مونديال الأندية والأحلام الأولمبية بالطبع عندما يضع المغرب ترشيحه لاستضافة كأس العالم للأندية في نسختها 2013 و2014 بعد أن حصل السيد منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة على تأشيرة الحكومة كما تفرض ذلك أعراف الفيفا عندما تطلب أحداث من هذا الحجم، فإن هناك ما يقول أننا لا نريد أن نلذغ من نفس الجحر وأن نجني من هذا الترشيح صدمة بذات المقاس الذي كانت عليه صدمتنا يوم أوكلت الفيفا لجنوب إفريقيا تنظيم كأس العالم 2010. المفروض أن تكون الأمور هذه المرة قد عولجت سرا وجهرا على طاولة التفاوض وأيضا في الكواليس بشكل عقلاني لا يبقى مجالا للإنخداع، بخاصة عندما نعلم أن الوزارة والجامعة قلبا هذا المسعى من كل أوجهه الرياضية والإقتصادية فوجدا أنه لن يشكل عبئا ماديا ولن يشكل لحظة صادمة في حال الفشل لا قدر الله، لطالما أن رسالة المغرب للفيفا، تحديدا للبوص بلاتير الآمر، الناهي في إمبراطوريته الكبيرة أن هناك حلما أجهض ذات وقت، وأن ما تذرعت به الفيفا من أن المغرب أبدى متأخرا جديته في الوفاء بإلتزامات لوجستيكية (على مستوى الملاعب خصوصا) لم يعد له اليوم من وجود، فالحكومة التي إلتزمت ببناء ثلاثة ملاعب حتى بعد أن قررت الفيفا عدم منح المغرب شرف تنظيم مونديال 2010، أوفت بإلتزاماتها، وقد تعرف بلاتير ومن معه على ملعبي مراكش وطنجة وقد أصبحا مسرحا لقمم كروية وفرجة إحتفالية عالية المستوى، وعن قريب سيتعرف على ملعب أكادير بسحر وجمال هندسته. ما يشدني إلى هذه الدينامية التي باتت تطبع تحرك المغرب في إستقطاب الأحداث الكروية والرياضية القارية والعالمية، أن هناك خطة أحكم وضعها تؤهل المغرب ليكون مركزا للرياضة العالمية بإفريقيا كما هو الحال مع الإمارات وقطر بمنطقة الشرق الأوسط، ولكن في غمرة النجاحات التي تتحقق للمغرب وهو يستثمر في عنصر الثقة المكتسب دوليا وقاريا، لا بد أن نعقلن هذا الإستقطاب ونمنهجه، فلا نسمح لأنفسنا تحت أي سبب باستضافة دورات رياضية ميؤوس منها أو متخلى عنها ولا تكون لها أية إنعكاسات لا رياضية ولا إقتصادية، لطالما أن الرهان الأكبر هو أن تعظم ثقة العالم فينا، ليسهل علينا بمشيئة الله أن نكون ثاني بلد إفريقي وعربي ينظم كأس العالم لكرة القدم. ------------------- قد تكون حساسية ومصيرية المباراة التي خاضها أسود الأطلس قد إستولت على كل حواس الرصد والمتابعة الإعلاميين، لطالما أن ما إرتبط بهذه المباراة مصير مرحلة بكاملها، فقد كان شيء غير العبور سيطفئ لا محالة جذوة الأمل وحماسة إستشراف الأفق القريب، إلا أنها ما كان ينبغي أن تصرفنا كليا عن محكين وديين خاضهما المنتخب الأولمبي أمام غامبيا أولا وأمام كوت ديفوار ثانيا في طريق الإستقرار بشكل شبه نهائي على النواة البشرية الصلبة التي سيخوض بها المنتخب الأولمبي الدور التصفوي الحاسم والمؤهل لدورة لندن 2012 والذي كان من حظ هذا المنتخب ومن حظنا أيضا أن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم عهد باستضافته للمغرب بعد أن إعتذرت مصر عن إستضافته لإكراهات سياسية باتت معروفة للجميع. شخصيا حرصت على أن أتابع المبارتين