحرية ليست هي أن تخلعي ملابسك، و الحرية ليست هي بيع جسدك، ليست هي الدعوة لتقنين المحرمات و ليس هي أن تبيحي نفسك و أن تشاركي الرجل كل خصائصه، لن تكوني يوما رجلا، و لن تكوني يوما قوية بهذا الشكل بل على العكس، حداثتك هذه ستعبر عن مدى اهتزازك النفسي.. رفقا بعقولنا..