يحبس مشجعو "بوكا جونيور" و"ريفر بلايت" والأرجنتينيون جميعهم أنفاسهم بانتظار موقعة إياب نهائي كأس ليبيرطادوريس التي ستدور رحاها بين الغريمين الأرجنتينيي ن عصر يوم غد السبت على أرضية ملعب "إل مونيمونطال" التاريخي ببوينوس أيريس. وبعد مباراة الذهاب 2-2 التي احتضنها معقل "بوكا" ممثلا في "لا بومبونيرا" يوم 11 نونبر الجاري، حجبت هذه المواجهة غير المسبوقة، التي وصفها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ب "أم جميع النهايات"، كل ما عداها من أحداث وتطورات تعرفها الأرجنتين كالأزمة الاقتصادية المتفاقمة وجرائم القتل والاعتداءات وقمة مجموعة العشرين. وتصدرت المواجهة المرتقبة، التي يمني الأرجنتينيون النفس بأن لا يتم إرجاؤها على غرار مباراة الذهاب بسبب سوء الأحوال الجوية، اهتمامات الرأي العام وأحاديث الناس في المقاهي ووسائل النقل والشوارع، وسرعان ما انتقل هذا الشغف بالمستديرة والتوقعات المرتبطة بالنتيجة إلى شاشات القنوات الفضائية والصحف المحلية التي أفردت حيزا واسعا من اهتماماتها لهذا العرس الكروي غير المسبوق في تاريخ هذه المنافسة القارية. وعلى غرار ذهاب هذا النهائي التاريخي الذي يجمع بين ناديي العاصمة الأرجنتينية للمرة الأولى في مسابقة كأس "ليبرطادوريس" الأميركية الجنوبية، المماثلة لعصبة أبطال أوروبا، التهبت أسعار بطاقات الولوج إلى ملعب "إل مونيمونطال" إلى مستويات جنونية في السوق السوداء تجاوزت 4 آلاف دولار أمريكي، فيما لم يكن سعرها الأصلي يتجاوز 70 دولارا. وتثير هذه المواجهة الكروية مخاوف من انزلاقات وأعمال عنف بين مشجعي الناديين الأكثر شعبية بالأرجنتين. فإذا كانت نتيجة مباراة بين فريقين مغمورين ينتميان إلى القسم الثالث ضمن بطولة كرة القدم الأرجنتينية قد أفضت إلى مواجهات ضارية بين المشجعين وعناصر الشرطة أول أمس الأربعاء بشوارع بوينوس أيريس، فإن مخاوف مسؤولي الناديي ن والجامعة الأرجنتينية لكرة القدم من اندلاع مواجهات دامية بين أنصار ومشجعي الغريمي ن التقليديي ن عقب انتهاء هذه المباراة تبقى في محلها. وتجنبا لأعمال العنف والحؤول دون تحول الشغف باللعبة إلى مأساة تحصد الأرواح، ناشد رئيسا فريقي "بوكا جونيور" و"ريفر بلايت"، على التوالي، دانييل أنخيليكي، رودولفو دونوفريو، ورئيس الجامعة الأرجنتينية لكرة القدم، كلاوديو فابيان تابيا، في مؤتمر صحافي مشترك، مشجعي الناديي ن ومختلف الأرجنتينيين إلى الاستمتاع بهذا النهائي التاريخي والإبقاء عليه في إطاره الرياضي حصريا أيا تكن الجهة التي ستظفر بالكأس البالغة قيمتها ملايين الدولارات. ورأى أنخليكي أنه على "جميع الارجنتينيين الإحساس بالفخر على إثر تمكن فريقين محليين من الوصول إلى نهائي هذه المسابقة القارية، يجب أن نستمتع بنهائي السبت المقبل بسلام ومع العائلة". وأضاف "من سيفوز بالكأس سيستأثر بكل السعادة إلى جانبه، فيما سيكون الحزن من نصيب من سيخسر هذا النهائي، لكن في اليوم الموالي سيتعين عليه مباشرة