الحرية شيء جميل، لكنها قد تتحول إلى ما هو سلبي وخطير عندما نتخطى حدودها ونقلب مقاصدها ونجري ضد تيارها·· لقد علمتنا التجارب أننا عندما لا نحترم قوانين حرياتنا فإن الفشل وبكل تأكيد سيلازمنا وسنلعن اليوم الذي فتحت لنا هذه الحرية ذراعيها لأننا لم نحسن التعامل معها بشكل عقلاني، نحترم فيه أولا أنفسنا قبل أن نحترم الآخرين·· فكم هي الشعوب التي راحت ضحية "الحرية" لأنها لم تحسن التعامل، وكم من الأشخاص الذين فشلوا لأنهم سقطوا ضحية سوء فهمهم للحرية·· وبمناسبة الحديث عن الحرية يجرنا هذا لما بات يعرفه المشهد الكروي في بلادنا من الإنفلاتات التي تؤشر على أن هناك أشياء أخرى جد خفية تزيد حتما من التراجع، والمشاكل والإخفاقات التي أصبحت لازمة في كرتنا والتي مصدرها المغالاة في فهم مقاصد الحريات لمجموعة من أعضاء جامعتنا· فالتطاحنات الخفية التي تعرفها كواليس جامعتنا من دون شك هي نتيجة التخطي القوانين وعدم احترامها وهضمها بالشكل المعقول، ونتيجة لتخطي الحريات والمغالاة فيها، وأكدت التجارب الأخيرة أن جامعة علي الفاسي الفهري ليست بمنأى عن مجموعة من المشاكل والإختلافات ومازالت لم تجد بعد الدواء لرفع الداء الذي يسيطر على المنتوج الكروي· ويبدو أن الصرعات الخفية ما زالت ترخي بظلالها على الجامعة لتقرير مصير مجموعة من القرارات وفي السير العادي للكرة المغربية من خلال الأوراش الموضوعة والمزمع القيام بها لتحقيق النقلة النوعية التي يتوخاها الجمهور المغربي· منذ أن تقلد علي الفاسي الفهري زمام قيادة الكرة المغربية وجدها تعاني جملة من المشاكل ، واعترف أن هناك عملا كبيرا ينتظره نظير ما ورثه من عاهات وأعراض وأورام سيكون من الصعب اقتلاعها، مشاكل تهم طرق التدبير والتسيير والهيكلة، صحيح أن الحال وواقع الكرة يفرض علينا التحلي بالصبر وعدم استعجال بلوغ الواقع الجميل لكرتنا الذي لطالما أسهبنا في الحلم بطلوع هلاله، وصحيح أيضا أن الجامعة تضع مخططا بمدى بعيد يهم مجموعة من الأوراش ويهم بالدرجة الأولى هيكلة الكرة من جديد، لكن بين الأحلام والبرامج والمشاريع الموضوعة والواقع مسافة كبيرة سنكون مطالبين خلالها بالإنتظار لوقت طويل، وإن أكثر ما يزعج هذه المشاريع ويهدد السير العادي للقفزة التي ننتظر رغم وعورتها هي الإختلافات وفي أوجه النظر وفي طريقة التدبير، ذلك أن الوضعية الراهنة تقتضي تلاحما أكبر وانسجاما بين من يديرون شؤون كرتنا، فما لمسناه من صراع على سبيل المثال لا الحصر من مشاكل على مستوى التحكيم والبرمجة وعمليات شد الحبل يؤكد مدى خطورة هذا الوضع، كما يؤكد أن الأمر يقتضي نوعا من الإحتكام إلى العقل والمنطق وتغليب مصلحة الكرة المغربية وعدم تخطي الحريات·· نخشى أن يندمل الجرح أكثر مما عليه وتتوسع دائرة التطاحنات الخفية وتعود >ربما لعادتها القديمة<، حيث الحروب الخفية وتصفية الحسابات وتغليب المصلحة الشخصية على الجماعية· الكرة المغربية بحاجة في هذا الظرف إلى من يأخذ بيدها، إلى من يحميها ويساهم في تطورها·· فريق عمل الجامعة مطالب أن يكون أكثر تضامنا وانسجاما وتوافقا، فما أفسد كرتنا هي الحروب والحساسيات المجانية وتشتت الأفكار، وفريق العمل الناجح هو الفريق الذي يعمل بقلب واحد·