لم تكن حصيلة الوداد البيضاوي هذا الموسم بالإيجابية بالرغم من كل الإمكانيات المادية والبشرية التي رصدت من قبل المكتب المسير، وهكذا خالف الفريق الأحمر كل التوقعات، وخيب آمال عشاقه حين اكتفى بلعب أدوار ثانوية على مستوى البطولة الوطنية، إذ أنهاها باحتلال المرتبة السابعة، كما خرج خاوي الوفاض من منافستين لكأس العرش، وعجز كذلك عن حسم نهاية دوري أبطال العرب لصالحه، وفي هذا السياق سوف نحاول الوقوف على حصاد الفريق البيضاوي من بدايته إلى نهايته· جمع عام مبكر كان فريق الوداد سباقا لعقد جمعه العام العادي، إذ جاء في وقت مبكر من بدايات شهر يونيو، وجاء ذلك برغبة من الرئيس الطيب الفشتالي الذي فضل الإنسحاب بعد موسمين فقط على رئاسة الوداد، استطاع في الموسم الأول الحصول على لقب البطولة بعد عدة سنوات عجاف، لكن ذلك لم يشفع له لدى المحبين الذين طالبوا برأسه، بعد الفشل في الحفاظ على هذا اللقب، وكان الهدف من هذا الجمع المبكر هو إتاحة الفرصة للرئيس القادم أو للمكتب الجديد من أجل الإعداد بشكل جيد للموسم القادم، والتخطيط بإحكام لمستقبل الوداد، وهكذا تم انتخاب المرشح الوحيد للرئاسة السيد عبد الإله أكرم ليخلف الفشتالي في منصبه، وتم ذلك بإجماع المنخرطين الذين راهنوا على ابن المدينة القديمة لإعادة كتابة تاريج جديد للوداد واستعادة الأمجاد السابقة للفريق الأحمر· سباق التسلح وحرب النجوم لم يكن صيف الفريق الأحمر عاديا، فمباشرة بعد نهاية البطولة باحتلاله للمرتبة الرابعة وتأهيله لدوري أبطال العرب، أعلن الرئيس عبد الإله أكرم عن نيته في اكتساح الألقاب، وذلك حين بادر الإتصال بمجموعة من اللاعبين حتى قبل تكوين المكتب المسير أو الإعلان عن الإطار التقني الذي سيقود الجوقة الحمراء، بل إنه لم يكن بحاجة للجنة تقنية بإمكانها تحديد الخصاص الذي يعاني منه الفريق، وهكذا سخر الأكرم إمكانيات مادية مهمة لدخول السباق نحو التسلح بالنجوم، وظل الجمهور يتابع عن كتب أخبار الوداد ومستجداته والصفقات الكبيرة التي أبرمها "أكرموفيتش" حتى أن البعض أصبح يلقب الفريق الأحمر بتشيلسي المغرب بالنظر لقيمة النجوم الذين دخلوا القلعة الحمراء، فليس من السهل على أي فريق مغربي جمع كل هذه الكتيبة من اللاعبين المتميزين، بداية بالجزائري حمزة يسيف والهداف بيضوضان والمهاجم سقيم، ثم فوزي لبرازي والحارس كريم فكروش إلى جانب توقيع العقد مع القيدوم اللويسي الذي كان قريبا من الإلتحاق بالبطولة التونسية، إنها بالفعل أسماء كبيرة جعلت الجمهور الودادي يطمئن على فريقه ويرى فيه الحصان الأسود القادم للتفوق على كل الخصوم مهما بلغت قوتهم، ويراهن عليه كأقوى المرشحين للمنافسة على كل الألقاب· إستقالة مفاجئة لفينغادا بعد أن تعززت الصفوف واكتملت التركيبة البشرية، تم اختيار القائد والربان القادر على قيادة سفينة الحمراء نحو المجد والألقاب، وكان لابد من انتداب إطار معروف على الصعيد الدولي، ومدرب من قيمة الوداد ونجومه، وبالفعل فقد لقي إسم لينو فينغادا كل الإرتياح بالنظر لإنجازاته السابقة مع المنتخبات والأندية التي أشرف عليها، لكن مقامه لم يدم طويلا على رأس الحمراء، فبعد حوالي ثلاثة أسابيع من الإرتباط، قرر الإطار البرتغالي الإنسحاب وإعلان إستقالته من منصبه، وجاء ذلك حيث كان الفريق يجتاز معسكرا تدريبيا بالبرتغال