كيف يكون تسابقنا رهيبا على روسيا في الصيف الماضي، لمواكبة نهائيات كأس العالم التي عرفت الحضور الخامس من نوعه لأسود الأطلس في أكثر الأحداث الكروية العالمية، ولا يكون لنا أي وجود ببوينس أيريس الأرجنتينية، لتغطية الألعاب الأولمبية للشباب والتي أبرزت من جديد ممكنات هذا البلد، وقدرته على صناعة التميز عالميا، برغم عديد المثبطات التي تفشل العزائم وتقهر الهمم؟ قطعا ليس لنا أي عذر كإعلاميين، في أن ندير الظهر لفئة الشباب وهي تبني مجدها وتقهر كل المعيقات لتحقق حلمها، ولا عذر أكثر من ذلك للجنة الوطنية الأولمبية المغربية، في أنها تركت حدثا تاريخيا كبيرا يؤسس للتفاؤل بروعة المستقبل، من دون أن تنتدب بحسب ما تتيحه إمكانياتها فريقا صحفيا يؤرخ لهذه الميلادات الجميلة، ويشعر الأبطال الشباب العشرين الذين انتزعوا بكل استحقاق تأشيرة العبور لأولمبياد الشباب، بأن وراءهم إعلاما يواكبهم ويؤرخ لإنجازاتهم، فهذه «الباكورات» الشبابية الجميلة هي بالفعل عنوان للأمل في المستقبل، فمن هؤلاء سيخرج أبطال ينافسون على البوديوم في أولمبياد طوكيو 2020 أو أولمبياد باريس 2024. تابعت بقدر ما أستطيع، لغياب مرايا إعلامية عاكسة للأضواء النيزكية المنبعثة بألوان مغربية من حاضرة الأرجنتين، أولمبياد الشباب وقد عرف حضورا قياسيا لرياضيين شباب من المستوى العالي (400 رياضي) يمثلون ما يفوق 200 بلد، وسرني أن الأمل المغربي احتل مرتبة مشرفة للغاية بحصده لسبع ميداليات واحدة منها ذهبية، بل إن ترتيبه فاق في واقع الأمر كل التوقعات، لينبأنا نحن قبل الآخرين، بأن للمغرب ولله الحمد مواهب رياضية في صورة فلتات وجب التنقيب عليها ومرافقتها واحتضانها بكل ما تفرضه رياضة المستوى العالي من تأطير علمي رفيع القدر والقيمة. وإذا كان الرصيد التاريخي لهؤلاء الشباب في نسخة بوينس إيريس، يحيل على ما كنت شخصيا أذهب إليه، من أن الغنى الحقيقي للمغرب هو في رأسماله البشري، وأن هذا الإرث الضخم متى جرى تأطيره واحتضانه ورعايته، متى كان ممكنا أن يرتفع إلى مدارج المجد عالميا، بما يترتب عن ذلك من منافع إقتصادية واجتماعية لا تحصى، إلا أن التحدي الكبير الذي يوضع اليوم على أكتاف اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وبالتحديد على لجنة رياضة المستوى العالي المحدثة بقوة قانون التربية البدنية والرياضة 39-09 من قبل وزير الشباب والرياضة، هو الأخذ بالأسباب والحصائل والحصاد، أي ضم هؤلاء الأبطال الشباب إلى برنامج رياضة المستوى العالي، وتمكينهم مع غيرهم من المتكهن لهم بالذهاب بعيدا، من كل التأطيرات الرياضية والعلمية والنفيسة وحتى السوسيولوجية، ليواصلوا صعودهم في سلم العالمية، ليكون الهدف الأسمى هو مشاهدتهم جميعا ينافسون في أولمبياد طوكيو 2020 على منصات التتويج. وستكون ضربة قاصمة للظهر، أن نرى أبطالا من دول أخرى تفوق عليهم شبابنا في أولمبياد بوينس إيريس بالأرجنتين، يصلون إلى البوديوم الأولمبي بعد سنتين (2020) أو ست سنوات (2024) من الآن، في وقت لم يعد فيه أثر لأبطالنا السبعة المتوجين بالميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، بسبب خواء وفقر أسلوبنا في إعداد رياضيي المستوى العالي. للجنة الوطنية الأولمبية المغربية ومعها تحديدا لجنة رياضة المستوى العالي، موعد جديد مع التاريخ، أرجو أن لا تخلفه، وإلا سيكون ذنب هؤلاء الأبطال الشباب، سوطا يدمي الأعناق.