أول ساعات الإحتراف شهدت أولى ساعات الإحتراف في البطولة المغربية لكرة القدم، مجموعة من الممارسات التي شدتنا بحبالها إلى الوراء، وجعلتنا نصر على أن اليوم كالأمس، وأن دفتر التحملات الذي يجذبنا نحو الإحتراف قد يمزق من شدة هشاشة أوراقه. في أول يوم احتراف لبس المنظمون جيليات جديدة، كما يرتدي الأطفال بزهو ألبسة العيد، وانتشروا في الملعب في محاولة لاجتثات الهواية من العقول، لكنهم عجزوا عن إقناع أطراف المعادلة الكروية ببزوغ فجر موسم كروي جديد. في مركب محمد الخامس بحث الصحافيون عن إسم لاعب دخل الملعب دون أن يكون إسمه مدونا في اللائحة المسلمة لرجال الإعلام، وتبين أن لا أحد يعرف إسمه، فيما اقترب مسؤول من الجواب الصحيح حين قال إن اللاعب المبحوث عنه يلقب بالطيارة، واقترح علينا التنقيب عن اللاعب وكأننا نغوص في شبكة للكلمات المتقاطعة. في الندوة الصحفية كشف مدرب اتحاد الخميسات عن معضلة أخرى، وقال بشجاعة نادرة إنه يجهل أسماء كثير من لاعبي فريقه. في فاس دشن السوسيون وفاسة الموسم الإحترافي، بتخاريف تبعدنا بمساحات ضوئية عن الإحتراف، فقد استنفر المكتب المسير للمغرب الفاسي شركة للحراسة الخاصة أملا في إنهاء التسربات التي تعرفها عملية ولوج الملعب، وبعد انتهاء المباراة تبين أن نفقات انتداب الشركة تقارب المداخيل الهزيلة، حينها تأكد أن الملعب فيه ثقب. حسب دفتر الأعباء كما يسميه إخواننا في الجزائر، فإن النادي القنيطري قد أدلى بما يفيد أن ملعبه البلدي جاهز للمنافسات، وأن أضواءه وحدها تضيء البلد، لكن مع اقتراب المباريات تبين أن المصابيح معطلة، مدينة يحكم مجلسها البلدي حزب المصباح ويحكم ولايتها وزير سابق للشباب والرياضة، الذي فوجئ بدعوى قضائية من الكاك في أول يوم احتراف. وعدتنا جامعة كرة القدم بتطهير المنافسات الكروية من آفة المنشطات، وبدا على وجوه اللاعبين نوع من الإرتباك وهم ينتظرون من يقودهم إلى غرفة التبول، لكن تبين لهم أن عبارة ممنوع البول تملأ جداريات ملاعبنا، فانفرجت أسارير وجوههم فعادوا إلى هوايتهم سالمين. لم تستعد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ليوم الإحتراف، ولم توفر الإمكانيات اللوجستيكية اللازمة ليوم لا ريب فيه، فاضطرت إلى نقل الجيليات ولوازم الشغل الإحترافي من ملعب لآخر، في سلوك مستنسخ من زمن الهواية والإستجداء. في أبواب ملاعبنا تنتصب نفس الكائنات التي استأنسنا بها في عهد الهواية، أشخاص يدخلون الملعب آمنين، لا حاجة لهم بالتذكرة ولا توقف زحفهم نحو المنصة الرسمية حواجز أو متاريس، بل تشيعهم التحيات من موقف السيارات إلى موقف الأجساد في الصفوف الأمامية، بالمقابل هناك كر وفر حول جنبات الملعب بين البوليس الخاص والعام وهواة القفز فوق الحواجز. في أول يوم احتراف تخوض مجموعة من الأندية المغربية مبارياتها بأقمصة بلا هوية، بينما لا تمانع فرق أخرى من اللجوء لأقمصة مستنسخة لتدبير الوضع، في انتظار التعاقد مع عويطة المستشهر الجديد للأمتعة الرياضية، الذي سيوفر الكساء لكثير من الفرق بعد طول عراء، أقمصة عويطة لا تكل ولا تمل هي كقطارات عويطة تقطع المسافات بروح العداء الذي يسابق الزمن. في أول يوم احتراف لم تنسحب الشتائم من مدرجات الملاعب، وظل البوليس في حالة تأهب قصوى كلما أطلق الحكام صافرة النهاية، يهرولون إلى وسط الملعب ليطوقوا الحكام بحزام أمني مضاد للشتائم وقذائف القنينات البلاستكية، مما يحول الحكام إلى أظناء رغم أنفهم. في أول يوم احتراف يبيع المسيرون تذاكر مبارياتهم بأثمان مزاجية، دون حسيب أو رقيب، بينما ارتفع عدد الباعة المتجولين والمتسولين والميخالة في مدرجات ملاعبنا بشكل يثير الإشمئزاز. في ظل هذا الوضع هل الإحتراف مجرد كاميرا خفية؟