وبالضبط في مركز كوينتاد دنيبيرو، واختلفت التأويلات المتعلقة بهذه الإستقالة المفاجئة ما بين من يقول بأن الإطار البرتغالي لم يكن راضيا عن التركيبة البشرية للفريق الأحمر والطريقة التي تمت بها الإنتدابات، وبين من يقول بأن فينغادا لم يكن محترفا ونصب على الوداد وكانت الإستقالة إحدى العوامل التي جعلت الفريق البيضاوي يعاني من مجموعة من المشاكل، إذ لم يكن معسكر البرتغال في المستوى ولم يستفد منه الفريق أي شيء، وعلى العموم فإن مكتب الوداد قرر إرسال الإطار الوطني عزيز بنيج للبرتغال لإعداد تقرير مفصل عن هذا المعسكر وتقديمه للإطار الذي سيتم تعيينه لخلافة فينغادا· بداية قوية عاد الوداد من معسكر البرتغال، ليشارك في دوري المرحوم النتيفي تحت قيادة الإطار عزيز بنيج، وتمكن من الفوز باللقب ليسلم مقاليد القيادة للمدرب البلغاري بلامين ماركوف ويكتفي بدور المساعد، وبالنظر لإقفال أبواب مركب محمد الخامس في وجه الأندية البيضاوية، فإن أول دورات البطولة فرضت على الوداد الإستقبال بملعب الأب جيكو، والخصم هو الضيف الجديد على أندية الصفوة، ولو أن الفوز جاء بصعوبة، لكن الحصة كانت عريضة، حيث كانت الثلاثية في مرمى الكاك من توقيع السعيدي وسقيم في مناسبتين كفيلة بإعلان الوداد كمرشح فوق العادة للمنافسة على اللقب الوطني، كما أرسل هجوم الفريق رسالة واضحة لدفاعات الخصوم ولحراس المرمى محذرا إياهم بضرورة إلتزام الحيطة، وهكذا جاء الفوز الثاني على الفتح تم التعادل في اللقاء المؤجل أمام الحسنية بأكادير والفوز خارج القواعد على النادي المكناسي ليتموضع الفريق البيضاوي في موقع مريح بمقدمة الترتيب، وهي البداية التي كان يتوخاها عشاق الحمراء كما خطط لها المكتب المسير بكل الإنتدابات المدوية التي أقدم عليها، خاصة بعد الفوز العريض على المولودية الوجدية (41) وحملت الأهداف توقيع رفيق في مناسبتين ثم اللويسي والسعيدي· الديربي بداية التراجع لابد من الإشارة إلى الفوز الهام الذي حققه الوداد على الغريم التقليدي الرجاء في افتتاح الموسم، وذلك بمناسبة إقصائيات كأس العرش، وهو الفوز الذي منح اللاعبين شحنة معنوية في المنافسات الأخرى ونقصد البطولة ودوري أبطال العرب، لكن دوام الحال من المحال، إذ جاء الإقصاء في نصف النهاية بمدينة طنجة أمام الفريق العسكري ليبخر آمال الجماهير الودادية التي كانت تراهن على الفوز بهذا اللقب ليفتح لها شهية باقي الألقاب الأخرى كما كانت الهزيمة في الديربي الذي حولت وجهته صوب العاصمة الرباط بفعل الأحداث اللارياضية التي رافقت ديربي كأس العرش، أقول بأن هذه الهزيمة شكلت بداية لتراجع مستوى الحمراء على مستوى النتائج وأيضا على مستوى الترتيب، لينطلق مسلسل الإحتجاجات على المدرب بلامين ماركوف، وذلك كتعبير عن عدم الرضى على أسلوب لعبه وكذا اختياراته البشرية إلى جانب اتهامه بعدم القدرة على فرض شخصيته بكرسي الإحتياط، وجاء التعادل الأول داخل الميدان أمام المغرب التطواني ليضاعف من ضغط الجمهور على المكتب المسير، فكانت التضحية بالمساعد عزيز بنيج في إجراء اعترف من خلاله المكتب بارتكاب خطأ حين اتخاذه، وذلك قبل أن يطيح التعادل أمام المسيرة بالعيون برأس المدرب البلغاري بشكل رسمي· كفالي الفاشل لم ينتظر مكتب الوداد طويلا للإعلان عن خليفة للمدرب البلغاري، ليقع الإختيار على ممثل