بروح الفارس الأصيل، وبفكر الحالم بمشهد رياضي عربي ينتصر للإبداع، للخلق وللموهبة، وبإرادة المبدع الذي يريد أن يطبع زمنه ببصمة العالمية، أطلق فارس العرب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكثوم نائب رئيس مجلس الوزراء بالإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي جائزة الإبداع الرياضي لتكون أولا قيمة مضافة غير مسبوقة في عالم باتت فيه الرياضة مؤسسة مجتمعية وتربوية، تنتصر للقيم الجمالية والإبداعية، ولتكون ثانيا حافزا لكافة المبدعين في مجال الرياضة لمزيد من الخلق والإبتكار لكل ما يخصب الحركة الرياضية، ولتكون ثالثا وهذا هو الأهم صوتا عربيا ينطلق من ربوع الإمارات المزدهرة، يبرز ما هو مودع في ذاكرة التاريخ قديمه وجديده، من سبق للعرب في تكريس أوجه النبل في أي منظومة من منظومات الحياة·· لم يكن متاحا لي لغاية الأسف أن ألتقي بعض أعضاء مجلس أمناء الجائزة وقد حلوا بالمغرب ليطلقوا عربيا هذه الجائزة الفريدة المتفردة، فقد حال بيني وبين لقائهم وأيضا الإستماع إليهم في ندوتهم الصحفية التي عقدوها بالرباط أول أمس السبت وجودي بعيدا عن العاصمة، إلا أنني حرصت غاية الحرص على أن أتابعهم· وأستطيع أن أبدي كامل إعجابي بعد الذي تحصلت عليه من وثائق، بفلسفة وروح الجائزة، وبخاصة بأبعادها الإنسانية والتي تهدف بالأساس إلى تكريم الإبداع وتحفيز المبدعين، غايتها الأسمى تلميع صورة الرياضة، فما أكثر ما أصاب هذه الصورة من تلطيخ جراء ما حرض عليه المال، وما أتى به الجشع·· وقد عرفتني الرياضة بسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أكثر ما عرفتني به مسؤولياته القيادية في جعل دبيالإماراتية جوهرة في عقد مدن الدهشة بدول المعمور، فالرجل فارس أصيل، تربى على حب الفروسية بما تعكسه من نبل وبما تبرزه من بطولية، ومضى في تثبيت ودعم مكانة الفروسية العربية في المنظومة الرياضية العالمية، وكانت له العديد من الإبتكارات والإبداعات في مجال الفروسية وفي مجال الرياضة بوجه أعم، ما جعله شخصية رياضية وازنة عالميا· وبوحي من هذه الفروسية، وهذا النبل، بل وهذا الإرتباط الروحي بالقيم السامية للرياضة، إبتكر سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جائزة تبدأ هذه السنة عربيا، لتواصل بعدها عالميا، هاجسها الأوحد صيانة الإبداع في الفكر الرياضي، وفي ذلك بحسب رأيي سعي حثيث لتثبيت الدعائم والأساسات التي قامت عليها الرياضة، والتي نجد كثيرا منها في الميثاق الأولمبي الذي صاغه باعث الأولمبياد الحديث الفرنسي دو كوبرتان·· طبعا عندما تتوجه الجائزة بقيم مالية محترمة إلى مكافأة الإبداع الرياضي الفردي والإبداع الرياضي الجماعي والإبداع الرياضي المؤسساتي، فإنها لا تريد أن تستثني أي زاوية من الزوايا التي يقوم عليها أي صرح رياضي، كما أنها تعيد بشكل مثير للإعجاب تلحيم أجزاء المنظومة الرياضية بعضها بالبعض، بعد الذي حدث في عصرنا الحديث من تفكيك لهذه الأجزاء بسبب تضارب وتعارض المصالح·· إن رؤية الجائزة بحسب ما هو مثبت في لائحتها الفنية هو "أن تكون دبي مركزا عالميا للإبداع والريادة والتميز الرياضي" ورسالتها "تحقيق رؤية شاملة أكثر عمقا لدور الرياضة وجعلها وسيلة تضيف للإبداع"، أما أهدافها فتتراوح بين دعم وإبراز الجهود الرائدة المبدعة التي يقوم بها الأفراد أو الهيئات والمؤسسات الرياضية الهادفة إلى تنمية وتطوير الإبداع الرياضي، وبين إشاعة مفهوم ثقافة الإبداع والإبتكار في المجال الرياضي، ورفع الوعي بأهمية رعاية المتميزين والمبدعين وبين تطوير العمل الرياضي وفق أسس علمية تساعد على تحقيق أهدافه·· إن كان نوبل قد أبدع جائزة كونية لمكافأة المبدعين في مجالات العلم والإقتصاد والآداب، فإن محمد بن راشد آل مكتوم في طريقه ليجعل من جائزته وشاحا كونيا يرصع صدر المبدعين في مجال الرياضة··