كأس ليست على المقاس هي فعلا أفراح من رحم المعاناة الكروية بالمغرب، وأفراح بحثنا عنها طويلا ليس من الدرجة الأولى ولكن من درجة كأس إفريقية محلية قلت عنها دائما غير مصنفة دوليا على أعلى مستوى، والأفراح التي كنا وما زلنا نؤمن بها هي النبش في المقام الأول للكأس القارية وليس من سعار أفراح من الدرجة الثانية التي يتدرج فيها المنتخب المغربي المحلي الآن بالتأهل للدور الثاني وفي مباريات كان من المفروض حسمها بلا صداع وبلا ترقب الأمتار العسيرة للوصول إلى المراد. والكأس الإفريقية الحالية التي يفرح من خلالها المغاربة باجتياز الدور الأول ليست لها قيمة إلا على مستوى الخبرة الدولية التي يتطلع إليها الأسود، ولكن كهدف هي كأس عادية يغيب عنها كبار المنتخبات الإفريقية ولا يعطونها القيمة السامية لأنها لا تهم إلا على مستوى اكتشاف الوجوه الدولية المفروض أن تجد لها مكانا مع المحترفين. ولا أجامل أيا كان ممن سعد لهذا الحدث الذي خلق أصلا جدلا واسعا بين اللاعب المحترف والمحلي وبالمقارنات التي قدم فيها المحلي رئته في الكأس الحالية على نقيض المحترفين الذين ودعوا الأحداث القارية في أكثر من موقف، لأني كنت وما زلت مع التكوين الإحترافي الذي يخلق الفوارق المهارية والنضج التكتيني من القاعدة إلى القمة، وهو واقع غير موجود حتى بهذا المنتخب المحلي الذي تأهل بكثير من العوائق الذهنية ومحدودية الجوانب التكتيكية، صحيح أن الفرحة تغطي على الإنتكاسات السابقة، ولكنها ليست فرحة شاملة في القناعة والإقناع داخل الرقعة، بل هي فرحة عابرة من وسط كروي لا يقدم اللاعب المتكامل في كل الأدوار التي تمنحك القناعة الشاملة ووحدة الصورة الجماعية، ولكم أن تتصوروا المونديالي محسن متولي كيف كان مع الرجاء العالمي وكيف لعب مع المنتخب المغربي، وكيف ظهرت محدودية بعض اللاعبين في صناعة الأهلية الدولية ؟ حتى ولو وصلنا إلى الأدوار المتقدمة في النهائيات الإفريقية المحلية، لا يمكن أن نربح هذا المنتخب كليا لنجعله هو النواة الأصلية لكأس إفريقيا 2015، بل به عناصر قليلة بوسعها أن تربح عضويتها مع الكبار من منطلق قيمة الحدث المقبل على أنه مصنف من الأحداث العالمية، ومن العيارات الإحترافية على أعلى مستوى، وحتى لا نغالط أنفسنا من التأهل الذي انتزعه المنتخب المغربي على حساب أوغندا، فهو تأهل كان من المفروض أن يحصل مبكرا للمقارنات الموجودة بين الكرة المغربية التي دخلت فصول الإحتراف قبل ثلاث سنوات، وبين الدول الإفريقية التي ما زالت تعيش على فصول الهواية من قيمة زيمبابوي وبوركينافاسو وأوغندا.. و.. و، ما يعني أن الفوز باللقب القاري في محليته واقع أكد عليه بنعبيشة في البداية لأنه يعرف جيدا المقارنات الواضحة بين المغرب والدول الإفريقية في الإحتراف، وفقط المغرب وتونس والجزائر ومصر وجنوب إفريقيا هي الدول التي دخلت حيز الإحتراف. ومن هذا المنطلق نؤكد على هذا التوجه الإستثنائي الذي يجعل المغرب وجنوب إفريقيا هما المعنيان بلقب الدورة مع أن المفاجأة أقصت جنوب إفريقيا لإشتغال نيجيريا على صناعة الأجيال. لذلك لا يمكن أن نعطي للحدث قيمة كبيرة لأنه يدخل في سياق إجتهاد المنتخبات الإفريقية غير المحترفة في بطولتها المحلية لصناعة أو اكتشاف مواهب بشرية جديدة وهو نفس التوجه الذي يرسمه المنتخب الوطني في سياق إحتراف بطولته من أجل أن يحظى لاعبوه بمكان أكبر. النتيجة الحتمية لأي دور وصل إليه المنتخب المحلي هو مؤشر دلالي لإرتفاع أسهم الإحتراف بالمغرب عبر أنديته العامة وللخامات الصغيرة السن والتي ولدت مع مشروع الإحتراف كالهاشمي والوادي وأبرهون وحذراف وأصباحي والكرثي، وليس من الخامات الأخرى التي صنعت خبرتها الدولية عالميا وقاريا كياجور ومتولي والبحري وأولحاج والراقي ولمياغري وكروشي، لأنهم جميعا يدخلون في سياق المحترفين والدوليين بامتياز، ومن المفروض أن يكونوا في درج المرشح الأول للفوز باللقب العادي.. هذه رؤيتي لهذا الحدث الذي جعل منه أكثر المحللين «حدثا لصناعة الأفراح». في النهاية، يدرك حسن بنعبيشة الناجح في مسيرته المؤقتة أن المنتخب الذي أوجده باختلاف الإختيارات السابقة والحالية، يمكن أن يصنع نفسه من التنافسية التي يتمتع بها الجميع كمحترفين في البطولة كمنتوج مفروض أن يصل إلى هذه النتيجة وإلى ما فوق. وحتى إن لم يفز المغرب باللقب كمنتخب محنط بدلالة الإحتراف، فمعنى ذلك أن كرتنا محدودة، وإن فاز بالدورة، سيكون من الضروري تقوية الأندية بالإمكانات المادية والموارد البشرية في التكوين القاعدي.