معا، في تضادهما من حيث المحتوى والعمق التكتيكيين أو من حيث حجم الإستفادة، وحرصت على أن أقرأ ما أصبح يفكر فيه الهولندي بيم فيربيك وقد أصبح على مقربة من اللحظة الحاسمة، فما أكثر ما أخذناه على التغيير الإرادي والمتعاقب الذي يخضع له المنتخب الأولمبي حتى لا نكاد نجد له نواة صلبة أو تشكيلا قارا، وما أكثر ما لمناه على أنه يجنح أحيانا بتفكيره وبمخططاته إلى أشياء لا تتطابق مع خصوصيات المرحلة، بخاصة عندما نرى هذه الإتكالية شبه الكاملة على لاعبين يؤتى بهم من نواد أوروبية، بعضهم بات قطعا أساسية وبعضهم الآخر يحضر لأول مرة ليخضع للإختبار، وكلنا يعرف أن الدور الإقصائي الحاسم والمؤهل لأولمبياد لندن 2012 سيجرى في تواريخ غير مدرجة في أجندة الفيفا.. وإذا كانت المباراة أمام غامبيا وقد غلب عليها الطابع الإستكشافي، وأبدا لا يمكن إعتمادها مقياسا للحكم وللتقييم، فإن مباراة كوت ديفوار بما يمتلكه صغار الفيلة من قوة بدنية ومن عمق تكتيكي كشفت عن هذا التطور الكبير الذي يشهده المنتخب الأولمبي مع توالي المحكات التجريبية، تطور في شخصية الفريق، تطور في الأداء الجماعي وتطور في نسبة الحماس الذي يبديه اللاعبون فرادى وجماعة من أجل تمثل كل الأدوار التكتيكية التي تمنح لهم في إطار منهج اللعب. وإذا كان لزاما أن ننتظر دورة إتحاد شمال إفريقيا التي تجرى مطلع شهر نونبر بطنجة وبعدها الدور التصفوي الحاسم لنعرف ما إذا كان فيربيك سينجح في حشد أكبر عدد من لاعبيه الممارسين بالأندية الأوروبية ليكونوا حاضرين في لحظة الحسم يرضي أنديتهم طبعا، فإنني وحتى لا أربط ربطا قهريا بين الجدوى من الإرتباط بفيربيك وبين التأهل إلى الأولمبياد، أقول بأن الهولندي نجح بنسبة مائوية عالية في العمل الذي من أجله إرتبط بالجامعة، فعندما نجد هذه القاعدة العريضة من اللاعبين الذين تم تجريبهم محليين كانوا أم محترفين خارج المغرب وكلهم بأعمار أولمبية، نتفق بشكل تلقائي على أن الرجل ربح رهانه الأول المتمثل أساسا في إغناء قاعدة النخب وتوسيعها، فبيم فيربيك ساهم بأسلوب عمل إحترافي قائم على المباشرة في إبراز لاعبين أولمبيين محليين فرضوا أنفسهم على نواديهم، بل منهم من أصبح عنصرا أساسيا بعد أن تطور عنده الأداء الفني وتطور فكره الإحترافي، كما أنه بفضل شبكة علاقة قوية وأجهزة رصد فعالة تمكن من إحضار عدد كبير من المواهب المغربية بالنوادي الأوروبية، لاعبون بمهارات عالية إما أنه نودي عليهم في منتخبات بلد الإستقبال وإما أن النية كانت معقودة من أجل ربطهم بها.. صدقا لا أستبق الأحداث لأنزه بيم فيربيك عن مسؤولية أي إخفاق لا قدر الله، فأنا مثل المغاربة أضع كامل ثقتي في هذا الفريق ليعبر إلى الأولمبياد، لأن ذلك سيعطي فرصة تاريخية لجيل موهوب لينال طابع العالمية، ولكنني أرى ما هو أقوى من ذلك، العمل الرائع الذي أنجزه فيربيك بمعية الجهاز التقني الذي يساعده من أجل أن يمكن عددا كبيرا من اللاعبين بجنسيات وأصول وهوية مغربية وبخامات فنية وطاقات إبداعية كبيرة من اللعب للمنتخب الأولمبي، وفي ذلك ضمان ثقة وأمل في الحاضر القريب وفي المستقبل البعيد أيضا..