لو سئلت عن الذي أثارني في المباراة الخيرية التي أثثها أصدقاء زين الدين زيدان ورونالدو بمركب فاس تحت رعاية برنامج الأممالمتحدة الساعي إلى مناهضة الفقر في العالم، لقلت على الفور إنه التنظيم الذي أظهر لغاية الأسف مدى هوايتنا في تدبير وإدارة أحداث رياضية بالحجم الذي كانت عليه هذه المباراة الإستعراضية، وهي تبث لكثير من دول العالم عبر أربعين قناة تلفزيونية· جاء التنظيم من ألفه إلى يائه مرتبكا برغم ما حشد من إمكانيات خاصة الأمنية منها، وقدمنا صورة مشوشة عن قدراتنا في تدبير مباريات وأحداث رياضية من مستوى عال، لا لشيء إلا لأن نزعة النرجسية التي تسكن كثيرا ممن يأتون للرياضة من خنادق مظلمة، تأبى إلأ أن تكسر توابث التنظيم وتحطم جدارات التدبير المعقلن، ما يشبه الشغب الذي نحضنه ليلا ونتبرأ منه نهارا· ظروف قاهرة حكمت على بمشاهدة المباراة مبثوتة على شاشة التلفزة، ويعلم الله وحده كم غضبت لكل هذا الذي كنت أشاهده من بداية المباراة حتى نهايتها، ما إرتبط أساسا بالتنظيم، ببروتكول المباراة، الذي كان يقضى لوجود لاعبين من عيارات ثقيلة بضرورة أن نتعاطى تنظيميا مع الحدث بكثير من الإحترافية والتي تقول بضرورة إعمال الصرامة في إقصاء كل الذي يشوه من قريب أو بعيد صورة الحدث·· لم يكن هذا وحده ما يهمنا من مباراة كنا نريدها أن تقدمنا بصورة البلد الذي كان ينافس بضراوة على تنظيم حدث في كونية كأس العالم، بل كان هناك الوجه الإنساني والحضاري في المباراة التي وافق النجمان الكبيران زيدان ورونالدو على أن تقام بالمغرب بمدينة فاس المحتفية بمرور 12 قرنا على تأسيسها·· في المرة الأولى التي تغادر فيها أوروبا القارة العجوز·· صحيح أن زيدان ومعه رونالدو وجدا صعوبة كبيرة في إحضار بعض كبار نجوم الكرة في العالم لتزامن المباراة مع إجراء أغلب منتخبات العالم لمباريات ودية أمس الأربعاء، إلا أن من حضروا من النجوم سواء المعتزلة أو الممارسة أشاعوا في مركب فاس أجواء إحتفالية هي من صميم ثقافة الفرجة التي تجعل من كرة القدم رياضة شعبوية، وانتصروا في المبتدأ والمنتهى لقيم التكامل والتضامن ضد كل أشكال الفقر والإقصاء والتهميش·· وكان رائعا أن تأتينا هذه المباراة الخيرية في سياق زمني مطبوع بتعبئة وطنية جرى التعبير عنها سنويا، بالإلتحام كليا بالحملة الوطنية للتضامن والتي أتبثت نجاحها من خلال ما يبديه المغاربة من أريحية أولا ومن إستعداد ثانيا لمناهضة كل أشكال الفقر والتهميش والإقصاء·· وتستطيع القيم المعبر عنها في المباراة الخيرية لأصدقاء زيدان ورونالدو، والأهداف السمحة التي تنطوي عليها حملتنا الوطنية من أجل التضامن أن تدفع نجومنا وأنديتنا وجمعياتنا الرياضية إلى إبداع صور جديدة يبرز فيها سخاء الرياضيين وتبرز فيها أكثر من ذلك قدرة الرياضة على دعم ومؤازرة الشعب في نضاله وكفاحه ضد الفقر·· فما أروع أن نتوصل جميعا إلى هزم الفاقة والحاجة·· ------------- قياسا بما يرصد له من إمكانات مادية على الخصوص، إعتبارا إلى أن المال هو عصب الحرب، فإن فريق جمعية سلا يظهر اليوم بعد إنقضاء الثلث الأول من البطولة كفريق ظاهرة، نتائجه بقدر ما تربك أشد المتوقعين والحادسين حذاقة، فإنها لا تعكس ما عليه الأمر، أمر التدبير والتسيير والغلاف المالي من إختلاف ومن خصاص فظيع·· في النهاية نستطيع القول أن نتائج جمعية سلا المثيرة للإعجاب وللدهشة، هي بالدرجة الأولى نتاج عمل في العمق أنجزه وينجزه بكثير من الصبر والأناة الإطار الشاب يوسف لمريني·· قبل لمريني بالرهان الثقيل، رهان أن يقود فريقا يعود لتوه إلى صف الكبار منزوعا من كثير مما لغيره من الأندية من إمكانات مادية، بشرية ولوجستيكية، وقبل أيضا برهان أن ينطلق بالفريق من نقطة الصفر، خاصة بعد أن جرى تغيير جلده بنسبة مائوية عالية، بعد إستبعاد كثير من العناصر التي كانت تمثل للفريق مرجعية بشرية وتكتيكية·· صحيح أن ما إنقضى من بطولة وطنية بملامح جديدة تنبئ بمنافسة شرسة، ثلث واحد، ما يعني أن هناك ثلثين آخرين سنقيس خلالهما حقيقة الوصفة السحرية التي حملها يوسف لمريني لجمعية سلا للتغطية على مستويات التدبير التي توجد في درجة دون الصفر··