منذ أن أعلن قائد الانقلاب العسكري للثالث من يوليوز من السنة الفارطة (2013) بمصر، عبد الفتاح السيسي، عن استقالته من الجيش استعدادا للترشح للانتخابات الرئاسية وأخذِ مكان الرئيس المنتخب، محمد مرسي، الذي وُضع خلف القضبان، وتتم متابعته في قضايا شتى، ومنذ أن السيسي ظهر في صورة "يتيمة" وهو يقود دراجة هوائية ثمينة، ولسان حاله يقول للمصريين "ها أنذا أفعل كما يفعل المسؤولون الأوربيون فأرجوكم أوصلوني إلى القصر الجمهوري!"، منذ ذلك قرر فجأة أن يختفي عن الأنظار "واقعيا"، ويختار الإطلالة على مناصريه "افتراضيا". فمع إعلانه الترشح لسباق الرئاسيات، الذي اقتصر عليه وعلى حمدين صباحي، الداعم للانقلاب العسكري هو أيضا، فضل أن يطل على الشعب المصري بطريقتين لا ثالث لهما؛ الأولى، الإعلام الرسمي والخاص الداعم لتوجهه، عبر برامج حوارية وأخرى تُصوره "مُخلص" مصر من كل مشاكلها. والثانية، عبر تقنية "الفيديو كونفرنس". وأثار اختيار عبد الفتاح السيسي لهاتين الوسيلتين انتقادات لاذعة، صُوحبت بكثير من عبارات السخرية، فاستغرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، المصريون منهم والعرب، من حضور وزير الدفاع السابق لمهرجانات خطابية بمختلف المحافظات المصرية عبر "السكايب" رغم أنه متواجد بالأراضي المصرية! وتساءلوا لماذا لا يحضر السيسي مهرجاناته الخطابية في الواقع ليتواصل مع الشعب، الذي كان يقول دائما إنه هو من طلب منه الترشح للرئاسة؟! المدافعون عن "الرئيس المقبل لمصر" يبررون اختفاءه وراء كاميرات الحواسيب، في أمكنة ما يعلمها هو، ب"الحفاظ على أمنه وسلامته"، لأنه "مستهدف" من طرف من يصفونه ب"الإرهابيين"، خصوصا بعدما قال السيسي ذات يوم أنه كان مستهدفا ب"عمليات اغتيال كثيرة". في المقابل يتنقل منافسه، حمدين صباحي، في محافظات مصر بكل أمن وأمان، مكتفيا ببعض الحراس الشخصيين، ويشارك في مهرجانات خطابية "واقعية"، أو لأن أمنه وسلامته هو لا تعني المصريين في شيء!؟ والأكيد أن تصرفات وسلوكات عبد الفتاح السيسي أقل ما يمكن القول عنها أنها غير مفهومة وغير مهضومة، وتفتح الباب لتساؤلات كثيرة منها: هل يستعد قائد انقلاب يوليوز لحكم مصر بلوحة التحكم عن بعد من خلف أسوار القصر الجمهوري، الذي يبدو أن أمر وصوله إليه بات محسوما؟ وهل يخاف السيسي من الشعب "الذي يحبه"؟ أم هي مقدمات لنظام أكثر ديكتاتورية من نظام الخلوع حسني مبارك؟