كل الطرق ستؤدي إلى مركب الخامس بالدارالبيضاء يوم الأحد المقبل، هكذا ينطق بها عشاق الكرة المغربية، ليس فقط الجمهور البيضاوي، ولكن كل مهووس بالمستديرة المجنونة وكل من يعشق الإحتفالية الجميلة والطقوس التي يجب أن تحفل بها عادة مباريات كرة القدم. كل توابل نجاح مباراة في كرة القدم ستكون حاضرة في هذا الديربي، ولو أن هذه الإحتفالية ليست غريبة على هذه المواجهة رقم 107 بين الفريقين الأحمر والأخضر، لذلك نعرف أنه الأسبوع الذي يسبق هذه المباراة غالبا ما يخصص للحديث عن موضوع الإصطدام الرجاوي بالودادي خاصة بالدارالبيضاء، فتتبادل الدعابات والنكات والقفشات بين المشجعين إلى أن يحين موعد الإختبار والمواجهة التي تحسم في تسعين دقيقة، لكن الحديث قد يطول لأسبوع وشهر، بل لسنوات، فتاريخ الديربي وذكرياته ونتائجه لا تسقط من الأذهان. هذا إذن هو الديربي الذي نعتز به ونفتخر ونهلل له كلما طلع علينا هلاله، أو كلما اقترب موعده ما دام أنه يعتبر نافذة من بين النوافذ التي يستشرف منها الآخرون واقعنا الكروي ومدى تعلق المغاربة بهذه اللعبة، لذلك فالكل مطالب بالإنخراط بشكل إيجابي في إنجاح هذا العرس الكروي من سلطات محلية وأمنية ومنظمين وجماهير ولاعبين ومسيرين وطاقم تقني ووسائل إعلام، ولربما ستكون المسؤولية أكثر على اللاعبين، فهم الذين يزيدون جمالية على الدربي إلى جانب الجماهير. لكن العارفين بخبايا الديربي يدركون أن الضغط أكثر من يتحمله هم اللاعبون والمدربون، فغالبا ما تكون للخسارة تداعيات سلبية على الفريق المتعثر، أقالت مدربين وغيرت مجرى ومسار لاعبين، ولربما هناك من يشفق على حالهم داخل الملعب نظير الضغط الذي يهد الأكتاف، إذ يبقى كل شيء مسموح به إلا الخسارة، بيد أن أكثر ما يجعل الديربي البيضاوي محفوفا بالإثارة والتشويق هو صعوبة التكهن بنتيجته مهما كانت وضعية الفريقين، وهذا يحيلنا إلى ما يعيشه الرجاء من متاعب ومعاناة وصعوبات في الدورات الأخيرة، لكن ذلك لا يدخل في حسابات الديربي، إذ تذوب كل هذه الأرقام وتعود إلى نقطة الصفر، فإن كان أحد الطرفين متأخرا في الترتيب، بل حتى وهو يتذيله فلا يعني أنه آيل للهزيمة، وحتى إن كان يتزعم الترتيب، فإن ذلك لا يعني أنه مرشح فوق العادة للفوز لأنها فقط طقوس الديربي التي عودنا عليه في جميع سجالات الإخوة الأعداء بين الرجاء والوداد. نخشى على الرجاء أن يكون قد تأثر بنتائجه ومستواه، لذلك لا نعتقد أن المدرب جوزي روماو سيترك الفرصة تمر دون أن يحتكم أولا إلى الهاجس النفسي وإعداد اللاعبين من هذا الجانب وكيفية تجاوز العثرات الأخيرة والتهييء لمواجهة من حجم الديربي. كذلك لا نعتقد أن يسقط الزاكي بادو في فخ عدم تحذير لاعبيه من الغرور نظير التباين الآني في وضعية الفريقين، لأن الوداد وإن كان يريد من هذه المواجهة تكريسا للزعامة والريادة، فإن الرجاء يريدها من جانبه بلسما لمداواة جراحه واستعادة توازنه·· فكل طرف الرجاء أو الوداد يمنيان النفس لتحقيق غاياته ويخرج غانما من هذا الديربي، أما نحن فننتظر أن تكون مباراة ناجحة على جميع المستويات، لأنه بكل بساطة الديربي الذي نفتخر به..