أسفي عليك يا بونو حكاية الحراس مع الصدفة ورب ضارة نافعة تفوق الرقم واحد الذي يضعوه على ظهورهم، صدف تشرع باب الأمل على البعض وتعدم ما تبقى من مشوار لدى آخرين.. تذكرت حالات غريبة في كرة القدم ساهمت في توثيق شهادة ميلاد حراس على حساب آخرين بذات القدر الذي دفنت فيه من سبق وشيعتهم بشهادة مغادرة لم تكن طوعية يومها. في مونديال إيطاليا وهي نفس السنة التي ستشهد ميلاد الحارس ياسين بونو، ولد حارس أرجنتيني عملاق من رحم الصدفة، إسمه غوي غوتشيا والذي دخل احتياطيا لمعمر لم يعش زمن وشعار «إرحل» إسمه بومبيدو فظل يلعب لما بعد الأربعين رفقة شيلطون الإنجليزي، بومبيدو أصيب أمام الكامرون بعد ارتقاء مع صومعة إسمها أومام بييك ليصاب بشرخ في عموده الفقري، وليتقاسم غوي غوتشيا بعدها النجومية التي كانت تحتضر بين يدي الأسطورة مارادونا، بصداته الشهيرة لجزاءات يوغسلافيا السابقة وقهره للبرازيل بنجمها كاريكا، لغاية العبور للنهائي، عاد بعدها بومبيدو من الإصابة لكن في بلاد الطانغو آمنوا أنه من أكل حقه عليه أن يغمض عينيه، فبقي حارس الصدفة هذا هو حارس الأرجنتين. قبله بزمن بعيد عندنا ظهرت رب ضارة نافعة هذه لتقدم لنا أسطورة كروية حية إسمها الزاكي، بعد صعقة الجزائر والخماسية التي قسمت ظهر كليزو والهزاز، حيث صدر مرسوم بترسيم الزاكي من يومها حتى وإن استقبلت شباكه في الجزائر 3 أهداف، ليربح الفريق الوطني حارسا ما زال من استنسخ نعجة «دُولِي» عاجزا عن تقديم وصفة هرمونات لإنجاب خليفة له بنفس المقاسات. والصدفة هي من جعلت الزنيتي اليوم بطلا بفاس بعد أن انتهى عقد أيت بولمان ورفض تجديده وإلا لما ظهر في شباك الماص الزنيتي ولما قهر الوداد وذبح الإفريقي.. الصدفة قادت كاسياس في لقاء نهائي في عصبة الأبطال التاريخي أمام فالنسيا بباريس لخلافة بودو إيغنير العملاق الألماني الذي أصيب بالبرازيل، وهي ذاتها الصدفة التي مكنت القديس الإسباني من تعويض سيزار في اللقاء التاريخي الثاني أمام ليفركوزن في اسكتلندا وسرق الأضواء بصداته العجيبة لبالاك ورفاقه حتى من هدف زيدان العجائبي. وبالعودة لبونو بيت القصيد والمقصد، فهو أيضا إبن شرعي لهذه الصدفة التي حكمت على لمياغري بعطالة فاقت شهرا في مران عادي جدا، لتفتح المعابر أمام كل العالم ليكتشف بونو، وقلت العالم لأن الطلة الأولى برادس أمام الترجي كانت في مباراة ترتقي لهذا التصنيف، ليس الوداديون وحدهم من تعاطفوا مع حارس قهرته رطوبة دكة البدلاء، وتجمدت عروقه وعضلاته من فرط برودة ثلاجة مفروضة بترسيم أبدي ودائم للمياغري، وجرأة معدومة لكل من مر من محراب الفريق الأحمر مدربا كان أم مسيرا ليمنحه ربع فرصة ممكنة؟ اليوم يعد المغاربة اللحظات لعودة ناذر لتأمين شباك عرين أطلسي مهزوز بغياب عملة إسمها حارس صاحب إشارات الأمان التي تكفي شعبا من وضع يديه على قلبه كلما هممنا بدخول معترك حدث ذو قيمة، ومعها يعد بونو الدقائق في انتظار لحظة التشييع التي تعيده لخندق الظلمات بعدما أطل ملكا واثق الخطوات يمشي، كاسبا موجة تعاطف وتقدير لما أبلاه بين خشبات الحمراء. لا أحد يتمنى أن يواصل نادر عزفه الحزين مع قدره السيء وإصابة يتعافى منها بشخصية فولاذية لا تنكر عليه، ولا أحد ينكر تطلع كل الجمهور المغربي لعودة لمياغري قبل مونديال الصحراء الإفريقي لفرض كاريزما يعدمها غيره في نفس المحيط الذي يحرسه، لكن مقابل كل هذا لا أحد يتمنى أن يعدموا آمال حارس يجمع الكل على أنه مشروع زاكي جديد يحتاج للصقل ويحتاج لمن يقص شعره لينبهه أن نجومية الحراس تصنعها تضحيات التداريب الإضافية وليست تقليعات الشعر. آسفي كبير على بونو هذا ليقيني التام أن دوكاسطيل لن يجرأ على رفع الفيطو في وجه ناذر حين يلبس قفازاته، لأنه يدرك أن الحارس الذي ينبري لإخماد حرائق إخفاقاته مع الجمهور ليصلح ما أفسده هو والدهر، فور خروجه من غرفة التخدير، قادر على أن يفتح بوابة جهنم في وجهه إن بخسه حقه المكتسب بالأقدمية، ليستعمل نفس القفازات لأغراض أخرى.. وآسفي الأكبر هو يقيني التام بأن بونو سيرضى بالعودة للعب دور الكومبارس بعدما شغل دور البطولة المطلقة لأيام، لذلك سيفقد الكثير من أسهمه، فالكرة فن مثل السينما والمسرح، لها هوليودها ولها نجوم الشباك أيضا، ولمياغري واحد منهم..