ماذا نحتفظ من المحك الودي الثاني الذي واجه من خلاله المنتخب المحلي نظيره المالي أمس بمراكش؟ هل نحتفظ بفراغ المدرجات الذي يقول بأن الجماهير المغربية ليست على إستعداد، الآن على الأقل، لتغفر للفريق الوطني جهازا تقنيا ولاعبين كأسهم الإفريقية السيئة والتي كرست لغاية الأسف عقدة الخروج من الدور الأول؟ أم نحتفظ بالصورة الباهثة التي ارتسمت في محيط المباراة الزمني برغم ما كان من تباعد بين الشوطين في صناعة اللعب وفي جودة الأداء؟ فعلى الرغم من أننا واجهنا منتخبا ماليا تشكل قبل أيام فقط وليس له علاقة من قريب أو من بعيد بترسانة المحترفين التي يعتمدها المنتخب الأول لنسور مالي، إلا أن منتخبنا المحلي وجد صعوبة بالغة في الكشف عن هوية تكتيكية تطابق بشكل كبير إمكاناته الفردية التي أبرزت نفسها بشكل متقطع في فترات متباعدة من دون أي رابط تكتيكي جماعي. بالطبع هي مباراة كاشفة ومرآة عاكسة لحقيقة المستوى أفضل بكثير من لا شيء، فما أكثر ما عانينا من قلة المحكات الودية، ولكن لابد وأن نقر بأن توسيع قاعدة الإختيار باستدعاء عناصر وتجاهل أخرى تحت طائلة الوصول إلى النواة الصلبة ينعكس كثيرا على مضمون الأداء وعلى جماعية المردود، فما نسجله هو أن المنتخب المحلي تتغير صورته بشكل كامل بين مباراة وأخرى، بل داخل المباراة الواحدة بسبب الإفراط في عنصر التجريب. وإذا كانت هذه المباراة تمهد للوصول إلى نواة صلبة فإنها لا يمكن أن تتحمل ما يطلق عليها أحيانا من صفات لا تطابق الموصوف، فأبدا لا يمكن القول بأن مباراة المحليين أمام مالي هي مباراة إعدادية لمباراة تانزانيا، إلا إذا أقررنا بأن 70 في المائة على الأقل من العناصر التي لعبت هاته المباراة ستكون حاضرة بدار السلام لملاقاة تانزانيا يوم 24 مارس الحالي عن تصفيات كأس العالم، وإذا أقررنا بذلك سنكون كمن حكم على نفسه بالدخول رأسا إلى قسم المستعجلات، لأن كل هؤلاء اللاعبين الذين شاهدناهم في مباراة مالي بالأمس لا يمكنهم أن يكونوا ثوابت لفريق وطني، نقول بأنه بدأ فعلا في بناء هوية وفي إستعادت شخصية، صحيح أن هناك عناصر قدمت نفسها بشكل يتيح أمامها فرصة الإنتماء للمنتخب الأول، ولكن يجب أن نفرق بين الأشياء ولا نخلط بين المسميات.