··عندما خصصت هذه الزاوية في العدد الماضي للحديث عن الذي تحرك في هوامش وكواليس المباراة الودية التي خاضها أسود الأطلس في رحلة المعافاة والتشافي أمام منتخب الكونغو، للضرورات الإستراتيجية التي قلت أن أكبرها يكمن في أن الحاجة كانت ماسة إلى إحداث قطيعة مع مرحلة سابقة من التدبير، كانت لغاية الأسف مطبوعة بكثير من الهوائية والهواية·· ما كنت طبعا أقصد بذلك أن أسقط من النقاش والحوار والجدل الإيجابي ما كان يمكن أن يأتي به المحك الودي الذي يسبق بأيام مباراتنا بلومي أمام منتخب الكونغو ، فما وجدت أبدا مباراة ودية وتجريبية تخلو من الدروس··· وجدت أن البعض ذهب إلى القول أنها مباراة لبناء منتخب وطني جديد ، فيما ذهب بعض ثان إلى القول أنها كانت مباراة إستكشافية، وألح بعض ثالث على أنها مباراة لاستعادة ثقة مفقودة بالنفس أولا وبالقدرة ثانيا على مغالبة الظروف التي جعلناها نحن بتدبير عقيم وهاو تكون ظروفا قاهرة بل ومحبطة·· ولست أرى من وازع منطقي يجعلنا نتصور ونحن نلاقي منتخب الكونغو أننا في لحظة بناء فريق وطني··· فكيف نبني فريقا وطنيا ونحن على بعد أيام من مباراة مصيرية وحاسمة أمام صقور الطوغو بلومي، حيث سنكون بهاجس بلوغ نهائيات كأس إفريقيا للأمم مدفوعين إلى تفادي الهزيمة والرجوع بوفاض خال من النقط··· ربما أشعرنا الطاقم التقني الوطني المشكل في سابقة هي الأولى، من أربعة أطر وطنية، أن هناك جنوحا إلى بناء قاعدة جديدة للفريق الوطني، ولكن حقيقة الأمر أن الغيابات الوازنة هي ما دفع بالمدربين الأربعة إلى إعتماد تلك الوصفة الإستثنائية· وقد يكون غير مفهوم ومن باب حدوث ما لا قبل لأي مدرب به من طوارئ، أن لا نجد ظهيرا أيمن وظهيرا أيسر، فنلعب بعصام عدوة في الرواق الأيمن ونلعب بأمين الرباطي في الرواق الأيسر، وهما معا بالإختصاص والتراكم شغلا مركز الدفاع الأوسط ويكون بضغط من الوقت وباستحالة عودة بدر قادوري للمنافسة بحكم أن إصابته تغيبه لشهرين، ولعدم الجزم بإمكانية عودة كريتيان بصير إلى قمة جاهزيته أن نتصور الحيرة التي عليها اليوم الطاقم التقني في ضبط خط الدفاع بشريا وتكتيكيا ،إعتبارا إلى أنه سيتحمل بكل تأكيد كل الضغط ، لما ستكون عليه مباراة لومي أمام الطوغو من مصيرية لنا وللطوغوليين أيضا··· وإذا ما كان مهيئا بحكم الذي شاهدناه أن ثنائية وادو وبنعطية تستطيع أن تتحمل مسؤولية بناء العمق الدفاعي، فإن تسمية الأظهرة الدفاعية تحتاج في ضوء المستجدات الحالية إلى تفكير عميق، لطالما أن الأمر سيرتبط بمنظومة لعب عامة·· وبذات القدر صور لنا الإطار التقني الوطني أنه بالإمكان اللعب بالسقائين، الثلاثة، سفري، خرجة والأحمدي، وقد أظهرت مباراة الكونغو أنه بالإمكان الإرتكاز على يوسف سفري كرجل إرتداد ثابث برغم ما أصبح عليه أداؤه من تراجع، وهو أمر مفهوم ومستصاغ، كما يكون بالإمكان الإعتماد على الحسين خرجة وكريم الأحمدي لإنجاز الشق الدفاعي وأيضا الشق الهجومي عند الإضطلاع بمهمة رجل الوسط، إلا أن ذلك يفرض ، فرض عين ملاءمة العناصر المختارة مع النهج الذي سنختاره لمواجهة منتخب الطوغو يوم الخامس من شتنبر القادم، والقصد أن اللاعب لايختار لذاته وإنما يختار لضرورات النهج ومتطلبات المباراة·· وسيكون حتميا أن نبحث في كل ذلك عن التشكيل الأمثل الذي يستطيع بتجاوب كل عناصره أن يضطلع بالمهام التكتيكية التي ستناط بالفريق عند مواجهة الطوغو، وهي مهام صعبة تقبل فقط بعناصر لها كامل الإستعداد البدني والنفسي، ولها كل الأريحية في الإستجابة للمتطلبات الجماعية· لقد أظهرت مباراة الكونغو، خارج كل ما له طبيعة بالأرقام وبالنتيجة أن هناك عناصر لم تعد ترغب في ركوب موجة التغيير، أو أنها لا تستطيع فكريا ركوب الموجة ، أو أنها فاقدة لكل قدرة على الإضطلاع بمهام غاية في الدقة، لذلك أرجو أن يكون الطاقم التقني مستحضرا لكامل الصرامة في تقييم قدرات كل اللاعبين، ليس بإنتمائهم لأندية بعينها، ليس بلعبهم في بطولات بعينها وليس بمرجعيتهم، ولكن وهذا هو الأهم بجاهزيتهم النفسية والبدنية لأداء مهمة نتفق جميعا على أنها مهمة صعبة جدا··· ولو كنا نعتد بالتعادل المخيب للفريق الوطني أمام الكونغو لنقول أن لا أمل لنا في هزم الطوغو أو حتى التعادل أمامه بلومي، فإن الطوغوليين يعتدون بالخسارة القوية لصقورهم في مباراتهم الودية أمام أنغولا بالبرتغال لا ليقولوا فقط، أن صقورهم ضاعوا وسط الطريق، ولكن أيضا لينادوا بأعلى الصوت بإقالة المدرب البلجيكي جان تيسن·· في النهاية هي مباريات ودية، كثيرا ما باعنا فيها الفوز وهما كبيرا، فكان السقوط صادما عند أول مباراة رسمية···