ربما يكون الرقم الفردي للسنين حالة شؤم خاصة في الرياضة المغربية بصفة عامة وكرة القدم خاصة·· وسنة 2009 التي ارتبطت بكثير من الأحداث، اعتبرت الأسوأ في تاريخ كرة القدم المغربية بدلالات وصور الإندحار والتراجع الخطير في سلم الكرة الإفريقية والعالمية·· ولا تسألوني عن هذا القهر السوداوي الكثيف لسنة 2009، لأنه امتداد طبيعي للسنوات الفردية والعشرية الأخيرة بأسوإ الحالات والإقصاءات لما بعد مونديال 1998 إلى اليوم عدا إنجاز 2004 ووصول منتخب الشباب للمربع الذهبي لكأس العالم 2005· كما لا تسألوني عن هول هذه السنة التي حملت وحبلت بكثير من الهزائم النفسية والرقمية والكارثية لأقوى الرياضات الشعبية التي هي كرة القدم طبعا·· إسألوا روح الأندية الوطنية كيف ولماذا خرجت من كل المنافسات القارية والعربية بشتى وسائل الإحباط وتشويه السمعة والذات، إسألوا الرجاء لماذا قزمت جمهورها وهزت عرش الكرة المغربية بإقصاء سريع أمام وفاق سطيف الجزائري، واسألوا الجيش الكبير بالإسم كيف استقال من كأس الكاف أمام فريق ليبي عادي، ولا تسألوا عن إتحاد الخميسات لأنها كرست نفس التواضع، لكن ليس بقيمة إمكانيات الجيش والرجاء، كما لا تسألوا عن الوداد لأنها ببساطة وصلت لنهائي عصبة أبطال العرب، ولكنها لم تفك عقدة الحضور التونسي، وأمام هذه المساءلات الذاتية للأندية، يطغى التصادم الآخر على المنتخبات الوطنية، فلا الكبار نجحوا في تذويب الإخفاق المحلي، ولا الأولمبي ولا الشبان وحتى الفتيان قدموا صورة التغيير المنهجي والخلافة الجديدة لجيل آخر يمسح عنا بعضا من وجه غياب الرجال في الرقعة· لا تسألوا عن منتخب الأسود، فقد صعد فينا درجةالملح والسكر بفواجع إدارته الفنية المشكلة من خمسة مدربين كل بلغته وقراءاته دون أن يقرأوا جميعا لغات اللاعبين، ويشكلوا بعدها صورة تلاحمية ومسح عاقل لكل المشاكل والفيروسات القاتلة للروح والمبادرة، وكانت النهاية مذلة ومهينة في آخر الجولات بلا روح ولا رجال ولا هم يحزنون· ولا تسألوا عن القاعدة، لأنها أصلا غير موجهة ولا مختارة ولا مهيأة حتى بمدربيها، وأغلب المنتخبات التي شاركت في أحداث مناسباتية كانت بإيعاز من تخفيف آلام الصدمة للفريق الأول، ومع ذلك فهي قاعدة مختارة من رحم معاناة وقلة خبرة وتنافسية في البطولة الوطنية· ولا تسألوا عن كل الذي حدث في العديد من الرياضات الجماعية والفردية، لأن المرض السرطاني للإقصاء والخمول في مجال حيوي يظل مستشريا في العديد من الجامعات والإختصاصات من دون أن يفهم رئيس واحد لجامعة ما معنى أن يكون رئيس لجامعة فاشلة· حقا لا أدري لماذا يلعب الرياضيون؟ وعلى أي شيء يتنافسون؟ وبأي روح يريدون أن يكونوا نجوما؟ ثم هل هناك رجال ميدان واختصاص لصناعة الأجيال بدل أن يكونوا رجال بحث عن مورد رزق أيا كانت النتائج؟ وهل للجامعات ورؤسائها سياسة عاقلة، أم سياسة النوم على الكراسي الطويلة الأمد؟ المسألة طبعا ليست في وضع وطرح الأسئلة، بل في الإجابة عليها، لأنه الهرم مقلوب أصلا·· فالوزارة التي لا تملك وزيرا متحركا وديناميا في الرياضة، هو من عليه أن يرحل لأنه لم يدرس القطاع وموارده البشرية بالعقل، والرئيس الجامعي الذي لا يقرأ دواليبه ولجانه وموارده البشرية وغيرها من الخصائص التقنية والفنية، ولا ينجح في خلق الثورة الفكرية في سياقها الرياضي الحداثي هو من يجب ترحيله وتغييره·· ورئيس النادي الذي يملك فريقا بالوراثة على حد قول بعض الظرفاء ويصول ويجول ويتدخل في كل كبيرة وصغيرة بذات صفات المسن الذي يخرج ويدخل في الكلام، هو من يجب تغييره بالقوة والقانون دون أن يكون فوق الكل·· ولو جاز خلق هذه الثورة الجدلية في الكرة أصلا، لانقلبت الأمور رأسا على عقب ولشاهدنا أندية منظفة بأجيال جديدة، وجامعات قوية بوجوه فاعلة· اليوم طبعا، نأتي على توديع سنة مريضة قتلت أكثر من مسن ومسنة وشاب وشابة، منهم من شاهد أكثر من حدث، وودع الدنيا ومنهم من مات بالصدمة، ومنهم من مرض بالسكر والضغط العالي، ومنهم نفث آلاف السجائر في العديد من المباريات الوطنية والدولية·· وزيد وزيد·· اليوم نأتي على توديع سنة (العياد بالله) مظلمة في الرياضة، وقاتمة بإنزال صورة المغرب للأسفل·· ونأتي على دخول سنة مزوجة وليس فردية علها تكون ميلادا جديدا لثورة فكرية للسيد بلخياط، عله يكون لسان المنقذ الحقيقي لكثير من الرياضات، والثائر على كل الطفيليات التي تنهش في مال الكرة بلا حسيب ولا رقيب، والثائر على السلبيات التي تضع الكثير من عشاق الرياضة في خانة الموت البطيء·