نجوم من كوكب الفضاء وأرقام في عنان السماء ميسي والدون في حوار مجنون لا تمله العيون مرة أخرى يطل الكلاسيكو الإسباني بكل توابله المبهرة وبكل إثارته الكبيرة التي تأسر العالم، كلاسيكو الإياب لن يخرج عن سياق الجنون الذي ظل على الدوام مرافقا له، الإثارة ستحضر في أكثر تجلياتها وضوحا وصراع الجبابرة سيأخذ مدى هذه المرة أكثر حدة من المرات السابقة ونجوم الفضاء وكل الكواكب الأخرى ستحضر لتقدم لنا كرة بشكل مختلف وكرة لا تملها العيون. الريال يرحل لبرشلونة مدججا بكتيبته ونجومه العملاقة وهو الساعي لربح الموقعة ومعها ربح الدوري، والبارصا يدرك أنها فرصة قلب الأوضاع وجر الغريم لحسابات الشك. مورينيو يقول أنها مباراة عمره وغوارديولا يواصل هواية التصريحات المثيرة ويقول أن الليغا حسمت للملكي.. متابعة في فصول لقاء الدراما والمتعة في الورقة التالية. السحرة يجتمعون مرة أخرى لم يسبق عبر تاريخ مباريات العملاقين وأن إلتقيا بهذا الكم الكبير وبهذا الشكل المجنون، كما فعلاها هذه المرة في السنتين الأخيرتين، في الدوري كما في كأس الملك وفي عصبة الأبطال كما في السوبر الإسباني، إختلفت لغة الحوارات والخلاصة واحدة، المتعة والتشنج وحرب الأعصاب والتصريحات ولغة الإستفزاز مسيطرة. لم يسبق أيضا وأن تبارى الريال والبارصا بشكل مسترسل كما كان خلال الموسمين الأخيرين، ولا رافق سجالهما كل هذا الضجيج المسيطر الآن.. البارصا ظلت هي البارصا بتقاليدها العريقة والريال ظل هو الريال سيد الكون الكروي بشموخه وكبريائه الذي لا ينازعه فيه أحد من مريدي الجلد المدور، لكن ما تغير هو الجنون الذي صنعته الأقدام والعازفين القادمين من كوكب الخيال العلمي والبعد الخامس والنجوم الكبيرة التي تساوي في مجموعها أكثر من مليار من الدولارات وهو رقم مهول لم يبلغه أي من فرق المعمور على امتداد السنوات الخالية. فريقان مدججان بسحرة الكرة، وفريقان يضمان زبد القوم من الذين يدحرجون الكرة وفريقان من ظواهر اللعبة في ألفيتها الثالثة كما كان في الألفية التي طوت سجلاتها.. البارصا بنيزكها ميسي البرغوت شاغل الناس والعلماء، والريال بملكها الصاروخ والدون العجائبي رونالدو ملك الأرقام ومحير الإعلام، لذلك هو نزال القرن بكل مواصفات الرعب التي سيحملها قبل وأثناء وبعد الحوار بكثير من الأيام لتحليل ما جرى وسار.. البارصا تلعب مباراة عمرها لم يكن محبو البارصا ولا عشاقها يتوقعون سيناريو أحلى من الذي حصل في الثلث الأخير الذي تهالك فيه الريال على إيقاع التعادلات المريضة والمرة امام (مالقا - فيار يال وفالنسيا)، وإثنان بالميدان، ليذوب الفارق من 10 نقاط بالتمام والكمال جعلت مهمة اللحاق بالملكي أشبه بالمستحيلات وليتحول ل 4 نقاط أتاحت العودة من جديد للحلم بعد كوابيس بتوقيع السبيشل وان. برشلونة الآن برصيد 81 نقطة وبفارق يجعل من اللحاق بالريال ممكنا شريطة الفوز في موقعة نيوكامب ليصبح نقطة واحدة وبعدها تعليق الكثير من الآمال على مجموعة بيلسا وأسود بلباو لإنجاز الشق المتبقي من المهمة حتى بالتعادل أمام الريال، سيلعب لقاء العمر ولقاء تأكيد الذات ولقاء الحظ المبتسم لرجال غوارديولا بالجزاءات المثيرة والأهداف السهلة أحيانا. الإنتصار وحده من يعيد برشلونة لتلعب باقي اللقاءات الأربعة بشكل ناري وتخوض موقعة الإياب أمام تشيلسي بكثير من ضبط النفس والهدوء والتفريط في غير المكسب سيعني توديع الليغا وتوديع التتويج الرابع على التوالي والإكتفاء بالمراهنة على الكأس ذو الأذنين الطويلتين قاريا. تعبئة على أقصى درجات التحفيز داخل البيت الكاطالوني والمهمة واحدة وهي الفوز على الريال لتأكيد أفضلية اللقاءات الأخيرة وبعدها المراهنة على عامل الشك الذي سيقتل الملوك فيما تبقى من مواجهات لحرمانهم من لقب إحتفلوا به قبل