عودة العرابي ما نسمعه اليوم عن قرب مغادرة يوسف العرابي للهلال السعودي لم يكن في الواقع مفاجئا ولا غريبا، بعدما بات الطلاق وشيكا بين الطرفين.. العرابي وضع في لائحة اللاعبين المرشحين للرحيل لعدم اقتناع الهلاليين بالأداء الذي قدمه العرابي منذ إلتحاقه بالزعيم الأزرق. قد يكون الأمر عاديا من يوسف العرابي عندما يطالب بتغيير الأجواء والبحث عن محطة جديدة، لكن ما لم يكن عاديا هو أن يطلع مسيرو الهلال بخبر رغبتهم في بيع اللاعب لعدم تقديمه للأداء المنتظر أو الإضافة المرجوة. في نفس هذه الزاوية وبعد انتقال يوسف العرابي المفاجئ إلى الهلال السعودي كنت قد أكدت أن هذا الإنتقال يحمل في طياته الكثير من الخطورة والتأثير على مساره الكروي، أولا لأنه انتقل إلى فريق يعد من أقطاب الكرة السعودية، ونحن نعرف أن الأندية الكبيرة هناك غالبا ما تعرف طغطا كبيرا من طرف وسائل الإعلام وجماهير الفريق خاصة اللاعبين الأجانب الذين غالبا ما يكونون في دائرة الأضواء والمتابعة الكبيرة. ثانيا نظير القيمة المالية لصفقة الإنتقال، حيث اعتُبر يوسف العرابي أغلى أجنبي في البطولة السعودية، وبالتالي كان من الطبيعي أن يكون أكثر اللاعبين الأجانب متابعة وشهرة في البطولة السعودية، بل كان عليه أن يتحمل عبء وتداعيات الصفقة الوازنة والتي أثارت القيل والقال في هذه البطولة. كنا ندرك أن وسائل الإعلام وجمهور الهلال لن يتساهلا مع يوسف العرابي دونا عن باقي المهاجمين، بدليل الإنتقادات التي وجهت له مبكرا، أي في فترة الإستعدادات بعد أن حملت وسائل الإعلام والجماهير سيوف الإنتقادات ووجهتها إلى يوسف العرابي خلال المباريات الإعدادية وتسرعت في الحكم على أدائه واتهمته بتضييعه لفرص سهلة. عندما نعود لنقلب صفحات بعض اللاعبين المغاربة المتألقين والذين إحترفوا بالبطولة خاصة بالهلال سيتأكد لنا المعاناة التي لاقوا هناك، وسأذكر صلاح الدين بصير الذي حمل ألوان هذا الفريق لسنتين، فرغم المجهودات الذي قام بها مع الفريق والأداء الجيد وكذا الأهداف التي سجلها خاصة وكان في أوج عطائه عندما إنتقا للهلال، إلا أنه كان دائما عرضة لانتقادات جماهير الفريق وكذا المسؤولين، قبل أن يفلت بجلده ويفتح صفحة جديدة بالإحتراف الأوروبي بإسبانيا وفرنسا واليونان. واقع الحال يقول أن يوسف العرابي لم يستفد من تجربته بالبطولة السعودية مثلما لم يستفد منها لاعبون مغاربة سابقون، ليس لأنهم فشلوا في تجاربهم ولكن لأن الأجواء هناك لا تنسجم مع إمكانيات مهاجمينا الذين خاضوا تجارب هناك، فعادة ما يطلب من المشجع السعودي ومسير الفريق أن يقوم اللاعب بجميع الأدوار لمجرد أنه أجنبي، أن يدافع ويصد مرماه من الأهداف، أن يهاجم، أن يمرر ويسجل الأهداف، أي يتحول بصريح العبارة إلى ماكينة أو آلة تجوب الملعب بلا هوادة وتتقمص جميع الأدوار. هذا هو الإحتراف في البطولة السعودية التي كان يجهل عنها يوسف العرابي الشيء الكثير..في أوروبا يعرف المشجع متى ينتقد حتى لا يتحول إلى عنصر هدام للفريق بدل أن يكون عنصر بناء، في أوروبا المسير يدافع على المدرب مثلما يدافع على اللاعب ويحترم اختصاصاته إيمانا منه أن كل عنصر يعتبر فعالا في المنظومة الكروية للفريق. أما ما عاشه العرابي وقبله من المهاجمين المغاربة من أمثال بصير والزاييري والبوخاري وبعض اللاعبين الذين راحوا ضحية الإختيارات الخاطئة في البطولة السعودية، فيؤكد أن الأمور تدبر حسب الأهواء والنزوات ولا تقاس بالإحترافية في التعامل مع اللاعبين وتقييم أدائهم. اليوم سيضطر يوسف العرابي للعودة إلى القارة العجوز وهو يجتر خيبة تجربة فاشلة، لكنه بالمقابل إستخلص درسا بليغا كون أن التضحية بالجانب المالي على حساب الرياضي قد يدفع لاعب الكرة إلى فقدان الكثير من الأشياء، ولعل أهمها متعة الكرة التي افتقدها العرابي من دون شك في البطولة السعودية.