بعد أن إنتهى الضجيج الذي أثاره السماسرة من حوالي هيرفي رونار بعد البونيس الدعائي الفاشل والشانطاج الذي حاولوا ممارسته بالترويج له من غانا حتى الصين، يعود الثعلب لقواعده سالما بعد أن أنهى رالي داكار حيث يعسكر أوقات الخلوة الشرعية، ليباشر تفاصيل التحضير والإشتغال الإحترافي على مشروع الفريق الوطني، محكما للعقل ومغلبا القناعة ومطلقا المناورة. وفور عودته تلقى الساحر كعادته خبرا سارا تمثل في إعلان منتخب مالاوي إنسحابه من تصفيات الكان، ولينضم هذا الفورفي لتواجد الأسود في نفس مجموعة البلد المنظم وهو الكامرون، ومعلوم أن حضور المنتخب الكامروني في مجموعة الأسود يشبه واو عمر الزائدة كون نتائجه لن تحتسب وكان الصراع عمليا سينحصر بين الأسود ومالاوي بإستحضار تواضع جزر موريس أو جزر القمر بطبيعة الحال ولو أن الكرة وحماقاتها علمتنا أنه من يراهن على منطقها فكأنما يضع البيض في سلة مثقوبة.. و لأنه ينبغي أن نتخلص وسريعا من عسل «كان الغابون» وأن نتحلى بالواقعية التي تضعنا في الصورة الحقيقية، صورة أن هناك مكاسب ربحناها من هذا الكان وهناك بالمقابل أمور ينبغي الإشتغال عليها ومنها تقليص وخفض معدل أعمار الفريق الوطني ومنح الفرصة لجيل واعد من اللاعبين الذين يقفون في طابور الإنتظار لينالوا نصف فرصة من الثعلب. نفس الواقعية تخبرنا أنه حتى لو تأهلنا لمونديال روسيا فإنه لا يمكن أن ننتظر سطوع نجم مبارك بوصوفة ليضرب العارضة و يصيبها بالملاعب الروسية وهو بسن 36 سنة،و لا يمكن أن ننتظر عوبادي بسن 37 و غيرهما. وخروج مالاوي من التصفيات في إراحة لرونار و إخراجه من مدارات التوتر و الشحن، وأن يشتغل بمنتهى الأريحية ليجعل من تصفيات الكان الفرصة الذهبية التي لم يكن ليحلم بها وهو ينظر للمعارك الحارقة والضارية التي تشهدها باقي المجموعات، طالما أنه ضامن و بنسبة مئوية كبيرة عبورا سيكون الأسهل إن شاء الله في تاريخ الأسود لنهائيات الكان. هذه الأريحية يجب أن تفتح الباب أمام مصراعي لاعبين توسمنا فيهم خيرا ذات يوم قبل أن تكسف شمسهم و يخسف قمرهم لسبب أو لآخر، دون أن يحاطوا بالرعاية اللازمة ولا هم حظي بالمصاحبة الطيبة، بدءا من الفنان هاشم مستور ومرورا بسفيان أمرابط و الجعدي و تيغدويني و انتهاء بياسين أيوب و ماحي و حتى الصبيري وحكيم زياش. وإنه الجيل الذي يجب أن يكسب مناعة الأدغال بفضل الهدية المالاوية و يخوض تصفيات الكان لوضعه في قالب اختبار السفريات والتنقلات الخارجية وحتى لربحه فيما تبقى من تصفيات المونديال. في إحدى ندواته بالكان قال رونار وكان هذا من حقه أنه جاء لتحقيق نتائج آنية، والنتائج الآنية يتم بلوغها باللاعب الجاهز ولم يأت للتكوين وتفريخ لاعبين وتخريج مواهب، لكن السياق هذه المرة اختلف والأسود وبنسبة كبيرة تخلصوا من هاجس الإقصاء من بلوغ الكان وضمنوا عصفورا واحدا باليد على الأقل في إنتظار حجز بلبل المونديال في القفص والعرين الأطلسي. لا أطالب رونار بإحداث تغيير راديكالي على تركيبة الفريق الوطني، ولا أشك في قدرات اللاعبين الثلاثينيين ممن يواصلون الحضور وبنسق مرتفع، لكن إطمئناننا على مستقبل الأسود يفرض على الناخب الوطني إجراء تعديلات طفيفة على أوتار برنامجه ومشروعه معنا،و أن يحضر النية الحسنة و يخلف وراء ظهره بعد رحيله ما يستحق عليه الكلمة الطيبة و الدعوة الصالحة. مستور ليس سيئا ولا هو بيريمي حتى يلعب مع الفريق الوطني 5 دقائق وبعدها نرميه هكذا، اللاعب أكد بما لا يدع مجالا للشك أنه موهوب وما يعوزه هو الرعاية و التأطير وخاصة الثقة بالنفس، وأيوب لاعب مميز وأمرابط هو سقاء للمستقبل دون إغفال ما يمثله حكيم زيا الذي أمامه عقد من الزمن لينهيه بكرة ذهبية بحضن الأسود على شاكلة يسرى تيمومي الرائعة والتي لم تتكرر، وكل هذا لا بد وأن يمر عبر ليونة رونار وأن يقدر هدية مالاوي بتقديم مهرها لجيل مستور وزياش وباقي مواهب الأطلس.