أخيرا سنشاهد كأسا عالمية بألوان مغربية وسعار أحمر ولهيب راية تأسر القلوب .. وأخيرا سنقرأ الملحمة المغربي بثوب رجال صنعوا لأنفسهم ولبلدهم صهوة العرائس في ليالي العيد الأصغر. وغدا الجمعة سيكون عيدكم الأول إن فزتم بأول رهان، ولا مجال للخسارة ولا التعادل لأنهما لا يحملانا جميعا نحو الحظ الكبير أمام البرتغال وإسبانيا . اليوم يومكم وعيدكم ونحن معكم واهدوا لنا باقة البداية الرائعة أولا من فضلكم .. والله يكون في عونكم. المونديال أطل من دون شك لم يبق على انطلاق المونديال الكوني إلا ساعات لقياس جدوى التحضيرات السليقة ومؤداها على مستوى درجة الثقة والحماس الذي اكتنف أسود الأطلس بعد أن عبروا الإقصائيات بنجاح وانصاعوا مع أنديتهم الأوروبية بإيقاع تنافسي مطلق إلى حتى ما بعد نهايتها بشهر تقريبا. وعندما يعود الأسود إلى الحدث الكوني بعد غياب لعشرين سنة، تفترش الأحلام دفعة كاملة لدى الدوليين كونهم يدخلون غمار ذلك بإرادة الرجال وعزيمة الرجال وحماس إنطلاق صافرة رسمية الحدث. وطبعا كان هذا هو مطلب الرجال والمغاربة ككل ليس للوصول إلى المونديال فحسب، ولكن من أجل قراءة مستقبل هذه المشاركة، ولكن من أجل قراءة مستقبل هذه المشاركة إلى أقصى حد ممكن ولو أن هذا الحلم يبنى على منتخبات عملاقة تحمل أسطولا ثقيلا من النجوم والمبدعين. صحيح أننا لا نملك ذات الصناعة البرازيلية أو الإسبانية أو الألمانية، ولكن لنا رجال من نوع المقاتلين والمحاربين والفنانين والمهرة أيا كانت المقارنات الموضوعة في مجموعة المغرب. ولذلك يمكننا أن نطمئن على هذا المنتوج الجميل كونه يراهن على الوقوف أمام قدر الأقوياء وبدون استسلام . مبنى الوديات وبعد أن إستشف الناخب الوطني تقاريره العامة عن كل الوديات التي جرب فيها كل القيادات لفترة شبه طويلة، أدرك أن عملية الإرتقاء نحو الفوز وإن كانت ضرورة لرفع المعنويات وإنجاح المنظومات الكروية التي يترجمها الأسود، هي أيضا ضرورة لتصحيح الهفوات والحكم على البدائل في الأزمنة التي تصنع فيها الفارق من عدمه مثلما حدث في الشوط الثاني من مباراة استونيا، ورغم كل ما سجل قبل وبعد أن إستقرت اللائحة النهائية في توصيف الأسماء، لا يمكن أن نبدي ذلك الإرتياح الشامل للمجموعة في سياق أن الفريق الأول الذي يطل من الشوط الأول يظل دائما هو صانع الحدث مع أن البدائل بعضها لا يدخل بالتركيز اللازم ولا يملك نفس أدوات ما هو رسمي، وهنا تكمن الفوارق التي لا محيد عنها، وهنا أيضا تلعب أدوار المدرب في في الإختيارات حسب الأزمنة التي تقدم لك الفارق أصلا. وفي كل الأحوال وحتى إن فاز الفريق الوطني بأغلب الوديات، عليه أن يكون ناضجا بدرجة إحترافية عالية في ترسيم مبنى الوديات على أنها طريق ممهد لمضاعفة كل أشكال التحضير الذهني والنفسي والتكتيكي والبدني كابرز علامات التألق الدائم. وأسود الأطلس يعرفون جيدا قيمة هذا المعطى لأنهم محترفون وخبيرون بالضغوط العامة للمباريات العملاقة. أما وأن يلعب الفريق الوطني بصيغة الودي غير مقبول مطلقا لكون ما هو رسمي يجب أن يحضر على نحو ضاغط وبفكر قتالي مادام العالم كله سيشاهد الأسود على حقيقتها. رونار في الفرن وأكثر هذه الأمور الفنية والذهنية