حكام مباريات الجيش يقيسون خطوط الملعب بطريقتهم الخاصة وبنظاراتهم الفريدة عرفناه بخلق دمث وبرباطة جأش وبانضباط كبير·· فجأة زاغت عقارب الدماغ عن جادة الصواب·· إنفعل وثار بعدما أحس بالظلم على حد قوله·· بادو الزاكي هنا يتحدث عن ردة فعله الأشبه بعاصفة هوجاء تجاه العاشيري·· يكشف المستور في القصة ويتحدث عن مؤامرات الكواليس·· تابعوا بعضا من فصول الحكاية· المنتخب: ثورة كبيرة، ردة فعل قوية وغضب كبير، سمات لم نعهدها فيك كإطار وطني محترم وكإسم له قيمته، ما الذي أخرجك عن طوعك وجعلك تنفعل بتلك الطريقة؟ بادو الزاكي: صدقني·· ما قلته في كلماتك أثر في كثيرا·· أعرف ما يمثله الزاكي للجمهور المغربي، أقول هذا وبلا فخر أنا لست ملكا لنفسي، منذ أن لبست قميص الفريق الوطني وبللته بالعرق والإخلاص والجهد أيقنت أني أصبحت ملكا لكل المغاربة، وتزكى هذا أكثر من خلال ملحمة تجديد العهد مع التألق رفقة الأسود بتونس·· لذلك تجدني الآن محبطا، مكلوما وحزينا بعض الشيء·· لقد نجح من خطط لهذا السيناريو المكشوف والهزيل في مسعاه وبلغوا مسعاهم في استفزازي·· الحمد لله أني حتى بعد المباراة وفي المنتديات بالشارع كما بالملعب وجدت من فهم رسالتي ومن تعاطف معي·· المنتخب: (مقاطعا) كيف تجردت من كل لباقتك ومن كل كياستك لتبدو كثور هائج، لتقوم بردة فعل غاضبة تجاه العاشيري، نريد القصة؟ بادو الزاكي: القصة هي أن من عين العاشيري لمباراتنا كانت لديه نية مبيتة لاستهدافنا (الوداد) وللنيل مني شخصيا ونجح·· بيني وبين هذا الحكم قصة من نوع يعرفها هو حق المعرفة، وتعود للسنة قبل الماضية بخريبكة حين كنت مدربا للكوكب، وحاول خلالها تقديم لقب البطولة للفريق الفوسفاطي على طبق من ذهب، وأنا صعبت عليه المهمة لأني لعبت خلالها بنزاهة وشرف·· وفزنا بفضل هدفي بنبوبكو، حينذاك آذاني وطردني·· أعطى ضربة خطأ خيالية للأولمبيك وحرمنا من ضربة جزاء·· وكنت سببا خلالها في التشهير بسوء تحكيمه فحفظ بداخله كل الكراهية وتصفية الحسابات معي· المنتخب: أنت الآن تتكلم من منطلق حكايات الماضي، من زاوية الأمس، ماذا حدث بالملعب ولم نشاهده نحن؟ بادو الزاكي: بالله عليكم أعيدوا شريط المباراة مرات ومرات، أعيدوا قراءة وقائع الأحداث بعين مجردة وبحيادية·· أي نقطة ستمنحونها لحكم يحمل شارة الدولية ومساعديه يحملون نفس الصفة·· أخطاء فظيعة، امتيازات مغتالة لصالحنا وتحيز سافر للخصم، لو كنت متهورا لتصديت له فور إعلانه ضربة الخطأ التي أعطت الهدف الأول، وحتى بعد الهدف الثاني تمالكت أعصابي، لكن ما حدث بعد طرد فوزي عبد الغني دون أن تكون للأخير يد في أي غلطة·· والإستفزاز الذي واجه به لاعبينا جعلني أندفع من منطلق الغيرة وبلا وعي أو شعور·· إسألوا علماء النفس ليعطوا تحليلا موضوعيا عن الهزات التي يحدثها الظلم، عن ما يمكن أن يفرزه التحيز والإستفزاز، لست نادما على ما فعلت، ولو عاد العاشيري لظلمه لعاد غيري للإندفاع مرات ومرات حتى ولو كلفهم الأمر أن ينزلوا إليه من المدرجات هذه المرة·· المنتخب: قد لا يبدو كل ما تقوله مقنعا ومبررا لكل الهستيريا التي انتابتك، يبدو أن في الأمر كما قلت لي بالميدان كلمة سر أخرى؟ بادو الزاكي: قبل اللقاء ومع الكاتب الإداري لفريقنا إدريس مرباح بدأت فصول الضغط المبرمج والمخطط له بإحكام رفقة مخرج سيناريو له تجربة كبيرة في مثل هذا النوع من الممارسة ويعرف نفسه وسيحين الوقت لكشفه·· قلنا للعاشيري يا حكم من المفروض أن نلعب باللون الأبيض طالما أن المنافس سيلعب بألوانه الأصلية، أعلن رفضه المطلق ولعبنا >بالبنفسجي< الذي جعل رؤية لاعبينا في الملعب >فلو< وبها ضبابية، وامتثلنا لأوامره دون أن يقنعنا بالأسباب، وبين الشوطين بعد أن تبللت قمصاننا، طالبناه بالتغيير فقبل هذه المرة أن نلعب باللون الأبيض، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حرص أن يشوش علينا بين الشوطين، قلنا له سنؤكد لك مطابقة الأرقام بعد الإنتهاء من إعطاء تعليماتنا للاعبينا، لكنه حرمنا من حق التوجيه وضغط علينا بشكل وبأسلوب بوليسي·· لقد نهرني بالقول·· فكيف سمح لنا بعد الشوط الأول أن نلعب بالأبيض وليس قبل اللقاء·· المنتخب: إذن الآن الأمور بدأت تتضح نسبيا، هنا تصفية حسابات على ما يبدو أو هكذا يتراءى لنا؟ بادو الزاكي: شخصيا لا أحمل للعاشيري أية خلفية ولو حكم لنا نهاية الأسبوع الحالي وكان نزيها سأكون أول من يصافحه ليهنئه على أدائه، وإن أخطأ متعمدا كما حدث ضد الجيش فقد قلت لك أني سأزلزل الأرض من تحت أقدامه·· لقد انتهى زمن الفساد والإرتزاق وجلالة الملك محمد السادس نصره الله رسم لنا خارطة طريق محاربته·· المنتخب: وضح أكثر·· أنت الآن تدخل سياقا آخر مختلف؟ بادو الزاكي: لقد طالعت ولأكثر من مرة دلالات الرسالة الملكية السامية في المناظرة الوطنية الكبرى للرياضة، ووقفت على ما بين السطوروأصدقني القول، ما جاء به عاهل البلاد نصره الله كان منطلقا لثورتي ولاندفاعي·· فما قمت به أنا إذا وقد بدا للبعض على أنه تهور أو شكل من أشكال الشغب، فأنا أسميه جرأة لمحاربة الفساد، شجاعة أدبية لتغيير المنكر بطريقتي الخاصة·· أظن أنه كما نقول في مثلنا الشعبي >الحر يفهم بالغمزة< فما بالك إذا كان الخطاب الملكي واضحا· المنتخب: هل بلغ العاشيري برأيك لهذه الدرجة من التعسف التي تجعلك تصنف تحكيمه ضمن إطار الفساد الرياضي؟ بادو الزاكي: أمين قبلي يعتدي على منقاري بأمتار قليلة أمام أعين الحكم الدولي، وادوش يتعسف على نفس اللاعب دون ردة فعل عادلة·· أعيدوا الصور وشريط المباراة وحاسبوني وأنا مستعد لقبول حكمكم، وضربة خطأ خيالية جاء منها الهدف·· لكن قبل ذلك لنحاسب الحكم بعدالة مطلقة كما نحاسب غيره، أنا لا أتكلم من فراغ، فهناك نوايا مبيتة خلال اللقاء، هناك استهداف وهناك فساد يجب أن تقتلع جذوره·· المنتخب: لكن فوزي لبرازي من جانب فريقكم كانت له تدخلات خشنة وعنيفة ولم يعاقب أيضا؟ بادو الزاكي: أنا مع الحق حتى ولو كان على رقبتي، مع العدل حتى ولو كنت أنا الضحية، أقولها وعبر منبركم إذا كنت سأقدم كبش فداء بقرار عقابي وينتهي هذا الفساد وهذا العبث سأكون مرتاحا ومستعدا لأني على الأقل تجرأت على القول >اللهم إن هذا لمنكر<· المنتخب: ألا تعتقد أن التساهل مع مثل هذه الحركات بتبرير كالذي قلته سيفتح المجال أمام مصراعي ممارسات شبيهة؟ بادو الزاكي: أعيدوا أنتم كإعلاميين تشريح الخطاب الملكي، إفهموا الرسالة كما فهمتها أنا حتى ولو كانت قراءتي خاطئة·· ما وصلت إليه هو أن الملك محمد السادس نصره الله له نظرته العميقة لواقع الرياضة، وهناك تهييء لإصلاح ما يمكن إصلاحه·· لذلك أنا مسؤول عما أقدمت عليه ونخوتي وتربيتي لا تسمحان لي بأن أقبل المهانة والظلم كما عشته في مباراة الجيش·· لقد تعرت الأشياء ولن نقبل بوجود أشباه العاشيري بيننا· المنتخب: سبق وأن اعترضتم على تحكيم مشمور واليوم تطالبون بمعاقبة العاشيري، ألا تهولون الأمور قليلا بدل أن تركزوا على عملكم؟ بادو الزاكي: وكيف ستركز على عملك إذا كان هناك من هو مهيأ لنسفه وتهديمه في رمشة عين، لا أنام طيلة أسبوع المواجهة، خمسة أشهر من التهييء ويأتي السي العاشيري لينعت لاعبا داخل صفوفنا >بالبرهوش< ويتعمد الإحتكاك بي لتصيد زلتي·· هل هكذا ستقلع كرتنا الوطنية، للأسف السكوت على الظلم لا يولد إلا مزيدا من الظلم وأنا لست شيطانا أخرس·· حين يحاكم عادل حليوات بالعقوبة مدى الحياة والإيقاف لأنه بصق على الحكم فإن نفس الحكم يجب أن يسري على العاشيري، لأنه بدوره بصق على ناد كبير وعلى جمهور فريق وعلى مدينة بطريقته الخاصة، وبصقته كانت داخل صفارته، هذا هو العدل كما قرأناه وكما أقره الله سبحانه وتعالى· المنتخب: قبل اللقاء بدوت لي مبرمجا على ردة فعل عنيفة وقلت لي بالحرف أنك متخوف من تحكيم المباراة، لأن الجيش طرفا فيها، هل كان لهذا تأثير على واقع الأشياء؟ بادو الزاكي: سأسألك بدوري، هل حكام مباريات الجيش الملكي لهم مقاسات خاصة بالملعب ليست كتلك المعترف بها، ضد المغرب الفاسي الكرة كانت خارج الملعب فقالوا أنها داخل الميدان وضدنا كانت داخل المعترك فقالوا عنها خارج الإطارات·· أعتقد أن الحكام لهم إطارات خاصة للميدان أو أن لديهم نظارات خاصة·· أنا لست فاهما، فأفهموني أنتم·· الجيش أكبر من حكم ولا تحتاج لهدية منه، وقد حان الوقت على غرار مصر وتونس ليأتونا بحكام أجانب للقاءات القمة والديربيات· المنتخب: إستهلكنا ما يكفي موضوع ردة فعلك وتحكيم العاشيري، هل ستتصدون لتحكيمه معكم في اللاحق من المباريات؟ بادو الزاكي: لا نملك هذه الصلاحية وهو دور خاص بالمكتب المسير للوداد، أنا لست >جنيا< حتى أتكفل بإعداد الخطة ومراقبة الحكام في الكواليس وقراءة نواياهم· لا حسابات لدي مع العاشيري، فقط أقول أنا لست ممن تصدى لمشمور يوما وهنأته على أدائه، والعاشيري وخفافيش الظلام الذين يحمون أمثاله عليهم أن يرحلوا، وأنا أضم صوتي لكل المضطهدين وأقول >كفى فسادا<· المنتخب: الفساد هو مرتبط بالمسير، بالإداري، باللاعب، بالإعلام، بمنظومة الرياضة ككل، ألا تشاطرني الرأي؟ بادو الزاكي: تابعوا معي أحداث الشغب التي كانت بفاس والتي حدثت بمراكش والتي شهدتها خريبكة في مباراة الكوكب الذي كنت أدربه وقادها العاشيري·· لتقفوا على حجم خطورة الموقف·· الجمهور يأتي للمدرجات لينفس عن همومه ·· ليضع مشاكله خلف ظهره·· ليتابع لقاء الفرجة·· لكن أن يصطدم بواقع الظلم·· أنا لست مسؤولا عن النتائج التي يمكن أن تحدث بعدها، بإمكان هذا الإحباط وهذا المشهد الفاسد أن يفرخ لنا قنابل موقوتة بشرية، وأنا أطرق جرس الإنذار·· المنتخب: ألا تظن نفسك مستهدفا كما حدث مع مدربي الفريق الوطني الذين سبقوك بجرأتهم (اللوزاني، الناصيري، بليندة ومديح) وعانوا في الكواليس؟ بادو الزاكي: كنت ولازلت أؤكد أن جرأتي هي سبب مشاكلي، لكن في سبيل الدفاع عن مواقفي مستعد لأن أتحمل النتائج، رأس مالي الوحيد هو كرامتي ،والحمد لله أن الزاكي لن يموت جوعا حتى ولو حوربت، الحب الذي أقابل به في الشارع يشعرني بالخجل ويقوي حوافز الإنتفاضة بداخلي ويجعلني مرتاح الضمير· المنتخب: الوداد كان في الطريق الصحيح، ألن تؤثر هذه العثرة على أهدافك؟ بادو الزاكي: هي سقطة جواد ليس إلا، وأعود للتذكير أننا لم ننهزم ضد الجيش الملكي وإنما ضد العاشيري، بدليل أننا ما إن بدأنا نسيطر حتى تصدى لنا الحكم وأجهض آمالنا وخططنا· الوداد كبيرة برموزها وتاريخها وجمهورها ولن تتأثر أهدافها مطلقا· المنتخب: هل أنت مستعد لقبول قرار عقاب في حقك كيفما كان؟ بادو الزاكي: وهل هدمت أنا الملعب؟ أو أحرقته، أنا دخلت للملعب لأقول للعاشيري إن ما تقترفه اليوم هو جريمة ولن يسامحك التاريخ عليها، دخلت لأوجه رسالة صريحة لخفافيش الظلام، للمرتزقين على حساب الرياضة النزيهة أنهم انكشفوا للعالم في زمن التكنولوجيا والنقل التلفزي· المنتخب: أترك لك مساحة أخيرة تتحدث فيها بحرية، أو توجه من خلالها ميساجا خاصا؟ بادو الزاكي: إن هذا الوطن الذي كان السبب في شهرتنا وكان له الفضل الكبير علينا يستحق منا أن نخدمه، إن زمن الظلم و(الحگرة) قد انتهى اليوم، هناك خطاب مولوي سامي لرمز وقائد البلاد الملك محمد السادس نصره الله أظهر غضبه وعدم رضاه عن واقع التسيير وأشياء أخرى، علينا أن نتحلى بالشجاعة ونبدي رأينا، على من أساؤوا لكرة القدم الوطنية أن يرحلوا في صمت وهدوء بدل أن يقذفوا بالطماطم والبيض الفاسد·· الزاكي يقول لكم أنه خلق هكذا ولن يتغير·