لا تضغطوا على بونو صدق من قال أن حراسة المرمى هي أصعب مهنة ومن أكبر المسؤوليات التي يتحملها كل من يشكل المنظومة الكروية من لاعب والمدرب ومسير وأيضا الجمهور، فالحارس هو آخر نقطة تفصل الكرة على الشباك، الفريق يستعد طيلة الأسبوع للمباراة من أجل الفوز والحارس في الأخير هو من يتحمل وزر تحقيق هذا الفوز، فالخطأ عند الحارس يعني ضياع كل هذا الجهد الذي يقوم به الفريق طيلة الأسبوع، جهد المدرب واللاعب والطبيب والمسير وأيضا الجمهور في المباراة، قد يخطئ هذا المدرب أو اللاعب والمسير، لكن قد لا يتأثر الفريق لأن هناك من يغطي هذا الخطأ، لكن وضعية الحارس لا تسمح بالخطأ لأنه مرادف للهدف. كلها معطيات تؤكد أن الحارس مهما بلغ درجة من التجربة والخبرة فإنه يبقى دائما مهددا بالخطأ الذي يكلف غاليا، لذلك كان الله في عون كل حارس يذوذ عن الشباك ويتحمل هذه المسؤولية التي تهد الأكثاف، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بحارس تنقصه التجربة مثلما كان الحال للحارس ياسين بونو الذي رمت به الأقدار ليحرس مرمى الوداد في إياب نهائي كأس عصبة أبطال إفريقيا أمام الترجي التونسي برادس، فبعد أن انتاب التوجس قلوب المغاربة خشية أن يتأثر هذا الحارس الشاب بأجواء المباراة وقيمتها وطقوسها فإن ياسين بونو استطاع أن ينجح في الإختبار بامتياز، حتى أننا اعتبرنا الفوز الحقيقي الذي حققناه في هذه المباراة التي خسرت فيها الكرة المغربية لقبا قاريا يتمثل في ميلاد حارس ينتظره مستقبل زاهر. فعلا، لقد كتب ياسين بونو شهادة ميلاد جديدة، فرغم أننا كنا سنسامحه لو أنه لا قدر الله لم يكن في المستوى أو ارتكب أخطاءا فادحة لأن هذا الفتى تنقصه الخبرة في مثل هذه المباريات، لكنه ومع ذلك تمكن من اجتياز الإختبار بسلام، فالكثير من الحراس إنطلقت مسيرتهم الناجحة بضربة حظ وبونو ربما سيكون واحدا من هؤلاء. واقع الحال يقول أن ياسين بونو ما زال أمامه الكثير من الوقت من أجل الإستفادة وتطوير أدائه، خاصة أمامه الكثير من المباريات مع الوداد في انتظار شفاء الحارس نادر لمياغري، لذلك فالمرحلة التي يمر منها هذا الحارس الشاب تبقى جد هامة وحساسة، والمطلوب هو أن لا نحمله أكثر ما يطيق، ذلك أنه وبعد الأداء الجيد الذي قدمه أمام الترجي كثر الثناء والمديح لدرجة الغلو، لأن المديح المغالى فيه هو سلاح ذو حدين وقد يكون له تأثير سلبي على مشوار اللاعب، خاصة إذا كان في مقتبل عمره وما يزال يشق طريقه مثلما هو الحال لياسين بونو. وبما أن الفرصة سمحت لي أن أستجوب ياسين بونو بتونس، أي مباشرة بعد انتهاء المباراة أمام الترجي فقد كان لزاما أن نقف على إحساسه بعد هذه المباراة، وكيف سيتعامل مع الأداء الجيد الذي قدمه، وماذا يمكن أن يضيف له في المباريات القادمة.. ومن خلال إجابته على أسئلتنا فقد أبدى ياسين بونو حذرا كبيرا مع مرحلة ما بعد هذا النهائي وأكد أنه سيطوي صفحة الترجي ليفكر في الآتي بتركيز أكثر، واعتبارا للإحترافية التي يتمتع بها وهدوئه ونضجه المبكر نحن متأكدون أنه سيتعامل بذكاء مع المرحلة القادمة ولن ينام في العسل لمجرد أنه أدى مباراة كبيرة أمام الترجي، حيث كانت إجابته شافية وكافية عندما أكد بعظمة لسانه أن نجاح اللاعب لا يتوقف على مباراة واحدة وأن ظهوره بذات المستوى الجيد أمام الترجي لا يعني أنه حارس ناجح، بل أكد أنه مطالب بالعمل الجدي والمثابرة والإجتهاد من أجل تكريس ما قدمه والوصول أيضا إلى قمة العطاء. لقد أعطانا ياسين بونو درسا كبيرا في كيفية التعامل مع النجاح، خاصة في بداية الطريق، فكم من لاعب بمواهب كبيرة خدعه النجاح الأول وراح ضحيته بعد أن انطفأت شمعة تألقه مبكرا بعد أن كان مشروع لاعب كبير، لذلك نتمنى أن يستمر ياسين بونو في تألقه وأن لا يتأثر بالمديح الذي تلقاه وأن لا نحمله ما لا يطيق، ولو أننا متأكدين أنه ليس من اللاعبين الذين قد يخدعهم النجاح المبكر، خاصة بعد أن اعترف أن نجاح اللاعب لا يقاس بالنجاح في مباراة واحدة.