الأوان. الملوك يحملون تاجهم لمقاطعة العدو غريب أمر هذه الكرة ومن يثق في كثير من حساباته، فالريال كان يخطط لخوض مواجهة من عيار المباريات الشكلية، وكان يخطط لقتل الكلاسيكو بالباسيون في قلب نيوكامب بعد أن كان الفرق 10 نقاط، وكان يراهن على الإحتفال بقلب الملعب الأسطوري للبرشلونيين في قمة الإذلال الذي سيذكره التاريخ بكثير من السخرية للغريم، قبل أن تتهاوى النقاط ويذوب جليد الفارق كما يذوب الثلج تحت ضغط الحر والشمس.. الشمس كانت هي ملاحقة برشلونة والجليد كانت هي النقاط العشرة وليضيع الملكي الفارق الذي كان سيحفظه من كل التشنجات التي ستسبق موقعة ميونيخ ببيرنابيو. الريال او ملوك الكرة العالمية بكامل الإستحقاق الفريق الخارج عن تصنيف البقية بقيمة الألقاب وثقافة الممارسة، سيحط الرحال بنيوكامب العصي عليه في السنوات الأخيرة وسيكون مطالبا على عكس برشلونة بتدبير النزال بالحكمة المزدوجة (التعادل أو الإنتصار) وكلاهما خياران يضعان ثاني الألقاب الإسبانية في جيب الداهية البرتغالي بعد كأس الملك. الريال الذي فرط في مكاسب المرحلة، سيكون مدعوا لامتصاص سطوة الغضب الكاطالوني، وسيكون مطالبا بتأكيد أن كل الأرقام التي أسقطها وأدخلته خانة الأساطير، والتأكيد أنه يستحق التاج المحلي. كبرياء الريال على المحك، وكأن القدر ضرب موعدا لهذا العملاق كي يخرج كل الزاد الذي يحتكم عليه، وكي يخرج ما يملك من أدوات في مباراة الفصل وتقرير المصير بدل أن تكون مباراة هزل لأن التاريخ لا يريد للقاءات الكلاسيكو أن تكون بهذا الشكل الممسوخ، الريال مدعو لتفادي الهزيمة لأن نقاطه 85 لا تعني الكثير وقيمتها ستتحدد على ضوء نتيجة اللقاء الصادم للمشاعر ولقاء المجرات العملاقة. سكوت.. العمالقة يتكلمون بمعزل عن النقاط ووزنها الذي سيكون من ذهب والماس في مواجهة القرن، ولا حتى الأرقام التي ستتكسر وستضع علماء الكرة أمام جدل التقييم ومعرفة إن كان هؤلاء القوم من طينة البشر أم لا، سيكون هناك حوار من عيار صادم آخر بين نيزكين ولاعبين ظلمهما التاريخ بأن وضعهما في نفس القالب ووضعهما في نفس الحقبة. ليونيل ميسي برغوت بلاد الفضة الأرجنتينية الذي صنع المعجزات في فترته الحالية حتى تجرأ المحسوبون على صف المقارنات ليضعوه في نفس سلة مارادونا،الهداف الذي عاد ببرشلونة للمنافسة على اللقب والمفتاح السحري في معادلة انتصارات الكاطالان والذي تتغير برشلون من دونه في الشكل والمضمون، سيكون هو اللاعب الأكثر شغلا للأضواء من الجانب المضيف واللاعب الذي سيحاول التأكيد على أنه أكبر المحظوظين كلما واجه كاسياس والريال بالتوقيع في مرماه مجددا، وتحقيق هذا الإنجاز سينصبه داخل المقاطعة الكاطالونية ملك الملوك بامتياز. في الضفة المقابلة سيرتقي عاليا لاعب شامخ ومنارة من منارات كرة هذا العقد، واللاعب الذي يتحدث بالأقدام لغة الإمتاع ولغة السلاسة ولغة البدن والإستعراض الذي جعل منه ظاهرة كروية قائمة الذات وواحدا من المجرات الفريدة في عالم الكرة الحديثة، صاروخ الماديرات أو الدون كما يحلوا لعشاقه تلقيبه به.. كريستيانو رونالدو اللاعب الأغلى على مستوى العالم واللاعب الفريد من نوعه الذي استطاع تخطي الكثير من الأساطير التي مرت معبد بيرنابيو بأرقامه المذهلة وتوقيعاته الأنطولوجية، على موعد مع مباراة سيحاول من خلالها تأكيد عودته المشروعة في لقاءات الكلاسيكو بعد أهدافه في آخر المواجهات وعلى أنه الرقم الذي يعول عليه السبيشل وإن رفع هامة البرتغال عاليا في العالم. مباراة داخل المباراة وحوار جبار بين عملاقين من عالم آخر، برشلونة تريد الفوز الذي يعني لها تجديد بطارية الأمل والريال قد لا يرضى بالنقطة في غار الظلمات وسيتطلع للبصم على انتصار خرافي يجعل لليغا مذاقا آخر في انتظار التحفة العاشرة أوروبيا. متابعة: