بودريقة... من أنت؟ أتمنى أن يكون محمد بودريقة على قدر الثقة التي إستشعرها في نفسه عندما إستبق لحظة تنصيبه رئيسا للرجاء خلفا لطيب الذكر عبد السلام حنات، فباشر ترتيب المرحلة بكثير من الحرص على أن يتم ذلك في أجواء إحترافية. أتمنى أن يستحق ما يضعه في نفسه أولا من ثقة على أنه فعلا رجل المرحلة وما تضعه فيه جماهير الرجاء من ثقة لأن يكون أهلا لثورة الربيع الخضراء التي لم تسقط رؤوسا ولم تدفن جيلا ولم تشيع ماضيا، ولكنها بكل بساطة طوت صفحة رأى صوت الشعب أنها ضاقت وما عاد في هوامشها ما يسع لأحلام الحاضر والمستقبل. سمعت كثيرا عن بودريقة، فلم يحدث أن إلتقيته يوما ولم يحدث أن هاتفته يوما، برغم أنني والزميل مصطفى بدري ما زلنا نضع في المفكرة والذاكرة رسالة حررها تحت الطلب محامي صديق تطعن في صدقية أخبار تحرت «المنتخب» عن صدقيتها فنشرتها مبشرة بقدوم رجل بمزايا جديدة وبفكر جديد لقيادة النسور الخضر هو بودريقة. وكنت للأمانة معجبا بالطريقة التي أبدعها في رسم الطريق لرئاسة الرجاء كرجاء مشروع وكأمل يؤكد ما لبودريقة من وثاق قوي مع العائلة الخضراء، فقد صمم الرجل المراحل بدقة متناهية، لا أقول أنه خطط للثورة الخضراء في عمقها، ولكن أقول أنه مشى في دربه محترما للأصول وللضوابط وأيضا لروح القانون. ليصل بكثير من السلاسة إلى رئاسة الرجاء.. وأتصور أن بودريقة يقف اليوم على هضبة مشتعلة أقدر طموحه وحماسته وسعة صدره، ولكنني لست بحاجة لأن أقول أن الوقوف على هذه الهضبة المشتعلة يحتاج لأكثر من الطموح والحماسة وسعة الصدر، إنه يحتاج إلى رؤية ثورية هي من صميم وروح ثورية المرحلة، فليس منتهى الأشياء أن يفوز الرجاء ببطولة المغرب ، حتى لو أن هذا اللقب سيمنح الرجاء شرف أن يكون الفريق المغربي الوحيد الذي يحضر منافسات كأس العالم للأندية مرتين متتاليتين، لماذا؟ لسبب بسيط أن الرجاء فاز بكل الألقاب وبكل البطولات، ولكن المراد من ولاية بودريقة أن تضع شعب الرجاء أمام آفاق جديدة يتغير معها نمط الحياة ونسقية الحلم، فالرجاء يحتاج إلى ما يُثبِّت الهوية، إلى ما يغني الذاكرة وإلى ما يقوي المرجعية، إلى ما يطابقه روحا ونصا مع لقب «العالمي».. ويعرف بودريقة أكثر مني أن الرجاء ما أنجحت رهان التحول الذي بدأ سنة 1988 بالفوز بأول لقب للبطولة وتواصل بالفوز سنة بعد ذلك بأول نسخة لكأس إفريقيا للأندية البطلة التسمية القديمة لعصبة الأبطال إلا لأنها تكاتفت وراء إستراتيجية هي ما فرض مرور كل الرؤساء الذين عرفهم الرجاويون من الرتناني إلى حنات مرورا بأوزال، عمور، الصويري وغلام.. هذه المقاربة الإستراتيجية هي التي يجب أن يستحضرها بودريقة ليؤسس عليها بمقاربة علمية الرؤية الجديدة.. الرؤية التي لا تلغي الماضي ولا تسفه الحاضر، بل الرؤية التي تقوي تماسك العائلة الخضراء وأبدا لا تحكم على أية تجربة سابقة بالإعدام.. أعجبني جدا أن يقول الحاج عبدالقادر الرتناني الرئيس الذي منح الرجاء لقب البطولة الأول معلقا على الجمع العام الأخير بأن الرجاء هي التي تصنع الرؤساء وليس العكس، وهو كلام لابد وأن يحمل كاملا على أنه كلام من رجل حكيم يعتبر الرجاء مؤسسة فوق الأشخاص ويعتبر الرجاء سابقة في المبنى وفي الهوية وفي الوجود على الرؤساء. لذلك فبودريقة هو إمتداد لهذا الفكر الذي يسير ويضبط العقارب على زمن الرجاء، بودريقة إختاره حاضر الرجاء ليكون الفارس والملهم والمخطط أكثر ما إختار هو أن يكون رئيسا للرجاء، وطبعا عندما يتشبع بودريقة بهذا الفكر الذي يربطه بالرجاء المؤسسة والنادي يكون قد عرف فعلا ما هو منتظر منه في الأمدين القصير والمتوسط.. يكون قد بدأ فعلا باستحقاق الثقة التي وضعها فيه شعب الرجاء. ما عاد الله أن تكون عبارة «باسطا» التي رفعتها جماهير الرجاء طلبا للتغيير الذي ما عاد مناصا منه قد عنت رمي رجال خدموا الرجاء عرض البحر، فهذه ليست من أخلاق المؤسسة، ولكن عبارة «باسطا» هي منبه فكري وروحي حتما لن يغيب عن بودريقة.. الرجل الذي طلع من ربيع الخضراء..