عبر المدرب الأرجنتيني أوسكار فيلوني عن مخاوفه من مضاعفات تراجع المنتخب المغربي لكرة القدم في التصنيف العالمي، وانتقد في حوار مع «المساء» الحالة الراهنة للكرة المغربية، التي لا تعوزها المواهب على حد تعبيره، وقدم المدرب الأكثر تتويجا على الساحة الإفريقية مقترحات إعادة المنتخب إلى سكة التوهج. الحوار كان مناسبة للإبحار في عمق البحث الذي أنجزه حول إعداد اللاعبين «72 ساعة قبل المباراة و24 ساعة بعدها». - لماذا انقطعت صلتك بكرة القدم المغربية؟ < لم تنقطع إطلاقا، فأنا أقيم في المغرب وأتابع نبض الكرة عن بعد، لا أذهب إلى الملاعب لأن المباريات تبعث على النوم، فكرة القدم المغربية تفقد للأسف خاصية الفرجة، ونحن نعرف أن تحقيق المتعة عبر الكرة يسعد أفراد الشعب، إذ يمكن للمواطن أن يسعد لمجرد الاستمتاع بمباراة جميلة في كرة القدم، حيث يعود إلى بيته وهو في قمة الحبور، أما إذا افتقد الفرجة فإنه في الغالب يعود مهموما ويعامل زوجته وأبناءه بقسوة، المغاربة يعشقون كرة القدم ولا يمكن لإنجازات رياضة أخرى أن تسعدهم. - هذا يحدث في كل بلدان العالم وليس المغرب وحده؟ < لا أبدا، في سويسرا مثلا، حين يقصى المنتخب لا أحد ينذب حظه، إنهم يعتبرون الإقصاء جزءا من اللعبة، لكن في دول العالم الثالث الأمر مختلف تماما، لو لم تتأهل الأرجنتين إلى نهائيات كأس العالم لعاشت البلاد فاجعة حقيقية، لأن الكرة تجاوزت حدود اللعبة إلى معيش يومي. - لكن المغاربة قبلوا بالوضع واستأنسوا بغياب المنتخب الوطني عن نهائيات كأس العالم؟ < من المفارقات الغريبة في كرة القدم المغربية، أن المنتخب الذي احتل الصف الأول في مجموعة رهيبة تضم كلا من بولونيا وإنجلترا والبرتعال خلال نهائيات كأس العالم لسنة 1986، أصبحت تحتل الصف الأخير سنة 2009 في مجموعة تضم الكاميرون والغابون والطوغو، هذا هو العنوان الأبرز للتراجع، وما يؤسفني حقا ليس هو الإقصاء عن تظاهرة عالمية بحجم المونديال، بل مبررات المسؤولين الذين يتحدثون عن بناء منتخب للمستقبل، منتخب سنة 2014 وكأن المنتخبات الأخرى لا تتطور، إذا استمر المغرب على هذا النهج فسيتراجع أكثر في التصنيف العالمي والقاري وسيجد نفسه خلف موريطانيا وبوروندي أو جزر القمر. - هل يعيش المنتخب المغربي أزمة مواهب؟ < لا أبدا، لا ذنب للاعبين في ما حصل من نكبات، فاللاعب لا يأتي إلى مستودع الملابس من تلقاء نفسه بل يتلقى دعوة من الناخب الوطني، والعناصر الحالية هي الأفضل محليا وخارجيا، لكن الخلل يكمن في المنظومة العامة، وفي تدبير شؤون المنتخب. - كيف؟ < تعيين أربعة مدربين للإشراف على المنتخب، هذا خطأ استراتيجي، لأنه لا يمكن أن نصل بباخرة إلى شط الأمان بأربعة ملاحين، إذا قبلنا بحكاية التدبير المشترك للمنتخب الوطني، فعلينا أن نقبل بوجود أربعة رؤساء للجامعة، القرار في جميع مناحي الحياة يجب أن يصدر عن شخص كي يحاسب هذا الشخص وليس الجماعة. إن المنطق يفرض أن يكون المنتخب المغربي الآن في صدارة المجموعة أو في أسوأ الحالات أن يقتسمها مع الكاميرون. - لكن الجامعة وقفت على مواطن الأزمة وتعمل على إعادة بناء صرح الكرة المغربية، في ما يعرف ببرنامج التأهيل؟ < هذا مجرد مسكن، لا يمكن أن نهدم بيتا وندمر النوافذ والغرف وكل الديكورات، ونستدعي مهندسا معماريا لبناء بيت آخر على أنقاضه، الكرة المغربية قادرة بمواهبها وبعشق جماهيرها أن تستعيد مكانتها عالميا إذا توفرت الإرادة. - تنكب على إعداد دراسة حول الإعداد القبلي والبعدي للاعبين، ماهي أبرز مضامينها؟ <الدراسة ليست اختراعا لأوسكار، بل عملا جماعيا علميا ساهمت فيه مجموعة من الكفاءات، هم خيرة الأطر العارفة بمجال كرة القدم، والدراسة باختصار ترصد عمل المدرب في 92 ساعة، أي 72 ساعة قبل المباراة و24 ساعة بعدها، أي على مستوى الإعداد القبلي والبعدي للاعبين على المستوى البدني والتقني والبسيكولوجي، وهنا لابد أن أنوه بالعمل الذي قام به مختصون من أمريكا اللاتينية، وبصفة خاصة الإطار المغربي بدر لغماني الإطار التقني الذي له إلمام عميق بالكرة وله إلمام أيضا باللغات الحية، لقد قام بدور كبير في إعداد هذا البحث. - متى ستخرج هذه الدراسة الميدانية إلى حيز الوجود؟ < ستخرج إلى حيز الوجود ميدانيا، أي إنني أريد أن أخضعها للتجربة الميدانية مع إحدى الفرق المغربية بدل عرضها في واجهة المكتبات، ليس بالضرورة الوداد أو الرجاء، لأنني أومن بجدواها وقدرتها على لعب دور الوصفة القادرة على تهييء اللاعب بشكل علمي، أنا أريد أن أضع جميع الألقاب التي حصلت عليها في خزانتي وأبدأ في حصد ألقاب جديدة وهذا حق مشروع. - ما هو شعورك حين تعاين تألق لاعبين كنت وراء اكتشافهم؟ < هو نفس شعور المعلم أو الأستاذ حين يصادف في الشارع العام شخصا كان يوما أحد تلامذته، قبل أن يصبح إطار مسؤولا، إنه شعور بالغبطة وبالارتياح، لقد ساهمت في صناعة العديد من نجوم الكرة الذين تحولوا الآن إلى مشاهير وأثرياء، أذكر حين كنت مدربا لفريق أسيك أبيدجان أقحمت في المباراة النهائية لكأس رابطة الأبطال الإفريقية لسنة 1998 لاعبا عمره 17 سنة، وتمكن من تسجيل هدفين أمام ديناموس هراري، سجل الفتى فاسانوغو هدفي الانتصار وانتقل في الأسبوع الموالي إلى الدوري الإيطالي، والأسماء كثيرة أذكر منها كوصو كوصو ووغوميز الذي يقدم الاحتفالية في الدوري المكسيكي وشارل أوبونغ وندياي أبو بكار ويوسف فوفانا وزونكو مامادو وبالوكي فلوران وناطر والرباطي وخرازي وأرمومن واللائحة طويلة.