والتكتيكية موكولة لرونار لأنه رجل الحدث لأول مرة في تارخه الكروي بالمونديال. وعندما يوضع رونار في الفرن فلأنه هو من إختار فيلقه المؤمن بالثقة الموضوعة على أكتافه، وهو من يريد إسقاط كل النوايا العالمية في صلب المجموعة ولو أن في الكرة غرائب كبيرة، ورونار يحمل هذا الجزء من المفاجآت. وعندما يوضع رونار في فرن حارق فلأنه يرى نفسه أم حكمة الخطة الناجحة لديه أيا كان مبناها لأنه يعرف متى يفوز الفريق الوطني وكيف يفوز ولماذا يفوز؟ وأعتقد أن رونار يعرف كل مؤهلات الفريق وباي طريقة تستهويه مفاتيح اللعب رغم أن الوديات لا يحكمها التفاؤل المطلق بل يحكمها التجريب الناجح وربح رجال المرحلة وفق خطط المباراة. ورونار عندما يدخل رهان كأس العالم أكيد أنه سيجعل من نفسه رجل مرحلة كما يتداول الآن من أنه صنع فريقا وطنيا رائعا ولكن ذلك مفروض أن يتاكد في كأس العالم. إيران .. هذا الثائر الصلب وعندما يخرج مدرب إيران كيروش بتصريحات تهمه هو شخصيا من أنه يعرف المغرب جيدا ويحفظه عن طاهر قلب ولكن المغرب لا يعرف عنه شيء فهو مخطئ تماما لأن من يفكر بهذا الشكل أكيد أن لديه قصور تقني ولا يحترم الخصوم وربما إستفز الأسود أصلا . إلا أن هذا إجراء لا يوليه رونار أية أهمية لأننا كإعلاميين نعرف من هو منتخب إيران ومن هم رجاله وأين يلعبون ولنا تقارير عن كل اللاعبين دوليا ومحليا بانديتهم وحتى أدوارهم المتغيرة بالمنتخب، وغيرها من الأدوات التي تجعل منه فريقا صلبا ويتسم باللياقة البدنية العالية وسرعة الأداء الجماعي والضغط العالي والمهارة التي يملكها بعض من أخطر لاعبيه. وإيران التي تدخل غمار هذا الحدث تحت وطاة غياب ودية أمام اليونان وكوسوفو ما هي إلا شماعة عابرة لأن منتخب إيران لعب 10 وديات منذ تأهله إلى المونديال وهو رقم ليس بالسهل في ظل هذه المرحلة التي تلت تأهله علما أنه فاز بسبع مباريات وتعادل في واحدة وخسر مبارتين من خلال أجندة اختيارية لكيروش لما يفوق 35 لاعبا من أجل الوصول إلى اللائحة النهائية الموجودة في الصفحة الخاصة بإيران والتي يتعزز فيها الأسطول الإحترافي بأوروبا ل13 لاعبا مقابل عشرة لاعبين من البطولة الإيرانية. ومن هذا المعطى يتأكد جليا من أن المنتخب الإيراني يملك لاعبين من المستوى العالي وبخاصة في الوسط البنائي مشكل من حاج صافي وإبراهيمي وشجاعي وتاريمي المصاب (وربما لن يكون حاضرا امام الاسود) وجاهنباخش وديجاغا وعميد أميري ويتقدمهم رجال القناصة من عيار ساردار أزمون وأنصاري فرد وغودوس. ولو تمت قرصنة هؤلاء سنرى فريقنا الوطني بأفضل حال، إذ المحرك الأساسي لهذا المنتخب هم صناع لعبه من الوسط والأطراف إلى الهجوم بقيادة نجمه أزمون وأنصار فرد هداف الأولمبياكوس اليوناني ب17 هدفا متبوعا بهداف أزيد ألكمار الجناح الأيمن السريع جوهانباخش ب 22 هدفا. على من سيعتمد رونار؟ التوليفة المحفوظة لدى رونار تبدو معروفة في سياق مبنى المباريات الودية الثلاث التي زكى فيها بنسبة عالية رجال الشوط الأول مع ملح بدائل أعطيت لها نسب التنافسية والإنسجام ، إلا أن الإختلاف القائم والأكثر جدلا هو الأطراف الدفاعية التي لم تستقر على حال الإقناع مع إستمرار غياب نبيل درار حتى ولو أعطيت إشارات مطمئنة لحضور فتيل المباراة الأولى ، إذ من المفترض أن يعود درار إلى مكانه الطبيعي ولو أنه افتقد للمباريات الودية جراء الإصابة. ولو عاد لا نعرف مدى قيمة نجاح العودة، ولكن عودته على الأقل مطمئنة للغاية لأنه محرك لا محيد عنه في هذا الركن الهام ، على أساس أن يكون حكيمي هو صاحب الجهة اليسرى بقوة القناعة علما أن منديل يفتقد للنضج الإحترافي والدولي معا. أما ولو لم يكن درار جاهزا، فسيلعب رونار بنفس سلاح أمرابط كظهير أيمن رغم أخطائه في هذا الصدد وكمغامرة جريئة وحكيمي كطهير أيسر. ومع ذلك لا يمكن التكهن بهذا لأن لدى رونار ذكاء خاص قد يحول به هذا الشكل للعب بنفس التشكيلة الأخيرة في الخظ الدفاعي أو يلعب بشاكلة 3 – 5 – 2 أي بثلاثي دفاعي من بنعطية وسايس وداكوستا وأمرابط وفي الرواق اليمن وحكيمي في الرواق اليسر وبوسط ثلاثي من بوصوفة والأحمدي وبلهندة ومهاحمين من الكعبي وزياش. وتبقى هذه الفرضية قائمة حسب نظام اللعب، ولكن إن لعب بأربعة مدافعين فستتغير التشكيلة أصلا مثلما حدث في مباراتي سلوفاكيا وإستونيا أي ب4 – 2 – 3 – 1 . ومع ذلك قد يكون رونار ثعلبا في إختيار الأنسب لأن لا سفيان أمرابط ولا وليد الحجام لا يمكن المغامرة بهما في هذا الحدث من البداية في الرواق الأيمن، ما يعني أن الجهة اليسرى هي من هشمت وضع الرجل المناسب مع وجود مختص هو جكيمي كبديل لدرار ولكنه محكوم عليه بتغطية هذا الرواق الأيسر. العين على عمالقة الوسط ومن المؤكد أن وسط الفريق الوطني يعتبر لحد الأن أحد الروائع السخية على مستوى الإرتداد الكبير والبناء العالي مع الضغط العالي وقت إفتكاك الكرة، وأكيد أن أدمغة الوسط المعروفة (بوصوفة والاحمدي وبلهندة وزياش) هي التي تحل كل المشكلات وتحمل على أكتافها هذا النوع من الإنسياب الرائع والممتع بتناسق مع نزول الأطراف مع تمكين حاريت من الرسمية لأنه صانع ألعاب رائع وسخي ومبادر على مستوى الغزو الهجومي، وهذا الشكل من الموازين موجود أيضا في بنك الإحتياط على مستوى الإرتداد مثل يوسف بناصري وفيصل فجر، وهؤلاء جميعا يخلقون الفرجة والسخاء الفريد على مستوى صناعة الفرص نحو كل من الكعبي الذي طرق باب المنتخب بحدة في مبارتي سلوفاكيا وإستونيا وبوطيب المفترض أن يستفيق لأنه موجود بالقائمة ليس التمثيلية فحسب ولكن المقاتلة بهذا الأمر. أي انتظارات ؟ الفوز يبقى ضرورة مؤكدة في أولى مفاتيح المجموعة التي يتمسك بها الخصم الإيراني أيضا من منطلق أنه سيلعب مباراة عمر إما أن يكون أو لا يكون ويعود بسرعة غلى البلاد. ولذلك لا يهمنا هذا الدافع الإيراني لأننا نتمسك باهمية الحدث على أنه قمة الأحلام التي يصل إليها أي لاعب ليس للمشاركة ولكن للذهاب إلى أقصى حد ولو أن هذا الحدث الكوني ملك لجميع المنتخبات ولكل من يرى نفسه بطلا من الآن، وعلى الأسود أن تركز على هذا الأمر الذي يرمي إلى الخطو الأول لتجاوز المنتخب الإيراني بكل الأسلحة المقروءة علما أن رونار لا يمكنه أن يغيب معطى من هو إيران ومن يدربه ومن هم رجاله وبأية خطط ينجح فيها بالوصول إلى المرمى وأية نواقص يمكن العبور منها للوصول إلى المرمى. وانتظاراتنا هي أن نفوز ذهنيا وحرفيا وروحيا لإسعاد الشعب المغربي.