مثل الزواج ومثل كل القرارات الكبيرة، إذ يقولون أن زواج ليلة تدبيره عام فلا يختلف حلم بلوغ مونديال روسيا عن هذا في شيء، إذ أنه هو الآخر يحتاج من رونار ولا يحتاج من الجامعة، لمقاربة استثنائية من الآن ولغاية شهر غشت من السنة المقبلة موعد استئناف التصفيات، دون القفز على مباراة كوت ديفوار الهامة والتي علينا أن ننتحر فيها كي ننتصر. قلت رونار ولم أقل الجامعة كون الأخيرة وفرت كل شيء له، فلا هو سافر يوما بغير الطائرة الخاصة ولا هو فتح فمه على طلب ورجع خائبا، لذلك عليه التبرير والرد وبالميدان لا أن يرمي لمعتركنا كتلا من الإحباط مجسدة في عديد إيحاءات وغمزه بفن الكلام الذي يجيده حين يقول تارة أننا منتخب متوسط وأحيانا يستحضر روح لاعبي كوت ديفوار وزامبيا التي قادته للنصر وغير المتوفرة في عناصرنا. شخصيا لم ترضين نقطة فرانس فيل حتى وإن حاول الكثيرون أن يوجدوا لها مبررات كثيرة من قبيل غياب هذا اللاعب أو ذاك، كون مثل هذا النوع من التصفيات لا يعترف بغير حصاد الختم والذي لطالما أوجعنا وجعلنا نتحسر في نهاية المطاف على كوننا افتتحنا المشوار بتعادلات رأيناها في البداية إيجابية وخلصنا بعد نهاية المعارك والجولات كونها ليست كذلك. بعد مشاهدة مباراة كوت ديفوار ومالي، وهالني بالفعل ما رأيت من إيقاع وقوة بدنية وبعد أن غنم الفيلة 3 نقاط استراتيجية تذكرت حكاية تكررت أمامنا معهم في تصفيات المونديال المنصرم بالبرازيل، بعدما بدأنا المشوار بتعادل مخيب أمام غامبيا واستهلوا هم مشوارهم بانتصار وشاءت تصاريف البرمجة كما هو وضعنا اليوم أن نستضيفهم بمراكش في ثاني الجولات فتعادلوا معنا ليضمنوا صدارتهم لغاية نهاية التصفيات. تذكرت أيضا حكاية تعادلنا أمام نامبيا مع كوليو البرتغالي وهو التعادل الأول في تصفيات 2002 بكوريا واليابان، وكان حاسما ليمنح السينغال بطاقة التأهل، وتذكرت أخيرا تعادل الأسود على عهد الزاكي مع كينيا وهو ما منح تونس بطاقة السفر لألمانيا على حسابنا، لأنه في المجموع وملخص الفيلم كوت ديفوار والسينغال وتونس من كانوا على الورق منافسين مباشرين لنا تفوقوا جميعهم على من تعادلنا معهم بملاعبيهم وقيمنا النقطة على أنها إنجاز. الآن الوضع وكأنه مستنسخ ويتكرر وعلينا أن ننتبه كون آخر مباراة لنا ستكون كما كان الأمر في التصفيات المنصرمة بأبيدجان، وما حققه كوت ديفوار أمام مالي يعلن ومن الآن مرشحا أول عن المجموعة للتأهل وبالتالي ومن الآن أيضا حتى نهاية التصفيات سيلعب حظوظ التواجد بروسيا الأمر الذي يفرض علينا عدم ترك شيء للصدفة أو رهن حظوظنا بنتيجة الجولة الختامية معهم. كان سيكون من الرائع لو نحن أجهزنا على الغابون بمعقله وعدنا لنهزم كوت ديفوار هنا ونبقي على صدارتنا لغاية السنة المقبلة، حيث سنستضيف مرة أخرى مالي لنلعب مباراة العمر التي تصل بنا النقطة التاسعة، لكن للأسف ضاع الحلم السوريالي بسبب نقطة فرانس فيل التي لن تقاس أهميتها الآن، بل بما سيكون عليه الأمر حين يرحل كوت ديفوار الجولة الثالثة لمواجهة الفهود. سيكون من الخطير جدا لو أن كوت ديفوار فازت على الغابون بمعقله، وأنا هنا أضع الغابون الحلقة الأضعف في المجموعة وستصلون هذه الخلاصة والحقيقة في نهاية التصفيات، كون مالي لن ترحمها في ثاني الجولات وحتى برنامج المجموعة سيضع الفهود أمام مقصلة لا ترحم. علينا أيضا أن ننتهي من جرد حجم الخسائر والأرباح بعد موقعة فرانس فيل، علينا أن ننكب على قراءة واقع المجموعة وبرنامج المباريات ونخوض كل واحدة على أنها نهائي فاصل غير مسموح فيه بغير النقطة، لأن سبيل العبور والتأهل لن يمر إلا بتحديد المصير وتقريره دون انتظار كبوة هذا المنافس أو هدية من الثاني. البداية إذن بمباراة كوت ديفوار والتي إن انتصرنا فيها فإن المكسب لن يقاس فقط بربح 3 نقاط بل بفرملة فيل خطير من التقدم، وبتسيد المجموعة لغاية الجولة الثالثة أو حتى الرابعة كوننا سنستضيف أيضا من معطى استقبال مالي في ثالث الجولات، ولا أظن أن الغابون ستربح الغابون بباماكو. في مثل هذا النوع من التصفيات إن أتيحت أمامك فرصة لاستغلال ضعف منافس أو هوانه ولم تفعلها فأكيد أنك قد حفرت لنفسك خندقا سيصعب عليك الخروج منه لاحقا، وولجت متاهة معقدة بكل تأكيد؟ رونار ليس سعيدا بنقطة حتى لو تظاهر بذلك، لأنه بثعلبيته وهو يقرأ شريط المباريات يتحسر في قرارة نفسه على عدم تحليه بكثير الجرأة حتى وإن عدم الحلول ليلعب من أجل الإنتصار بفرانس فيل، ولن يقنعنا كونه رحل ليربح هناك بالعرابي؟