باسْطا.. إنصرِفوا! لم تكن نتيجة الديربي الأخير مفاجئة أبدا، لأن فريق الرجاء البيضاوي فرض إيقاعه على بطولة هذا الموسم، وتمكن لاعبوه من تقديم عروض مذهلة، وحققوا انتصارات كبيرة منذ بداية الموسم، وبالتالي لم يكن منتظرا أن يتنازلوا في آخر الدورات عن الفوز وهم يواجهون غريمهم فريق الوداد الرياضي، وكذلك كان، فقد أعلن النسر الرجاوي نفسه سيّد الديربي، ولقن خصمه درسا سيجعله يعيد النظر في حساباته مستقبلا، لأن الوداد فريق يغلي بالنجوم والمواهب، والهزيمة بمثل هذه الحصة التي إنهزم بها أمام الرجاء تدعو إلى كثير من التأمل وقليل من الكلام. باسْطا، باسْطا! واش فيك الزهايمر؟ راه الراجا اللي خسرات في الديربي بواحد لزيرو. وعلاش أنا قريت في الجورنال بلي الراجا ربحات الوداد بثلاثة لزيرو؟ باسْطا، باسْطا! هاديك غير بطولة ديال «الأمل» كيف والو.. أما الراجا مشات. بالعكس، ملي كاين «الأمل» يعني أن الراجا جايا... ناري ناري، الراجا جايا. لا ينبغي للرجاويين أن يخجلوا من الهزيمة أمام الوداد الذي حكم عليهم باليأس من الحفاظ على اللقب، بل عليهم أن يرفعوا رؤوسهم لأنهم يملكون ما يحلم به أي ناد، وهو فريق الأمل، يعني «الأمل» في المستقبل.. إن التشبث بالأمل وبرعايته هو أفضل علاج لليأس الذي أصاب أنصار الرجاء وبلغ بهم حدّا لا يُحتمل، ولو كان فريق الرجاء رجلا لفكر مرارا في شنق نفسه، إنه مثل نجم كبير فقد القدرة على مواصلة النجاح، فانحسرت عنه الأضواء بعدما كان سيد الأضواء، وانزوى مكتئبا في غرفة مهملة فوق السطح مستسلما للبكاء، يتأمل الأوسمة والجوائز التي نالها أيام المجد... ويبكي، يقلب في كل يوم ألبوم الصور التي تحكي كيف كان مشهورا جدا ومحترما جدا في زمن بعيد... ويبكي، يعيد في كل ليلة تشغيل أسطواناته القديمة... ويبكي، وإذا ما استمر هذا «الرجل الأخضر» على هذه الحالة طويلا يعاني في صمت، فسيجد نفسه دون وعي منه يبحث عن دْوا الفار يضع به حدا لحياته لينهي هذا العذاب.. لذا، كان لا بد لصوت الشعب أن يرتفع في مباراة الديربي، وأن يخط على التيفو صرخة مزلزلة تقول بوضوح: «باسْطا» وتعني «باراكا»! وعلاش ما كتبوش «باراكا» باش الشعب يفهم أش باغين يكَولوا؟ هاديك الرسالة ما موجهينهاش للشعب، المهم هو يفهموها الأعضاء ديال المكتب المسير اللي موجهة ليهم. راهم يقدروا يفهموا «باسْطا» ولكن ما يفهموش ريوسهم.. غادين يكَولوا: «ماشي علينا». إيوا راه باش ما يكَولوهاش علّكَنا سْمياتهم. ربما لأول مرة في تاريخ الرجاء البيضاوي ترتفع أسماء المكتب المسير المغضوب عليه بهذا الوضوح في مدرجات المكَانة، فبخط واضح وأنيق رفع صوت الشعب إسم أوزال وحنات وعمور والصويري والبصيري وغلام وسط كلمة «باسطا» وتعني «باراكا هادا الله».. ولم تكن اللغة المستعملة في هذا التيفو ذات أهمية أمام أهمية «الميساج» الموجه لهذه الأسماء (مع أسماء أخرى تفضل الخلود في الظل) تطالبها بالرحيل.. وقد نجح التيفو في أن يختزن عمقا شعريا وإنسانيا مذهلا، ويأخذ أبعادا ثورية هائلة، تذكرنا جميعا بقصيدة خالدة للشاعر الكبير محمود درويش «عابرون في زمن عابر» التي قال فيها: « أيها المارون بين الكلمات العابرة، إحملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا... وادخلوا حفل عشاء راقص، وانصرفوا... فخذوا الماضي إذا شئتم إلى سوق التحف، وانصرفوا.. كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا، آن أن تنصرفوا، وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تقيموا بيننا، فانصرفوا». أجي، كيف جاك الميساج اللي وجهّوه الوينرز للمسؤولين ديال الوداد؟ ما عندك ما تسالهم، ولكن الميساج اللي صيفطوه للمسؤولين ديال الراجا هو اللي كان واعر! إينا ميساج؟ كَالوا ليهم: «إيلا ما دخّلْتوش اللعاقة في شي ديربي، عرفوا جمهور الوداد ما جاش للتيران»! نافذة يقدروا يفهموا «باسْطا» ولكن ما يفهموش ريوسهم