المدرسة الفرنسية جان ميشيل كفالي وإلى جانبه فخر الدين رجحي، لكن التواصل لم يستمر طويلا بين الرجلين ليقرر هذا الأخير الإنسحاب، خاصة بعد أن توالت النتائج السلبية، إذ لم يستطع كفالي إصلاح الإعوجاج وتحديد مكامن الخلل، ومني فريقه بثلاث هزائم متتالية أمام الإتحاد الزموري للخميسات بمركب محمد الخامس وبالجديدة أمام الدفاع الحسني الجديدي وبآسفي أمام الأولمبيك، ليتحول الوداد مع كفالي إلى فريق عادي بإمكان أي فريق آخر أن يتفوق عليه سواء داخل ميدانه أو خارجه، وبذلك سقطت المناعة وتلاشت هيبة الشياطين الحمر، وأصبح الفريق يمر من مرحلة فراغ قاتلة صعب الخروج منها، خاصة في ظل ضغط الجماهير الودادية ومطالبتها بإبعاد مدرب أثبت فشله حينما لم يزد الأوضاع إلا سوءا وتعقيدا، لكن التعادلين أمام كل من الجيش الملكي والكوكب المراكشي برسم اللقاء المؤجل عن الدورة الخامسة وبالأخص الفوز بمدينة فاس على فريق الماص بثلاثية نظيفة مددت من مقام الإطار الفرنسي بالقلعة الحمراء وشفع له الإنشغال بدوري أبطال العرب والنتائج الجيدة التي تم تحقيقها في هذه المنافسة· الميركاتو والصفقات الخاسرة صادفت المرحلة التي تولى فيها المدرب كفالي زمام الإدارة التقنية حلول الميركاتو الشتوي، وحينها طالب كل من مراد فلاح ومحمد مديحي بالرحيل نتيجة الضغط الجماهيري من جهة، ومن جهة أخرى لغياب التواصل مع الإطار الفرنسي خاصة بالنسبة للاعب مديحي الذي ظل أسير كرسي الإحتياط، بالرغم من احتلاله لصدارة هداف دوري أبطال العرب برصيد خمسة أهداف، وكان لابد من تعويض اللاعبين معا بعناصر جديدة في المستوى، لكن الخلف لم يكن في مستوى الطموحات، أو أنه لم يتم استغلاله بالطريقة المثلى خاصة اللاعبين الإفريقين ساديو ساو ومامادو طال، حيث غابا عن العديد من اللقاءات، هذا في الوقت الذي غادر فيه الجزائري حمزة يسيف أرض الوطن بعد أن أخرجه المدرب كفالي من لائحته ومفكرته، مع العلم أنه كلف خزينة الفريق مبالغ مالية مهمة، وهكذا دفع الوداد ثمن القرارات الخاطئة للإطار الفرنسي ولم يستفد أي شيء من هذه الإنتقالات الشتوية بقدر ما أضاع عناصر مجربة كان في أمس الحاجة لخدماتها· أوسكار يعود للواجهة في ظل استمرار تواضع نتائج الوداد مع المدرب كفالي على مستوى البطولة المحلية، فإن المكتب المسير فضل الإنفصال عنه وتعيين إطار جديد وإلى جانبه المساعد رشيد الداودي الذي تحمل مسؤولية قيادة الوداد بمصر أمام طلائع الجيش، حيث عاد بالتعادل الذي صعد بالفريق للمربع الذهبي، كما تعادل بمركب محمد الخامس أمام الكوديم ليسلم المشعل للأرجنتيني أوسكار فيلوني ويتم التركيز بعد ذلك على الدوري العربي بعد أن ضاعت كل الحظوظ للمنافسة على لقب البطولة، حيث اتسعت الهوة مع أندية المقدمة، ولم تكن الوضعية مع الساحر الأرجنتيني بأفضل حال بالرغم من الفوز الأول داخل الميدان على الدفاع الحسني الجديدي، إذ جاءت هزيمتين متتاليتين أمام المولودية الوجدية بوجدة وأمام الرجاء بالرباط لتؤكد للجمهور الودادي بأن هناك خلل ما يعياني منه الفريق، وغاب الإستقرار على مستوى النتائج في باقي دورات البطولة· حصيلة، أرقام ودلالات كما هو معلوم، فإن الوداد قد أنهى البطولة باحتلاله للمرتبة السابعة، وهو ما لم يحصل منذ موسم (7475)، حيث احتل الفريق الصف التاسع، ولم يجمع سوى 42 نقطة وهو أضعف