تحت أنظار رئيس الفيفا جياني إينفانتينو وعدة شخصيات وطنية، وبحضور جماهيري فاق 45 ألف متفرج بملعب مراكش، أضاع الفريق الوطني نقطتين غاليتين جدا وأهدر معهما فرصة تصدر مجموعته وسحب البساط من أقدام ضيفه الإيفواري المتزعم، ليستسلم للتعادل السلبي ضده في ثاني جولات تصفيات كأس العالم بروسيا 2018. رونار يغامر ودوسويي يقامر فاجأ الناخب الوطني هيرفي رونار الجميع بالتشكيلة الأساسية التي دخل بها اللقاء والتي جاءت بسبب الإكراهات، فأشرك عنصرين فاقدين للتجربة هما منديل والناصري مع الإعتماد على 3 لاعبين آخرين في غير مراكزهم والأمر يتعلق بالثلاثي أمرابط وبوصوفة وسايس، كما دفع ببوفال العائد من الإصابة مبكرا الشيء الذي أعتبر مغامرة وسيف ذو حذين. من جهته نهج المدرب الإيفواري ميشيل دوسايي خطة تكتيكية صارمة، إذ أغلق كل المنافذ وسيطر على وسط الميدان بكثافة عددية مع إبقاء الخطوط متقاربة، وهو ما نجح فيه إلى حد كبير حينما هيمن رفاق سيري ديا على مجريات اللعب طيلة 30 دقيقة الأولى وكبلوا زملاء بنعطية، بل وكادوا أن يخلطوا الأوراق في أسوء سيناريو عبر القناص الخطير كودجيا الذي ناور وهدد وعذب الدفاع المغربي. الأسود يستيقظون بضغط خفيف بعد نصف ساعة من الحصار والصراع والإندفاع البدني، وبعد معارك ضارية بين لاعبي المنتخبين للسيطرة على وسط الميدان ومفاتيح اللعب، تحرر الأسود نسبيا من الضغط الإيفواري وتنفسوا الصعداء هجوميا بمناورات من هنا وهناك، وشكلت بعض إختراقات أمرابط يمينا وبوفال يسارا قلقا للمدافعين الإيفواريين الذين كانوا يدافعون بجدارين متقاربين. كما أربكت الضربات الثابتة التي كان ينفذها بوصوفة الذي لعب كوسط ميدان دفاعي إلى جانب سايس الحارس الإيفواري سانغاري، هذا الأخير تألق وأنقذ مرماه من أبرز محاولة أتيحت للناصري من رأسية بديعة هي الأخطر والأوضح للأسود في الشوط الأول، والذي مر صعبا وقويا عليهم وإستشعروا خطورته وثقل المنافس الذي كان حاضرا ومنضبطا بشكل ممتاز. الحلول تغيب والبحث عن هفوات بإستثناء الفرصة المبكرة لطنان الذي سدد في الدقيقة الأولى للشوط الثاني كرة محادية، عاد التكتيك ليغلق الجسور المؤدية للشباك ويحرم الجمهور من معاينة الفرجة ومحاولات التسجيل، فكانت السيادة لكثرة التمريرات الخاطئة من الجانبين والسقوط المتكرر للاعبين في وسط الميدان، مع غياب كامل لأي هفوة أو إنزلاق دفاعي يأتي بالجديد في ظل غياب الحلول. وجرب الإيفواريون حظهم في التسديد والإختراق لكن يقظة المحمدي جنبته الكارثة في مناسبتين إثر تهديدين خطيرين لدوكوري وجيوفاني، ليفطن بعدها رونار لمحدودية وسط ميدانه وخجل هجومه فبادر إلى إشراك كارسيلا وعليوي مكان بلهندة وطنان. تعادل مر ومحبط الأسود رموا بثقلهم وكامل أوراقهم في آخر ربع ساعة خاصة بعد صحوة بوفال وتحمله لمسؤولية صانع ألعاب، كما شرع الظهيران أمرابط ومنديل في الصعود للدعم الهجومي، وحاول الناصري النشيط والمعزول مباغثة الحارس الإيفواري بسديدة ذكية لم تكن مؤطرة، في وقت تراجع فيه زملاء أوريي للوراء مع الإنطلاق في مرتدات سريعة وخاطفة وبالغة الخطورة. وبدا التعب على لاعبي الفريق الوطني الذين ظهر وكأنهم ينتظرون صافرة النهاية للخروج بأقل الأضرار، خصوصا وأن الفيلة فطنوا لإرهاق الأسود فضغطوا عليهم وبحثوا عن الضربة القاضية، لكن الدقائق الأخيرة مرت بسرعة ليعلن الحكم السيشلي عن نهاية اللقاء بالتعادل السلبي العادل والمنصف، والذي حمل طعم الألم والحسرة والإحباط للجمهور المغربي الذي خاب أمله في الفوز والإنقضاض على الصدارة، وبالتالي قد يجر مفاجآت كارثية وويلات الندم في آخر مشوار التصفيات.