إشارات عريضة أرسلها رونار عبر مواجهة مالاوي ليؤكد من خلالها ثعلبيته ودهاءه، وكي ينفض عنه كل لوم ممكن حدوثه مستقبلا. أول رسالة أبرقها كانت لمنير المحمدي، ليذكر إبن مليلية أنه لا توجد مباريات مهمة وأخرى تقل أهمية للمنتخب المغربي، وعلى رفضه إخضاع معسكرات ومواجهات الأسود للمزاد يختار متى يحضر ويتخلف متى يريد. رونار رفض قبول فكرة تنقية المباريات خلال الندوة الصحفية التي سبقت مباراة مالاوي، وقال أنه ينزه المحمدي على قول هذا للصحافة الإسبانية، لكنه عاد يوم النزال وهذا امر توقعته شخصيا حين صممنا التشكيل المثالي للمباراة ورسمنا فيه ياسين بونو. ما أراد رونار أن يبلغه للمحمدي، هو أنه لا أحد ضامن لرسميته وعلى أن قميص الأسود هو من صنعهم وليس العكس، لأن المحمدي ومن فرط ما حدث له مع نومانسيا صار أكثر وتوجسا وحرصا على حفظ قفازاته بالأندلس. وما ينبغي على المحمدي إستيعابه هو أن الزاكي ضمه للأسود لمواجهة الأوروغواي الشهيرة بأكادير وكان يومها مجرد إسم مغمور، وعليه أن يكون ممتنا لهذه الدعوة وأن لا يجعل من بنعطية قدوة له..لأن بنعطية العميد وهو يكرر إنتقائيته للمباريات التي يرغب في حضورها وأخرى يتخلف عن موعدها مراعاة لأجندة ومصلحة خاصة، لا تمث لقيم الإخلاص للقميص الوطني بصلة. الفريق الوطني هو من صنع بنعطية يوم كان أول من يحضر لمعسكرات المعمورة لاعبا مغمورا بهواة كليرمون فوت وهو من دله على مسلك الإحتراف بالكالشيو وبأكبر الفرق بعدها. كانت هذه أول رسالة، أما الثانية فهمت أمين حارث الذي يدك كل الحرث الذي حرثه في الفترة الأخيرة، ويبدو أنه يسير بسرعة فائقة في الإتجاه الممنوع. رونار لفت إنتباه حارث في روسيا حين تم إختياره لاعب المباراة أمام إيران من طرف الفيفا، لكنه أبعده للمدرجات في إختيار فاجأ الكل أمام البرتغال وإسبانيا. تصرف رونار بررته أنانية حارث واستغراقه الإستعراضي الذي لم يخدم المجموعة، وليؤكد رونار بتصريح حاسم بعدها أن اللاعب يختلف كليا بين 50 مترا الخلفية داخل الملعب و50 مترا الثانية حين يفقد البوصلة ويفقد القدرة على التركيز. في الصيف تجاوز حارث السرعة المسموح بها وتورط في حادث متهور كلنا يعرف تفاصيله ونهايته وهو أمر لا يهمنا، بقدر ما يهم أن لا يستوعب اللاعب الدرس ويحضر لمعسكر مواجهة مالاوي ويخرج عن النص بما إقتضى معاقبته من طرف رونار وإبعاده ليتابع النزال مع بقية الجمهور. لم يشأ رونار الكشف عن رعونة التصرف ولا تفاصيله، لكنه أوحى بالجانب المهم منه وهو أن اللاعب لم يمتثل للضوابط وخالف التعليمات وهذا وحده يكفي. على حارث أن لا يكرر مسار بوفال ويطفئ جذوته قبل أن يكتمل قبسها ونورها، حالة حارث مختلفة كوننا نعرف نشأته وأسرته والبيئة التي نشأ فيها والقريبة جدا من المجتمع والجمهور المغربي وهذا يكفي أيضا لينصاع اللاعب لما يرده هذا الجمهور وأن يمثل قدوة ولا يصدم من راهنوا عليه ليكون نجم المستقبل داخل الأسود. ثالث البرقيات توصل بها بوصوفة، رونار تعامل بحكمة كبيرة مع القيدوم، لم يشأ أن يلفظه دفعة واحدة تكريما لمسار طويل وسخاء العطاء، فاستدعاه للمواجهة لكن دون أن يدوس على مبدأ ثابت وكلاسيكي وهي أنه لا مكان لعاطل داخل الملعب. رونار دغدغ مشاعر بوصوفة ليحثه على حسم الوجهة قريبا وإلا سيجد نفسه خارج المعسكر المقبل بالكامل. هكذا إستغل رونار مواجهة مالاوي ليمرر رسائله لمن يعنيهم الأمر، وليقول لهم باللغة العيوشية «طراڤاي طراڤاي.. كاماراد أپري»