رصيد يحصل عليه الوداد في تاريخ مشاركاته بالبطولة، وجمع هذه النقط من عشر انتصارات و 12 تعادلا وثمانية هزائم، سجل هجوم الفريق 27 هدفا ودخلت شباكه 22 هدفا، في حين بلغت أهداف الفريق على مستوى دوري أبطال العرب 23 هدفا، وحافظ مديحي على مكانته كهداف أول للوداد في هذه المنافسة العربية برصيد خمسة أهداف، أما التركيبة البشرية التي اعتمد عليها المدربون الذين تعاقبوا على الإدارة التقنية للحمراء فتصل لأزيد من 35 لاعبا، ما يفسر اختلاف الرؤى لدى كل مدرب، فيكفي أن مركز الظهير الأيمن قد تعاقب عليه سبعة لاعبين ليتبين بالواضح ما وصل إليه الفريق من التواضع وعدم الإستقرار، ويبدو من جهة أخرى قد دفع ثمن التغييرات التي طرأت على إدارته التقنية، حيث أشرف على تدريب الفريق منذ مرحلة الإعداد سبعة مدربين بداية بفينغادا مرورا بعزيز بنيج ثم ماركوف وكفالي وفخر الدين وأخيرا الداودي وأوسكار، وهذا ما لم يسبق أن حدث في تاريخ الوداد· وبالعودة لحصيلة كل مدرب على مستوى البطولة، فإن البلغاري ماركوف يبدو متفوقا، بجمعه لخمسة عشر نقطة من ثماني مقابلات فقط جمعها من أربع انتصارات وثلاث تعادلات وهزيمة واحدة، يأتي بعده أوسكار الذي حصل بدوره على نفس العدد من النقط من عشر مقابلات (4 انتصارات، 3 تعادلات و 3 هزائم)، في حين تبدو حصيلة الفرنسي هي الأضعف، إذ قاد الوداد في 11 مقابلة جميع فيها 11 نقطة من انتصارين وخمس تعادلات وأربع هزائم، وحصل الداودي على نقطة واحدة من مقابلة واحدة· نهائي دوري أبطال العرب دون تتويج الفشل على مستوى البطولة المحلية وكذا على مستوى كأس العرش، حيث جاء الإقصاء مجددا أمام شباب هوارة وبحصة عريضة، هذا الفشل قابله تألق على مستوى دوري أبطال العرب، إذ ظهر الفريق بمستوى جيد في مجموعة من المقابلات سواء داخل الميدان أو خارجه، وخاصة أمام الطليعة السوري وكذا في نصف النهاية، حين عاد الوداد بنقط الفوز من ميدان الفيصلي الأردني، وهو الفوز الذي عبد الطريق أمام أشبال المدرب أوسكار للمقابلة النهائية، لكن الفريق الأحمر لم يقو على مجاراة الإيقاع الذي فرضه الفريق الجزائري وفاق سطيف خلال الجولة الثانية من لقاء الذهاب، في حين خانه الحظ والتركيز في الجولة الأولى، حيث ضاعت عليه مجموعة من الأهداف السهلة، وجاءت الهزيمة بهدف مباغث للهداف فريد طويل لتجعل مهمة الوداديين في لقاء الإياب بالبليدة الجزائرية أمرا صعبا، إن لم نقل مستحيلا، وبذلك فشل الوداد من إنقاذ موسمه واكتفى بمركز الوصيف وجائزة المليار دولار· الأمل في المستقبل بالرغم من فشل المدرب أوسكار فيلوني في مهمته التي جاء من أجلها ألا وهي الفوز بدوري أبطال العرب، إلا أن من بين حسناته منحه الفرصة لمجموعة من العناصر الشابة الواعدة ليبرهن مرة أخرى للجميع، بأن مدرسة الوداد غنية بالمواهب وبإمكانها أن تقدم عناصر في مستوى فريق الكبار، وبهذه العناصر الشابة تمكن أوسكار من تحقيق نتائج مفاجئة خارج الميدان كالفوز بتطوان وبالرباط على صاحب اللقب، وبرز كل من سكوما، جوهري، الترابي، بالأخضر، وأسماء أخرى برهنت للجميع بأنها قادرة على الدفاع عن قميص الحمراء، إذا منحت لها الفرصة وحظيت بكامل الثقة، وهذا ما جعلنا نطمئن على مستقبل الوداد وقدرته على الإستمرار، وتدارك كل ما ضاع في موسم يمكن اعتباره من أسوء المواسم في تاريخ الفريق الأحمر·