لا أحد يمكن أن ينفي عن حسن بنعبيشة شجاعته في قبوله بمهمة قيادة الفريق الوطني في هذه الظرفية الدقيقة والإستثنائية، فما كنا نراه تعبيرا عن الإحترافية العالية وتطابقا كاملا مع الرصيد المهني والهولندي بيم فيربيك يعتذر عن قبول مقترح القائد المؤقت لجامعة كرة القدم بالإشراف لمباراة واحدة على أسود الأطلس لا يمكن أن ينطبق لا وصفا ولا توصيفا على حسن بنعبيشة، لا لأن بنعبيشة ليس له نفس رصيد فيربيك المهني يدافع عنه، ولكن لأن بنعبيشة إبن البلد وما يعرض عليه هو من صميم الواجب الوطني، وعندما يتعلق الأمر بروابط عاطفية وبأحكام الإنتماء فإن المقابلة والمماثلة تصبحان مسستحيلتين. ولا أحد يمكن أن يعتب على حسن بنعبيشة هذه التأوهات التي يطلقها اليوم وقد قبل بتحمل مسؤولية الإشراف على أسود الأطلس خلال مباراتهم الودية للخامس من مارس، فالرجل تعرض من إعلاميين وزملاء له في مهنة التدريب وما يزال لما يشبه الذبح الإعلامي على خلفية ما كان من أخطاء أرتكبت في تدبير الملكات البشرية وفي إدارة المباراة أمام نيجيريا والتي كان فيها السيناريو الكارثي عنوانا للخروج من الدور ربع النهائي ل «الشان»، ما أشعره بغلغلة سكاكين النقد ولا أحد إلتمس له العذر في أنه سواء في تحمله مهمة قيادة المنتخب المغربي للمحليين لكأس إفريقيا للأمم بجنوب إفريقيا أو في تقلده مهمة الإشراف على الفريق الوطني لمباراة واحدة، كان الرجل كمن يرمى في مستنقع التماسيح، توضع بين يديه قنبلة ويزج به في معترك النار. إلى وقت قريب وحسن بنعبيشة يقود منتخب الأمل ليتوج بلقب بطولات جهوية وعرقية كان الكل يجزم على أنه مشروع إطار تقني كبير، أبدا لم نكن في «المنتخب» نجامله ونحن نمنحه عن سابق استحقاق وكامل الجدارة لقب أفضل مدرب للسنة، لذلك سيكون من باب تسفيه الأشياء ومن باب السفر المجنون من النقيض إلى النقيض أن نحول حسن بنعبيشة من عملة تقنية وطنية ثمينة وواعدة إلى مدرب فاقد لأهلية تحمل الأمانة. وإذا كان السيد عبد الله غلام قد أفلح في إقناع بنعبيشة بتحمل مسؤولية تدريب الفريق الوطني بما يترتب عنها من مجازفات ومن مخاطر مانحا إياه ضمانات لا ندري طبيعتها، إلا إذا كان غلام سيضمن لبنعبيشة البقاء لفترة ممتدة داخل الجامعة، فإن أكبر شيء يمكن أن يعزز ثقتنا في بنعبيشة هو أن يتصرف في إدارته للقاء الفريق الوطني أمام الغابون يوم خامس مارس كما لو كان سيستمر في هذا المنصب لفترة أطول، فما أحوجنا في هذه الفترة المظلمة والحالكة في تاريخ الفريق الوطني إلى أن نخلص عرين الأسود من العناكب التي تسد عين الشمس والأمل بسبب إهمال طال ولامبالاة تجاوزت كل الحدود. فقط هذا ما نحتاجه من بنعبيشة، أن يعيد الحياة للفريق الوطني بلا إملاءات وبلا مزايدات. ..................................................................... بينما كان عبد الله غلام بعقل الحكيم يدير فاصلا من فصول المهزلة والإهتراء المفروضة عليه ليجد لعطالة الفريق الوطني التنافسية نهاية وهو يفاوض بيم فيربيك وبعده حسن بنعبيشة لإيجاد ربان مؤقت للفريق الوطني، كان هناك خبر ينسج بعناية كاملة داخل المطابخ السرية قبل أن يطلع كالعادة من وسائل الإعلام الفرنسية ليقول بأن من سيتولى تدريب الفريق الوطني مع تعيين رئيس ومكتب مديري جديد للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هو الفرنسي هيرفي رونار الذي يشرف حاليا على تدريب نادي سوشو في محاولة ربما كانت يائسة للإبقاء على هذا الفريق في الليغ 1. قال الخبر الذي جال بسرعة البرق في مواقع ومنتديات وصحف عالمية بأن هيرفي رونار تعهد بأن يكون الناخب القادم للمنتخب المغربي وأنه سيبدأ مهامه مع نهاية البطولة الفرنسية شهر ماي الحالي، وما أعطى للخبر صفة الصدقية هو أن من أسر به هو وكيل أعماله يوسف حيجوب الذي لخص يقينه في جملة واحدة عندما قال بأن رونار إن طلب سيأتي للمغرب مشيا على الأقدام. شخصيا إستفزني الخبر بطبيعته وتوقيته لأنه ليس من طينة الأخبار التي يروج لها في العادة الإعلام الرياضي الفرنسي بهدف خدمة أجندات معينة ومعروفة للكل، وما أكد هذه الطبيعة الإستفزازية أن هيرفي رونار بادر على الفور إلى نفي محتشم للخبر، إنه لم يقل أن لا وجود لاتصالات ولا لعروض من المغرب ولم يقل أنه غير متحمس لقيادة الفريق الوطني، ولكنه قال أنه ملتزم مع ناديه سوشو وأن تركيزه منصب بالكامل على إبقاء النادي بالليغ 1، وعندما كان ضروريا أن يتحدث عن المغرب، قال أن جامعته تعيش مشاكل تنظيمية منذ تعليق جمعها العام شهر نونبر الماضي. وبالطبع عندما نسمع من عبد الله غلام المكلف بتصريف الأعمال وحتى قبله من علي الفاسي الفهري بعد نهاية عقد رشيد الطوسي أن لا أحد يريد أن يورط المكتب الجامعي القادم في ناخب وطني قد لا يتوافق مع إستراتيجيته، عندما يكره غلام على البحث عن ناخب مؤقت فإن ذلك لا يعني أبدا أن لا يكون الطرف الذي يرى نفسه قادما لمركز القرار على مستوى الجامعة مستبقا في اختيار من سيأتي لقيادة الأسود في مرحلة دقيقة، الإستباقية التي تحكمها وتحرض عليها الظرفية، لطالما أن الأشهر المتبقية على الإستحقاق القاري تفرض آلية إستعجالية في مسطرة التعيين كما تفرض أن يتأسس إنتقاء الناخب الوطني الجديد على معايير رياضية دقيقة وعلى معايير مادية وتعاقدية يحصل حولها التوافق. بقي فقط أن نسأل.. هل هيرفي رونار هو الإختيار الأمثل؟