تأخذنا الدهشة فلا نجد تفسيرا كبيرا ولا مقنعا لما يقدم عليه الناخب الوطني هيرفي حاليا ولا حتى ما أقدم عليه بالفترة السابقة، مستندين لتبريراته وواضعين سياق حسن النية في تصرفاته إلى أن يثبت العكس، على مستوى اختياراته البشرية ومسلسل التجريب الذي ما آن أوان نهايته لغاية تحديد المنتخبات التي يختارها لعراكها وديا. ولو نحن قبلنا بمحك ألبانيا وسند إنهاء الروتين الذي مل منه لاعبونا، ورغبة السي رونار في تجريب وصفة خططية جديدة أمام منتخب بفكر تقني مختلف عن باقي منتخبات القارة، فإن حجم الغرابة والدهشة يجدان صداهما هذه المرة في محك المنتخب الكندي الذي سيعقب 3 أيام مباراة الغابون أو لنقل معمعة الطلة الأولى لأسودنا في تصفيات المونديال التي ترنو إليها أفئدتنا هذه المرة بشكل مختلف وبشوق أكبر. عادت بي الذاكرة لأيام الزاكي حين كانت الخناجر تستل من أغمادها والنبال من روحاها لتصوب باتجاه الإطار الوطني من المحللين وأشباه المحللين، تارة سخرية من اختياراته وكثرة تنقلاته وفصول جولاته الأوروبية، ولعلكم تذكرون معي كلمة كبرت مع توالي الأيام إسمها النواة التي طالما هوجم بسببها الزاكي حين كانت قبائل الإعلام تؤلب الجمهور وتستفز الجامعة، مطالبة الزاكي بأن يظهر لنا نواته رغم أن الزاكي هو من وضع لفريقنا هوية بعد سنوات لم يكن باستطاعة أحدنا حصر وعد وتخمين 7 لاعبين يمكنهم الظهور مع ضربة الإنطلاقة. اليوم رونار يجرب أكثر من الزاكي وفي سياق لا يسمح له بذلك ويشرع باب الأسود أمام عناصر بعضها لم ينضج بعد لنحلم معه بتأهل للمونديال أو حضور مع ميزة الشرف بالكان وبسياقات لو كان الزاكي أو أي مدرب مغربي آخر قد وقع عليها لتم جلده وإلهاب ظهره بسياط النقد والتجريح وحتى الإستهزاء. ولئن كان الزاكي قد اختار الأوروغواي وما أدراك ما السماوي الأوروغواياني للحضور لأكادير فقامت القيامة عليه ورجع صدى صوت المنتقدين الذين ذكروه أننا في إفريقيا وليس في أمريكا اللاتينية، فإن الوضع اليوم غريب بالفعل حين تصادق الجامعة على حضور منتخب كندي للمغرب لمواجهته دون أن نفهم مقصد ومغزى الإختيار وغاياته ولا الفائدة التي سنغنمها من وراء حضوره. قد يكون رونار مساهم في تأهل الأسود للكان، وأقول ساهم لأن نصف المشوار عبده الزاكي الذي وضعه برواق مثالي للظفر بالصدارة، لكن هذا لا يخوله كما لا يمنحه أن تكون يده طويلة بهذا الشكل ليتصرف دون أن يساءل لا من لجنة المنتخبات التي صارت اليوم بقبضة رئيس الجامعة ، ولا هو يستفسر بخصوص بعض المواقف التي لا تحتاج لمن يؤكد كونها غاية في الغرابة. قد يخفى على كثير منا أن ورش المباريات الودية يمثل لبعض الشركات ولبعض متعهديها قطاعا مربحا لا يفهم فيه إلا الضالعون بالمجال، لذلك ما يتم تسريبه من المحيط المقرب جدا من رونار كون هذا القطاع هو بقبضة مقربين جدا منه هم من يرسمون له خارطة طريق منافسين على مقاس أكثر من خاص يضمن لهم هوامش ربح عالية ويضرب مصالح الأسود في الصميم كما يضرب المواعيد المعترف بها من طرف الفيفا عرض الحائط فلا يتم استغلالها على نحو مثالي و واقعي. لذلك لن يقنعنا أحد على أن كندا محك مثالي لفريقنا المتخندق مع كوت ديفوار والغابون ومالي ويحتاج لمحك من نفس المعدن، ولفريق من نفس الطينة والتباعد الموجود بين هذه المدارس والمدرسة الكندية يبعث فعلا على الإرتياب ويقود للتوغل في بحور الشك بخصوص غايات الإختيار. و إذا ما نحن سلمنا كون مباراة كندا ستأتي أياما قليلة بعد مواجهة الغابون التي يعلم الله وحده ما يخفيه له القدر في هذه الرحلة الشاقة وكيف ستكون النتيجة، فإن حجم الخوف يكبر من أن يصبح موعد كندا الودي بلا طعم ولا رائحة، بل قد تتحول المباراة للسحر الذي ينقلب على الساحر وبه وجب التنبيه ولفت النظر؟