سذاجة لاعبين ومحرقة مدرب قد لا أوصف بالخيانة إن أنا كشفت مثلا عن متابعتي لمباراة الريال أمام غرناطة أكثر مما استهوتني لذة مشاهدة مواجهة المحليين ومنتخب نيجيريا، لأنها في اعتقادي مسابقة بلا قيمة ولا فائدة ولا خير يرجى منها، أو هكذا أرادها القيمون على شأن جامعتنا الموقرة. منتخب «الشان» خرج من الخيمة ومن هنا أصلا بلا «شان» منذ اللحظة التي فرض فيها على سائق حافلة الفريق الوطني تدبير ثمن «المازوط» للوصول للمعمورة، حيث عسكر المحليون من دون تدبير احترافي ومن دون بوصلة. الذين أفقدوا مسابقة الشان محتواها هم علماء الجامعة الذين اختاروا المدرب بنعبيشة المسكين ليرموا بين يديه جمرة خبيثة إلتقطها بحسن نية كي تحرقه وتحرق معه ذهبه المتوسطي وفضته الفرنكفونية، بعدما طوعوه على المقاس الذي أرادوه كي تنتهي وللأبد أسطوانة المدرب الوطني ويلحق بنعبيشة بالطوسي والتركيبة الرباعية وباقي السلف الصالح. والذين جعلوا فئة غير قليلة من شعب الكرة تختار مشاهدة الريال على ملاحقة جديد المحليين، هي اختيارات بنعبيشة نفسه وعبقريته التي تفتقت ليقنعنا أن الكرتي والسعيدي وأصباحي وباقي عاطلي الوداد، يمكنهم أن يفوا بالغرض على حساب الخاليقي وجاحوح والكناوي وآخرون. المراهنة على حارس يسابق الزمن ليحطم رقم الإيطالي زوف والكولومبي هيغيتا والإنجليزي شيلطون، ليكون اكبر حارس معمر بملاعب الكرة، حارس أعلن اعتزاله غير ما مرة وعلق قفازه وأثبتت تجارب الكرة وقذائف المسددين عن بعد مع الوداد أو مع الأسود على أنه تجاوزه الزمن، وإستبعاد العسكري أول حارس يتم اختياره لجائزة الأفضل في مونديال الأندية، من ضمن القرارات التي أحبطت العقلاء و«كرهتهم» في متابعة هذه المسابقة. حين تكلم الطوسي بعفوية وهو يتلقى «طريحة» بدار السلام أمام منتخب تنزانيا، ولام لاعبي البطولة ووصف ما قدموه بالساذج، ليفطن متأخرا ويعيد حساباته بالمراهنة على المحترفين، قامت الدنيا ولم تقعد واتهم الطوسي بالتحامل في وقت شاهد الجميع يومها كيف أن بورزوق أهدر «قفة» أهداف وكيف أن ساماطا «سمط» الشاكير وحمال ولمياغري ومعه حكم علينا بخروج مبكر من سباق المونديال. وليأتي المشهد الذي مسخ منتوج بطولة تحمل تجنيا وصف «الإحترافية» أمام نيجيريا ليلخص حقيقة الأشياء ليعكس كثير من الأشياء التي استغرقت منا نقاشا بيزنطيا حول أفضلية المحترفين أم المحليين؟ لو نحن قبلنا بنظرية أن الجولة الأولى جولة لاعبين والثانية جولة مدربين، فإن الخلاصة الطبيعية لهذا التقسيم ستقودنا لنتيجة صاعقة وهي أن ستيفان كيشي هزم بنعبيشة بالكاو وبالتالي عرى آخر أوراق التوت عن الإطار الوطني. أما لو نحن سايرنا ما تقوله «بلاطوهات التحليل» من أن المسؤولية في الإنهيار البشع للاعبي الفريق الوطني في الجولة الثانية، فضح ما فضحه قبلهم عبد المالك أبرون والذي كان محقا في تحليله بخصوص الإفلاس البدني للاعبي البطولة والطريقة الكارثية التي يتم من خلالها تحضيرهم بدنيا، وهنا طامة أخرى عنوانها «حزموا لاعبي البطولة ولا تعولوا عليهم». شخصيا كنت سأتعاطف مع بنعبيشة أكثر لو أنه تخلى عن اسطوانة الواجب الوطني وباقي المفردات الخشبية للمهرولين خلف المناصب وبعدها يعدون ل «التقلاز» من تحت «الجلابة» بالقول أنه لم يتقاض راتبه منذ فترة، ولو أنه تحلى بالجرأة ليرفض الإشتغال بالشروط التي فرضت عليه قبل السفر بأسبوعين لا غير. وكنت سأتعاطف مع بنعبيشة لو أنه لم يكرس ما قاله زملاؤه داخل الوداد بالصريح الفصيح وفي مقدمتهم العلالي من أنه اختار تشكيلا بالعاطفة، وراهن على الشبان الذين سافروا معه لنيس وميرسن التركية وأندونيسيا ولم يراهن على رفيق والمباركي والراقي ولمياغري وكروشي وباقي المتجاوزين للثلاثين وشوية. لقد ذبح بنعبيشة نفسه بغير سكين، وأحرق لاعبو البطولة أنفسهم وهم يكذبون على أنفسهم ويصدقوا حكاية الملحمة، لأنها سبة حقيقية ووصمة عار على جبين الكرة المغربية أن يكون الإنتصار على أوغندا ملمحة، بعد تعادل من زيمبابوي وبوركينافاسو اللذين تلعب بطولتهما على ملاعب رملية ومن 12 فريقا وخسارة ساذجة أمام نيجيريا. الآن ستأتي الجامعة القادمة لتقول وبالفم المليان «الإطار الوطني» غير صالح ولاعبو البطولة متجاوزون، وهم في ذلك أصحاب شرعية بعد أن أعطاهم بنعبيشة حق إصدار الحكم بخسارة مذلة سيكتبها التاريخ في سجلات المدربين المغاربة الذين حرقتهم جنوب إفريقيا في مناسبتين. منعم بلمقدم