ما أن يصعد أي رجل إلى أي جهاز كروي خاصة إن كان من حجم الإتحاد الدولي لكرة القدم أو الإتحاد الأوروبي أو إحدى الإتحادات القارية، إلا ويمني النفس في ترك بصمة يذكرها التاريخ سواء بتعديل أحد الأنظمة أو إبتكار قانون جديد أو تشييد مشروع ضخم·· وعندما وضع الفرنسي ميشيل بلاتيني أوروبا تحت أقدامه وصعد إلى كرسي الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، راهن هو الآخر على التغيير لتدوين إسمه ضمن عظماء الكرة من الرؤساء مثلما فعل البرازيلي جواو هافيلانج رئيس الفيفا السابق، ومثلما يفعل حاليا السويسري جوزيف بلاتير· الجديد الذي طلع به ميشيل بلاتيني يتمثل في الإعتماد على خمسة حكام لقيادة مباراة في كرة القدم، وسيتم تطبيقه اعتبارا من الموسم المقبل، حيث سيبدأ العمل به انطلاقا من هذا الشهر موعد بداية مسابقة >أوروبا ليغ<، والتي كان يطلق عليها كأس الإتحاد الأوروبي، وقد تم عرض الفكرة على الأندية خلال عملية سحب القرعة، وستكون هذه التجربة طوال مباريات المنافسة الأوروبية، حيث ستقوم هيئة مختصة بتقييم هذا المشروع والوقوف على درجة نجاحه، وإذا ما كانت النتائج إيجابية فسيتم تعميمها يؤكد ميشيل بلاتيني وتطبيقها رسميا في دوري أبطال أوروبا وأوروبا ليغ اعتبارا من الموسم المقبل، وكذا في الأورو 2012 الذي سينظم مناصفة بين أوكرانيا وبولونيا· حِرص ميشيل بلاتيني على إدخال بعض التعديلات في مجال التحكيم نابع لما بات يمثله من أهمية قصوى في اللعبة، حيث يعتبر بلاتيني أن نجاح التحكيم يضمن نجاح المباريات وتطوير اللعبة·· لقد راهن بلاتيني على الزيادة العددية للحكام في المباراة لأنه شعر أن كرة القدم تطورت بشكل كبير على جميع الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالإيقاع والخطط التكتيكية للمدربين وسرعة اللاعبين ومهاراتهم واستعدادهم البدني وقوة المتابعة الجماهيرية الضاغطة، إذ فطن بلاتيني إلى ضرورة مسايرة هذا التطور المذهل في لعبة كرة القدم، وكأني ببلاتيني يمرر رسالة من تحت الماء، يؤكد فيها أن الحكم لم يعد قادرا على تحمل عبء المباريات أمام هذه التحولات وأمام الأخطاء التي يرتكبها الحكام· وإذا كان بلاتيني من أشد الرافضين الإستعانة بجهاز الفيديو في التحكيم، اعتبارا إلى أن أخطاء الحكام وما أكثرها وما يمكن أن يخلقه من مشاكل داخل المباراة، فإنه من باب تذويب العراقيل التي بات يعيشها حكم المباراة، فإنه منحه السند والدعم عن طريق الزيادة العددية·· وعندما أرخت الدورة الأولى لبطولتنا باحتجاجات قوية على التحكيم تأكد لنا أنه أن المغرب في حاجة أيضا لتعديلات وخطوات هامة أكثر من تغيير أسماء وإدخال وجوه جديدة، فالدورة الأولى أثبتت أن هاجس التحكيم سيظل مثيرا للجدل وسيقض مضجع كرتنا ما لم تكن هناك تغييرات حقيقية وصائبة تلزم تكوينا حقيقيا ومحترفا للحكام، وربما أيضا منحنا بلاتيني الحلول التي بإمكانها أن تخفف من أعباء حكامنا وأخطائهم، فليس عيبا أن نقتفي آثار من سبقونا بخطوات كثيرة، خاصة إن كنا عاجزين على إيجاد الحلول·