العمل وتحديد أهداف جديدة، لأن كرة القدم هي هكذا". واعتبر رئيس ريفر "أن هذا النهائي لعبة، لعبة بالأرجنتين وبالعديد من مناطق أمريكا الجنوبية يعبر عنها من خلال الشغف بها، إن من يفوز بهذا النهائي سيكون سعيدا وسيحتفل بفوزه، ومن خسر، سيكون له شرف التأهل إلى المباراة النهائية". واستطرد قائلا "في اليوم الموالي لهذا النهائي سيواصل جماهير المستديرة حياتهم اليومية، سيواصل كل منهم عمله ويومياته كالمعتاد، حينما أسمع (بعض المشجعين) يتحدثون عن هذا النهائي باعتباره معركة حياة أو موت فإني اعتبر هذا الرأي مجرد غباء". "إن الفائز بالكأس سيحتفل فيما سيعاني من خسر هذا النهائي، ولكن نتيجة هذه المباراة لن تغير الحياة، الحياة ستستمر، استفيدوا من أشياء ممتعة ككرة القدم التي تمكننا من الوحدة وبناء الجسور مع بعضنا البعض، أ ثبتوا أنه في الأرجنتين، كرة القدم يمكن أن تكون جسرا نحو الوحدة، جسرا نحو التقريب في ما بيننا". واختار رئيس الجامعة الأرجنتينية لكرة القدم الإشادة بجهود التي بذلها الفريقان الأرجنتينيان من أجل التأهل إلى نهائي هذه المسابقة القارية، قائلا إنهما ارتقيا بكرة القدم الأرجنتينية إلى أعلى مستوى بأمريكا الجنوبية والعالم، لكنه سرعان ما دعا إلى "توخي النضج وتقبل نتيجة" هذه الموقعة الكروية. وأفادت صحيفة "أولي" الأرجنتينية أن مشجعي "بوكا جونيور" حطموا رقما قياسيا في ما يتعلق بحضور تداريب فريقهم أمس الخميس بمعقلها "لا بومبونيرا"، استعدادا لمواجهة "ريفر بليت"، مؤكدة حضور 50 ألف مشجع لهذه التداريب وهو ما يعكس جانبا من تعلق الأرجنتيينيين بكرة القدم. ولتفادي حدوث أعمال عنف بين أنصار الفريقين، تقرر عقد مبارتي الذهاب (11 يونيو) والإياب (24 يونيو) بحضور مشجعي الفريق المستضيف الذين سيكون باستطاعتهم لوحدهم متابعة أداء فريقهم انطلاقا من المدرجات. وحجز ممثلا كرة القدم الأرجنتينية قبل أسابيع بطاقتيهما على حساب ممثلي البرازيل، إذ تمكن "ريفر بلايت" من الوصول إلى نهائي "ليبرطادوريس" بفوزه على مضيفه "غريميو بورتو أليغري"، حامل اللقب 2-1 إيايا بعدما كان خسر 0-1 ذهابا في بوينوس أيريس، ولحق به "بوكا جونيو" بتعادله مع مضيفه "بالميراس" 2-2 إيابا بعد أن تغلب عليه 2-0 ذهابا في بوينوس أيريس. وسبق للناديين الأرجنتينيين أن التقيا في إطار هذه المسابقة القارية، وتعود أحدث مواجهة بينهما في هذا السياق إلى مباراة ربع النهائي في 2015، وهي السنة التي توج فيها "ريفر بلايت" بلقبه الثالث. ويعود الفوز الأخير ل "بوكا جونيورز" بلقب المسابقة إلى 2007 عندما ظفر بلقبه السادس، ويسعى إلى معادلة الرقم القياسي الذي بحوزة النادي الأرجنتيني إنديبنديينتي صاحب 7 ألقاب في المسابقة. يذكر أنها المرة الأخيرة التي سيقام فيها الدور النهائي ل "كوبا ليبرطادوريس" بنظام الذهاب والإياب، حيث تقرر اعتماد نظام المباراة النهائية اعتبارا من العام المقبل من هذه التظاهرة الرياضية التي ستسضيفها العاصمة الشيلية سانتياغو.