أجمع الكل أن الديربي البيضاوي كان ناجحا بكل المقاييس بعد اغتراب دام موسمين، أسهب كل شغوف بالمستديرة المجنونة في الحديث عن هذا الكلاسيكو المغربي طيلة أسبوع، فعادة ما تسبق هذه المباراة تعبئة شاملة أكان على مستوى الفريق أو المسؤولين وكذا السلطات المحلية والأمنية، ويبدو أن الجانب الأمني أرخى بظلاله على هذا العرس الكروي خوفا من وقوع انفلاتات خاصة أنه لأول مرة يعود إلى مركب محمد الخامس بالدار البيضاء بعد سنتين من القطيعة لدرجة أن البعض نسي المباراة وكل ما هو تقني وراح يتابع ويهتم بالتعبئة الأمنية والقصوى وحالة الطوارئ التي عرفتها المدينة، والأكيد أن هذا الإنزال القوي كان ومن دون شك سيكون له أثر إيجابي على المحيط العام للمباراة، لذلك انتظرنا إلى أي حد ستنجح الخطط الأمنية للمنظمين في إنجاح هذا الديربي· ومن الجانب التقني انتظرنا أي إنزال سيكون من طرف المدربين وأي أدوات وأسلحة سيتخذ كل من روماو والزاكي لهذا الديربي، وكيف سيحمي المدربان آلاف الجماهير الحاضرة مثلما فكر المنظمون والمشرفون على المباراة في حماية هذه الجماهير· مع الأسف أن هذا الديربي على المستوى التقني لم يف بوعوده ولم يصل إلى المستوى المنشود الذي كانت الجماهير المتحمسة تنتظره، لقد قتل المدربان الفرجة وحرمها وحرم تلك التي تسمرت أمام الشاشة الصغيرة من فرجة ستكون مضمونة لو تملك خوصي روماو وبادو الزاكي الشجاعة بفتح المنافذ واللعب بخطط هجومية بدل نهج لعبة القط والفأر أو البحث عن هدف طائش، فعندما يفتقد المدرب للشجاعة الكافية فالأكيد أن ذلك سينعكس على اللاعبين، إذ تابعنا عناصر الوداد والرجاء وبعباءة جديدة وغير معهودة تعطي الأولوية للحذر والإحتياط، وكأني بها موجهة عبر الريموت كونترول الذي يفرمل اللاعبين كلما حاولوا الإندفاع والتمرد على الخطة التكتيكية الصارمة الموضوعة من طرف المدربين· هو ديربي فاشل على المستوى التقني، لكنه ناجح، ومصدر هذا النجاح كان الجمهور الرجاوي والودادي الرائع، هذا الجمهور هو ما أنسى الرتابة التي عرفها الديربي رقم 105·· المتعة غابت من فوق البساط الأخضر وطارت بأجنحتها نحو المدرجات، هناك كان بإمكان العين أن تسعد بتلك اللوحات الفنية الرائعة والأهازيج الجميلة· الجمهور قدم رسالة واضحة بلا مقدمات أنه إستوعب الخطابات والرسائل التي وجهها المنظمون والمسؤولون ووسائل الإعلام، وكأن هذا الجمهور قال بصوت واحد نعم سنشارك في هذا العرس بطريقتنا ولن نسيء لهذا الديربي ولا للكرة المغربية، فكان بحق عند كلمته، لذلك فهو يستحق العلامة الكاملة وكل أنواع الإشادة والإطراء والشكر، نرفع لهذا الجمهور القبعة، وتحية خاصة إذن للجمهور الرجاوي والودادي وكل من حضر المباراة، وتحية أيضا لرجال الأمن وكذا السلطات الأمنية والمنظمين والمتطوعين والمسؤولين، أم أنتم أيها اللاعبون فلا عزاء لكم، فقد أخلتم الوعد وخنتم أمانة ديربي لم يحمل إلا الإسم على المستوى التقني·