في موسم الصولد والتنزيلات، وفي خاتمة شهر ينتظره >الشناقة< و>الوكَّالة< على أحر من الجمر، ليعرضوا بضاعتهم أو ما تبقى من سلعة الصيف للبيع في صقيع الشتاء، وأخيرا في ميركاتو حوَّله السماسرة >لميركاشو<، أي بحر الظلمات، تشاء الصدف أن تنصاع لأهواء وتصاميم وهندسة >شناقة< هذا الزمان، لإفراغ وإفقار ما تبقى من >طيور حسنة< ومؤمل فيها أن تعيد لقيمة ودلالة الهداف اعتباره في زمن تشييد الأحصنة الدفاعية وتسييج المساحات المتروكة أمام حراس المرمى بألغام ناسفة· المصادفة التي انتهى إليها مشهد الأحداث في تسلسل غريب يدعو لطرح أكثر من علامة استفهام حول سياق تزامنه وكذا حدوثه، تجلى في نزوح جماعي شبيه بذلك الذي تعيشه الطيور في موسم الهجرة الجماعية، إما بحثا عن ما يغذيها أو هربا من خطر داهم· بدأت فصول الحكاية مع الكاميروني بيير كوكو الذي ما إن بدأ يضع >الكاشي< الخاص به ويرسخ طابعه، حتى أغراه >كاشي< آخر قادم من ليبيا بلون أخضر، أخضر أهلي بنغازي وأخضر بإغراءات الدولارات، لتبقى أبرز صورة نحتها هذا الكاميروني بالمغرب هي أن الجمهور سيتذكر أنه أشهر إسلامه وحول إسمه من بيير إلى بلال وثمانية أهداف ضرب بها >أبرون< الليبيين بها على >الشعا< كما نقول بعدما بدأت بوصلة التهديف تهرب وتزيغ عن سكتها المرسومة بالتدريج· وما إن إنتهى كوكو من تفاصيل تعاقده، حتى طار طائر الرجاء >حسن الطاير< صوب واحة الإمارات، في إعارة كانت نقطتها المشتركة بين ابن الوليدية ومسؤولي الرجاء هي المصلحة، مصلحة لاعب في تأمين قبر الحياة ومصلحة غلام في الإفلات من قبر المعارضة المهيء له على المقاس، باع غلام الطاير ليفوز باللقب، وليفهمها كل و احد كيفما يشاء· وكي لا يشعر بالإغتراب وفي تضامن غريب مع الطاير وغيره من أبناء البطولة المرحلين تباعا عبر خطوط خاصة، إلتحق المالي أليو كانطي صانع ربيع قراصنة سلا به وبنفس القسم الثاني المغبون، وهذه المرة على شكل إنتقال نهائي وبمقابل هزيل وثمن بخس، دراهم معدودة كان من الممكن أن يلعب بها كانطي داخل أي فريق بالمغرب، فاتحا جبهة عريضة من التساؤلات قد تجبر >فولوز< ووفاء وداد اللذين يعيشان ظلمة النتائج السلبية يتحينون الفرص للمطالبة بنصيبهم من كعكة الإنتقال وحتى لا يضيع حق الوفاء كما ضاع حق الكارة· ولأنه موسم >الريباخا< بامتياز لم يكن ممكنا ولا مقبولا أن لا يرحل إثنان دون ثلاثة كما يقول الفرنسيون، فقد إلتحق بكانطي والطاير، بنرابح الوجدي وهذه المرة لعجمان في إعارة نسخية أنقذت الحمامي واللاعب من ورطة الحيرة بعد دخول (الجيش، الوداد والرجاء) على خط التفاوض وبمقابل هزيل، لتكون وجهته هي عجمان لحسن الحظ بالقسم الأول وليس الثاني، في صورة تعكس إلى أي حد أصبح اللاعبون المغاربة يرضون بحدود دنيا من قيمة الممارسة مادامت تقيهم شر الحاجة والبقاء تحت رحمة شكارة المسير·· يبدو والأمر غريبا كما قلت أن يرحل أفضل أربعة هدافين تباعا في هذه الفترة بالذات، وليهنأ البوساتي في داره وليرتاح سنة أخرى آمنا مطمئنا على سجله ورقمه الصاعد (25 هدفا)، مادام >رؤوس الحربة< طار بها >رؤوس الفتنة< بعيدا عن سماء البطولة· لكن أبرز ما استرعى انتباهي هو تبريرات رؤساء أندية لا تجد حرجا في تسريح أفضل ما لديها بأثمان هزيلة، رئيس تطوان ظل يردد على أسماعنا أتلتيكو مدريد، مارسيليا، سوشو لينتهي المسار ببلال في خضراء بنغازي، والسبب هو تخوفه من أن يصيب الهزال لاعبا جلبه ب 50 مليونا ويعلم أنه لو كان مرعبا حقا كما يقولون لما فرطت فيه >مزرعة الأسيك< ليلتحق >بسانية< تطوان· والحاج الشكري قال أنه سرح كانطي لتدبير الأزمة والإتيان بأفضل منه بعدما بدأ مستواه يتراجع، والرجاء لتفوز باللقب مكنت الطاير من التحليق، ووجدة كي يرتاح من وجع تشويش الوداد·· وداخل كل هذا لنا أن نتساءل: ألم تكن صفعة طرابلس بليبيا كافية كي "يعيق ويفيق" من تسبب في كساد منتوج البطولة أن الأخير في طريقه للإفلاس، وبالتالي وضع قوانين ملزمة ومؤطرة تعيد له توازنه؟ بالتأكيد لا فهم في دار غفلون وكيف لا وبليندة وجه الدعوة للاعب حمزة الشيباني من الرجاء ليلعب بكأس الساحل وهو المتوقف عن الممارسة لسنتين·