لأن ل « المنتخب « الصحيفة والمؤسسة الإعلامية المحترمة لعمقها التاريخي جسورا ممدودة تصلها على الدوام بالمتلقى أينما وجد، ولأنها أقامت على الدوام علاقات تشاركية مع قرائها، فإن إعطاء الفرصة للقراء ليتولوا بأنفسهم محاورة الناخب الوطني السيد رشيد الطوسي هو من باب إشراكهم، وهم أساس الرأي العام الرياضي، في الوصول إلى الحقائق من دون وسائط. وقد كان دالا على التفاعل الرائع مع المبادرة بكل قيمها وأبعادها أن من يقبلون على قراءة «المنتخب» نسخة ورقية وطبعة إلكترونية تجاوبوا بشكل كبير مع المبادرة ووجهوا أسئلتهم للناخب الوطني، قامت هيئة التحرير بترتيبها وإعادة صياغتها من دون تحوير جوهرها حتى أن بعضها كان مستفزا ومرحبا به من قبل الناخب الوطني الذي أثنى على عمق وحنكة ودراية قراء «المنتخب» الذين قال عنهم رشيد الطوسي أنهم قراء منتخبون لجريدة تحمل بكامل الجدارة لقب الريادة وصفات المصداقية. حوار من ثلاثين سؤالا دخل كل الكهوف والمغاور وسلط الضوء على كل الزوايا المعتمة، كان السائلون على قدر من الكفاءة والوطنية والرغبة في المعرفة التي تعفي من ملاحقة الشائعات وكان المحاور الذي هو الناخب الوطني بسعة صدر وبروح عالية في تحمل المسؤولية وفي إشفاء الغليل.
- لماذا أبعدت عن الفريق الوطني كريتيان بصير ولجأت إلى لاعب يلعب عادة كمتوسط دفاع ليشغل مركز الظهير الأيمن؟ «يمكن القول بأنه في هذا المركز هناك ثلاثة لاعبين، كل واحد إذا أعطيت له فرصته سيبلي البلاء الحسن، لدينا يونس بلخضر، وعبد اللطيف نوصير وعبد الرحيم الشاكير، أنا أعود دائما إلى الفترة السابقة، ألم يكن هذا المركز يشكل لنا نقطة ضعف؟ أظن بأن المستوى الذي قدمه الشاكير مع الفريق الوطني كان مطمئنا، فبدون ذكر الأسماء، نحن نبحث عن اللاعب الذي سيقدم الإضافة وأظن بأن شاكير كان في المستوى، وأدى دوره على أحسن ما يرام». - يلاحظ أنك إعتمدت في خط الدفاع على لاعبين تعودوا أن يلعبوا في عمق الدفاع ما حرم الفريق الوطني من أظهرة حديثة تجمع بين الأداء الدفاعي والأداء الهجومي؟ «قطب الدفاع المغربي معروف، فاللاعب المهدي بنعطية له وزن كبير جدا.. وفي كل مرة يبرهن على نضج كبير ويمكن أن يكون قائدا للمجموعة، واللاعب عصام عدوة لا أحد يجادل في عطائه، فعندما رأينا أن الشاكير بالإمكانيات التي يتوفر عليها وقد يلعب في ثلاثة مراكز (قطب دفاعي، ظهير أيمن ووسط ميدان دفاعي) وعند اختياراتي إعتمدت على اللاعبين المخضرمين الذين يقومون بجميع الأدوار، وأشير إلى أن عبد الحميد الكوثري في آخر مبارياته مع مونبوليي كان يلعب كظهير أيسر، وتكوينه أصلا بنادي مونبوليي هو ظهير أيسر، أظن بأنه شيء إيجابي أن تكون لك عناصر تقوم بجميع الأدوار». - يصيبنا أداء يونس بلهندة بكثير من الحيرة، فهو متألق مع ناديه ولكنه يقدم أداء متوسطا كلما لعب للفريق الوطني، هل تعتقد أن المشكلة هي في التوظيف؟ «إن مستوى بلهندة حاليا ليس هو المستوى الذي ظهر عليه في السنة الماضية، وإن كان يتوفر على إمكانيات ومؤهلات جيدة، أعرف أن له أمورا أكثر من هذا، وأحددها في الجانب النفسي الذي يؤثر عليه، أظن بأن مكانة يونس بلهندة في الفريق الوطني ما زالت قائمة ولا يمكن أبدا التفريط فيه وما زال صغير السن وسيبقى ضمن اللاعبين الذين يشكلون الثوابت داخل المنتخب المغربي، وأجدد القول بأنه مرحب به دائما». - نريد أن نعرف، لماذا لعب الفريق الوطني مبارياته الثلاث أمام أنغولا والرأس الأخضر وجنوب إفريقيا بنهج تكتيكي مختلف، فقد كان دفاعيا محظا أمام أنغولا، وغامر باللعب برجل إرتكاز واحد أمام الرأس الأخضر ولعب مهاجما في المباراة الثالثة أمام جنوب إفريقيا؟ «في كرة القدم، كل مباراة لا تشبه الأخرى بحكم طبيعة أسلوب وأداء الخصم.. ولكن بالمقابل لم نغير من النهج التكتيكي عندما نتكلم عن المنظومة التي نلعب فيها، ولكن يبقى الفريق الخصم هو الذي يحتم علينا طريقة اللعب، فأمام منتخب أنغولا لاحظتم بأنه يتوفر على رصيد مهم من اللاعبين الذين يلعبون كأظهرة لها حس هجومي من المستوى العالي وقلب هجوم، كما أن أنغولا تتوفر على لاعب نجم إسمه مانوتشو وموزيس وجيكاو، وهم لاعبون يتوفرون على السرعة.. وهذا لا يعني أننا كنا منكمشين، فقد أتيحت لنا فرص خاصة في الشوط الأول.. تعرفون بأنه في اللا شعور لدى بعض اللاعبين يميلون إلى الدفاع خاصة في الفترات الأخيرة للمباراة، فهم يفضلون التعادل على السقوط في الهزيمة، أما في مباراة الرأس الأخضر فحصل ما حصل، لم ندخل بالشكل المطلوب في الجولة الأولى، وإن كنا قد لعبنا بحس هجومي، لكننا تفاجأنا بأن الخصم لعب بطريقة سريعة عن طريق بناء مرتدات هجومية، قمنا بتغيير المثلث عندما رأينا أن الأمور لا تسير وفق ما نريده، أظن لو أننا خرجنا متعادلين في الشوط الأول لكنا حسمنا الفوز لصالحنا في الشوط الثاني، مع كامل الأسف سجل علينا الهدف في وقت حساس جدا.. وظهرنا بمستوى هجومي جيد، إلى درجة أن الفريق الخصم إنهار بدنيا، وفي المباراة الثالثة أمام جنوب إفريقيا لم يكن لدينا أي خيار وهذا لا يعني أننا عرينا الدفاع فحتى في هذا الجانب كنا منظمين، وأحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم، ولعلكم شاهدتم كيف سيطرنا على مجريات اللعب منذ الدقائق الأولى، مع كامل الأسف ضيعنا أهدافا محققة، وهذه هي الجزئيات التي تحدثت عنها سابقا، وستكون درسا سنستفيد منه، وتجربة مهمة للاعبين لتجاوز مثل هذه الأخطاء». - ألا تظن أننا فرطنا في تأهلنا إلى الدور ربع النهائي عندما لم نتمكن من تدبير جيد لتفوقنا أداء ونتيجة على جنوب إفريقيا في آخر ست دقائق من عمر المباراة، ألا تعتقد أنك ارتكبت أخطاء تكتيكية هي التي فوتت علينا فرصة تصدر المجموعة؟ «أنا متفق على الشطر الأول من السؤال بأننا فرطنا في التأهل إلى الدور الثاني بحكم أننا سيطرنا على أطوار المباراة وتمكنا من التسجيل، وبالمقابل لا أظن بأننا إرتكبنا أخطاء تكتيكية خاصة وأننا سيطرنا أداء ونتيجة، وإذا أعدتم السيناريو إلى الوراء ولاحظتم، كيف سجل هدف التعادل لجنوب إفريقيا لوقفتم مشدوهين، إذ أنه لم تكن هناك تمريرة أو بناء هجومي، وشاءت الصدف أن تكون الكرة طائشة، صحيح كان من المفروض أن يكون دفاعنا «مسودي» في تلك اللحظة، وهذه أمور تقع مع كبريات الأندية والمنتخبات، بالإضافة إلى أن اللاعبين كانوا يعرفون بأن هناك تعادلا في المباراة الأخرى وهذا أثر على أدائهم في الدقائق الأخيرة». - نقول أن النواة الصلبة للفريق الوطني يجب أن تؤسس على لاعبين يمارسون في البطولة الوطنية، ونلاحظ أن الطوسي لم يصحب معه إلى جنوب إفريقيا عناصر أكدت جدارتها محليا مثل بورزوق، الصالحي، البحري وياجور؟ «منذ سنة 2004 والفريق الوطني يعتمد على اللاعبين الممارسين بأوروبا بدرجة كبيرة، وأكبر عدد من اللاعبين الذين يمارسون في البطولة الوطنية وعددهم تسعة هم الذين ضمتهم لائحة كان 2013، وفي الكان الأخير 2012 ضمت اللائحة في عهد غيرتس أربعة لاعبين محليين فقط، فالصالحي غاب بسبب الإصابة وكان يلزمه بعض الوقت للعودة، ما يعني أنه في ذلك الوقت لم يتوفر فيه معيار الجاهزية، بالنسبة لبورزوق لم يكن يظهر أساسيا مع الرجاء، وأنا أكثر من يعرفه بحكم أنني دربته في المغرب الفاسي، وتعرفون أن بطولتنا تعيش الموسم الثاني في الإحتراف، اليوم الأمور تغيرت فبورزوق يلعب رسميا وسيكون حاضرا في المرحلة القادمة، بخصوص البحري وياجور، فالأمر يتعلق فقط بالإختيارات، لكون يوسف العرابي كان يبصم على حضور جيد مع ناديه، ثم منير الحمداوي، كما قلت لك عندما نضع قائمة بأسماء اللاعبين تكون هناك عملية التصنيف، فلا يمكن أن تتم المناداة على ثلاثة لاعبين يلعبون في نفس المركز، باستثناء عبد الرزاق حمد الله هداف البطولة». - يلاحظ على الناخب الوطني أنه يكثر من الخرجات الإعلامية ويضطر أحيانا إلى تبرير ما لا يبرر، ألا يعتمد الطوسي بأنه بحاجة إلى إستراتيجية واضحة وعملية ليتواصل بشكل إيجابي مع الرأي العام الرياضي ومع محيطه الداخلي؟ «عندما كان الناخب الوطني السابق لا يتحدث كثيرا مع الإعلام كانوا يقولون بأنه ليس برجل تواصل، وعندما صححنا هذا الأمر وانفتحنا على كل وسائل الإعلام وخلقنا بشبكة للتواصل المباشر مع الجميع، يقولون إنني أكثر من هذه الخرجات، صحيح لا يجب أن تكون دائما، وهي مناسبة مطروحة على وسائل الإعلام حتى تكون خرجاتي كناخب وطني منظمة وفي سياقها الزمني، فلا يجب أن أتحدث عن أي شيء، فخرجاتي السابقة كانت مقرونة بكأس إفريقيا للأمم.. من طبعي أنني أحترم وسائل الإعلام ولدي ثقافة التواصل لإنها جزء أساسي من المنظومة التي أشتغل عليها.. أتمنى ألا تكون خرجاتي الإعلامية للإستهلاك فقط، يجب إختيار الأوقات المناسبة ولها.. وألتمس في هذا الجانب من كافة وسائل الإعلام أن تنقل بأمانة ما أقول، لأنه مع كامل الأسف هناك من يحرف كلامي وهذا غير مقبول، فقد حدث ذلك في مباراة الرأس الأخضر وثم إعطاء أحكام قيمة على أشياء لم أقلها، بعد أن تم استهلاك كلام جرى تحريفه وأملي أن يساعدنا رجال الإعلام في هذا الصدد». - لماذا أسقطت من لائحتك عبد اللطيف نوصير وهو الذي يجيد دور الظهير الأيمن الحديث وفضلت عليه الشاكير؟ «الأمر لا يتعلق بالمفاضلة، بدليل أننا في الفريق الوطني رسخنا ثقافة جديدة لا تفرق بين لاعب يمارس في البطولة الأوروبية وآخر يمارس في البطولة الوطنية، الكل سواسية، فالأمر يتعلق فقط بالمردودية والتي لا نخلقها من عدم، بل تأتي في إطار المتابعة وبخاصة في الحصص التدريبية ومدى تجاوبه مع الحصص التطبيقية، ولاحظنا أن اللاعب عبد اللطيف نوصير تحسن كثيرا، وتعرفون أنه كان يلعب في السابق كمهاجم، وعبد ربه من حوله إلى ظهير عندما كنت مدربا للمغرب الفاسي، ومع ذلك ظل محافظا على هذه النزعة الهجومية، على عكس عبد الرحيم الشاكير الذي ظل محافظا على مكانه في الدفاع، ويجب أن نشيد بأداء اللاعب عبد اللطيف نوصير الذي تطور كثيرا». - كيف يمكن تجاوز النقائص الفنية والتكتيكية التي ظهرت في الكان الأخير ليتمكن النتخب الوطني من المنافسة بقوة على بطاقة التأهل لمونديال البرازيل 2014؟ «العمل ثم العمل، ليس هناك سر وإنما نتبع الإستراتيجية التي وضعناها بإقامة معسكرات منتظمة للاعبينا المحليين ومن تم إختيار العناصر المؤهلة منها مع تطعيمها بعناصر محترفة خارج أرض الوطن والتي نرى فيها القدرة على مساعدتنا ومنحنا الإضافة المرجوة، سنحاول إستغلال المكتسبات التي جنيناها من 23 يوما قضيناها بجنوب إفريقيا، حيث سهرنا على برنامج عمل والذي رأينا أن أكله ظهر خلال آخر مباراة أمام البلد المضيف، عاينا تحسنا ملحوظا دفاعيا وهجوميا وسنسعى لتطوير الأداء أكثر وعدم التراجع للوراء». - هل أنت متفائل بقدرة المنتخب الوطني على عبور الدور الإقصائي الثاني للمونديال، وهل يمكن إعتبار سقوط الفيلة مؤشر على قدرة الأسود على تخطي عقبة الفيلة؟ «إقصاء الفيلة في البطولة الأخيرة نقطة إيجابية في صالحنا ستمكننا من لعب ورقة العامل السيكولوجي لكن مع الحفاظ على الواقعية، إذ يتوجب علينا أولا التفكير في لقاء تانزانيا القادم والتركيز بشكل كامل على أهميته وضرورة الفوز بالنقاط الثلاث، بعدها سنمر إلى مقابلة غامبيا والإنتصار فيها واجب ومن تم سنتفرغ للقمة ضد الكوت ديفوار في آخر محطة.» - كيف تحضر لمباراة تانزانيا بدار السلام خلال شهلا مارس القادم وهي المباراة التي يحتاج الفريق الوطني إلى نقاطها الثلاث؟ «بدأنا التحضير منذ أيام وتحديدا حينما سافرنا إلى دار السلام لمتابعة الخصم في لقائه الودي الأخير ضد الكامرون، حيث فاز في الدقيقة الأخيرة من عمر المواجهة، أخذت صورة شاملة عن المنتخب التانزاني الحالي ونقاط قوته وضعفه، من جهتنا نستعد بإقامة معسكرات محلية وكذا نزال ودي سيكون يوم 6 مارس بمراكش وغالبا سنحاور فيه المنتخب المالي، وسيمكننا من تحديد قائمة اللاعبين المحليين الذين بإمكانهم تعزيز الفريق الوطني مع مواصلة المتابعة الدقيقة لجاهزية وتنافسية العناصر المحترفة بأوروبا، فمعايير الإختيار لن تتغير وهنا أريد التأكيد أن باب الأسود لن يُفتح في وجه أي لاعب ممارس بأوروبا وإنما الرسمية والتألق بالنادي وحدهما من سيمنحاه جواز العبور لحمل قميص الفريق الوطني». - كيف تتعامل مع قضية عادل تاعرابت، هل أنت على إستعداد لإعادته للفريق الوطني، أم أنك جازم في الإستغناء عنه؟ «أنا على إستعداد لإعادته لعرين الأسود شريطة إحترام الضوابط والشروط المعمول بها داخل الفريق الوطني، لا أحد منا ينكر موهبة اللاعب، بيد أن الموهبة وحدها لا تكفي في كرة القدم الحديثة وإنما الإنضباط هو الأساس، وإلى غاية الساعة ما زال تاعرابت لم يستجب لذلك ولم يقدم أي إعتذار رسمي للجامعة والشعب المغربي عن سوابقه».