حرام.. حرام كنت وما زلت متمسكا برأيي المطلق من أن البطولة الوطنية لا تصنع الكفاءة والأهلية الخاصة بأجود اللاعبين ومن المستوى العالي لصناعة منتخب كبير، والدليل أن ما حدث بجنوب إفريقيا كان من صلب البطولة الوطنية ولا يمكن أن يقدم لنا هوية متكاملة للاعبين فاقدين للشخصية والقدرة البدنية والتكتيكية في مباراة ما وضد منتخب إفريقي مفروض أن نتجاوزه بالحكمة والمناخ والإحتكاك والخبرة الإحترافية التي فرضها واقع البطولة الوطنية، والمشكلة أن عصارة ما اختاره الإطار حسن بنعبيشة ومن قناعاته مع أننا نتحفظ على العديد من الأسماء التي تجاهلها من صلب المنتخب الذي يحقق التأهل، أكد بالملموس أن الإشتغال داخل الأندية تقنيا وبدنيا لا يعطي الإنطباع على أننا نملك لاعبين من طينة المقاومين والمحاربين في فصول مباريات محسوبة بكأس إفريقيا، وليس هناك مجهود تقني على أعلى مستوى وسياسة تكوينية داخل الندية الوطنية. حرام.. حرام أن يحدث هذا الإرتجاج الذي يرفع درجة الضغط الدموي إلى أقوى درجات الغيبوبة، وحرام أن تصل الكرة المغربية إلى هذا النوع من الشرخ الذي يفقد للاعب القدرة على مقاومة حتى نفسه مع أنه كان يعاتب المحترفين على غياب حسهم الوطني، فهل ظهر هذا الحس أيضا حتى مع هذا المنتخب الثاني في جلباب احتراف فارغ المحتوى؟ حرام.. حرام أن نعيش هذا الإحباط لجامعة الفهري المتأبطة بشر المصائب التي جرت حتى على هذا المنتخب ويلات الفضاعة.. وحرام أن نظل واقفين على هذه المصائب الكبرى مع أننا نناهض هذا الإستعلاء دوما عبر مقالاتنا اللاذعة. لا.. لا.. ليس هو هذا الإطار حسن بنعبيشة الذي قدم الدلالات الواضحة في الفئة العمرية لأقل من 20 سنة ليربح منها عبد الكبير الوادي بالمنتخب المحلي في غياب منتخب مختار على درجة كبيرة من الواقعية، وليس هو هذا بنعبيشة الدولي الذي اختلطت عليه الأمور في غياب مساعد كان من المفروض أن يكون على أعلى مستوى الإستشارة، وليس هو هذا بنعبيشة الذي انقلب عليه الفوز الأنطولوجي إلى هزيمة وإقصاء بين شوطين مختلفين في الأحلام والدمار، وليس هو هذا بنعبيشة الذي لم يلعب داخل الرقعة بأوتار القراءة المثيرة للوصول إلى المربع الذهبي... شئنا أو أبينا.. لا نملك العصى السحرية لأي لاعب من المستوى العالي ليكون صانع أمجاده بالمنتخب الوطني مع أن الحقيقة التي يدافع عنها بعض من المحللين عن البطولة واللاعب المحلي لتعويض المحترفين من البطولات الأوروبية أبانت قصورهم حتى في مقاومة الجولة الثانية والأشواط الإضافية بلياقة بدنية ضعيفة. وللأمانة أرجوكم أن تقرؤا هذه الفقرة من عمود الخميس الماضي «كأس إفريقية ليس على المقاس».. والكأس الإفريقية الحالية التي يفرح من خلالها المغاربة باجتياز الدور الأول ليست لها قيمة إلى على مستوى الخبرة الدولية التي يتطلع إليها الأسود، ولكن كهدف هي كأس عادية يغيب عنها كبار المنتخبات الإفريقية ولا يعطونها القيمة السامية لأنها لا تهم إلا على مستوى اكتشاف الوجوه الدولية المفروض أن تجد لها مكانا مع المحترفين. ولا أجامل أيا كان ممن سعد لهذا الحدث الذي خلق أصلا جدلا واسعا بين اللاعب المحترف والمحلي وبالمقارنات التي قدم فيها المحلي رئته في الكأس الحالية على نقيض المحترفين الذين ودعوا الأحداث القارية في أكثر من موقف، لأني كنت وما زلت مع التكوين الإحترافي الذي يخلق الفوارق المهارية والنضج التكتيني من القاعدة إلى القمة، وهو واقع غير موجود حتى بهذا المنتخب المحلي الذي تأهل بكثير من العوائق الذهنية ومحدودية الجوانب التكتيكية، صحيح أن الفرحة تغطي على الإنتكاسات السابقة، ولكنها ليست فرحة شاملة في القناعة والإقناع داخل الرقعة، بل هي فرحة عابرة من وسط كروي لا يقدم اللاعب المتكامل في كل الأدوار التي تمنحك القناعة الشاملة ووحدة الصورة الجماعية، ولكم أن تتصوروا المونديالي محسن متولي كيف كان مع الرجاء العالمية وكيف لعب مع المنتخب المغربي، وكيف ظهرت محدودية بعض اللاعبين في صناعة الأهلية الدولية. محمد فؤاد