سوء تدبير الصيغة التعاقدية، أم الهدر الكبير للمال العام؟ خسرنا ملايير المونديال ومعها ملايين مؤخر الصداق يبدو أنه أصبح قدرا محتوما ومكتوبا على جبين الفريق الوطني أن لا يعمر المدربون داخل عرينه لمدة طويلة ومعقولة أصبح عرين الأسود محطة عبور وواحة استجمام خاصة لبعض الأجانب، سيما الفرنسيين الذين ارتبطوا به لمدة قصيرة جدا، ورحلوا دون تحقيق أهداف محددة وفي جيبهم منحا دسمة وشيكات بمبالغ مالية هامة مكافأة على إنجازات لم تتحقق على أرض الواقع، صورة ارتبطت بواقع إدارة الأمور للجهاز الجامعي السابق الذي خلق إرثا ثقيلا لنظيره الحالي وورطه في آخر المطاف في عقد مع المدرب لومير، الذي أوصل الأسود لنفق مسدود ومظلم وأزم حظوظه المونديالية ويطالب ب 3 ملايير مقابل الرحيل· الإرث الثقيل والتدبير الأرعن على إمتداد مسافة تعد ب 14 سنة هي عمر الجهاز الجامعي السابق والممتدة من سنة 1994 إلى غاية 2009، أي بعد الظهور غير الموفق في مونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية وارتفاع الأصوات الداعية إلى تنصيب أطر تقنية لها من الكفاءة والمقدرة والتاريخ المرصع ما يكفيها لإعادة بناء منتخب وطني قادر على العودة لواجهة الأحداث وإعادة البسمة لشفاه العشاق، ليأتي الإرتباط بالمدرب الفرنسي هنري ميشيل برهان واحد كان هو اللعب لأجل حجز بطاقة التأهل لمونديال 1998 بفرنسا، ورغم أن المنتخب الوطني فشل في التأهل لجنوب إفريقيا والكأس القارية المنظمة سنة 1996 على أراضيها، إلا أن ذلك لم يمنع من إعادة ترتيب البيت والأمور وفق تشكل جديد ووفق نهج مختلف أفضى إلى تحقيق المعادلة المطلوبة بضمان التواجد بمونديال فرنسا 1998· وليس هذا هو المهم، إذ أن الأهم، أنه باستثناء هذه الفترة والإستقرار الذي ميزها بإشراف ميشيل على العارضة التقنية للأسود لخمس سنوات كاملة من (1995 إلى غاية 2000)، فإن الحصيلة بالأرقام للجهاز الجامعي السابق لا تبعث على الإرتياح ولا تنطق بما يتحدث عن إحترافية في التدبير، فترة عرفت إشراف 9 أسماء عبر مسافة 14 سنة، وهو معدل مهول ورقم مرعب ويبعث على التخوف ويكشف جانبا من جوانب الرعونة في التعاطي مع شأن المنتخب الوطني والذي يأتي في طليعة الإهتمامات للشعب والجمهور المغربي، وتكون له عادة انعكاسات سواء سلبية أو إيجابية على باقي الحلقات المرتبطة به سواء للأندية أو المنتخبات الأخرى بباقي فئاتها العمرية· ومع هذا الرقم المستفز وغير المقبول حضرت ملايين أخرى غير مبررة، سواء تلك التي تم تخصيصها لرواتب مغالى ومبالغ فيها أو في إطار صيغ تعاقد لم تخدم الجهاز كطرف قوي في معادلة التفاوض، والحصيلة هي أن أكثر من مدرب رحل راضيا مرضيا بمنح تخص رواتب معلقة لم يعرق عليها كما نقول ولم يتعب لأجلها ولومير آخر النماذج· أوزال شاهد أم خاطبة؟ ولأنه شكل الرقم 2 في معادلة الهرم الجامعي على إمتداد المرحلة السابقة ونظرا لإنشغالات الجينرال حسني بنسليمان المتعددة، فإنه كان يضطلع بدور قربه من الرقم 1 بكثير، إنه محمد أوزال نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السابق والذي كان شاهد إثبات على المرحلة بكل الإخفاقات والسقطات وحتى التجاوزات التي ميزتها، هذا المسير هو جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب الحاضر ورجل وإن كان يفخر بأنه صاحب فضل فيما وصلت إليه أرقام كرة القدم الوطنية في سياق تعاملاتها، إلا أن هناك معطيات دامغة وحججا قوية تثبت تورطه وتثبت أنه مسؤول فوق العادة عما إليه وضع المنتخب الوطني حاليا وبخاصة إستماتته اللامشروطة في الدفاع عن الأسماء الفرنسية التي كان يأتي بها كل مرة ويقدمها على أنها في نواصيها الخير والإصلاح، وآخرها روجي لومير والذي قال في حقه بالحرف >إنه رجل محترف ومثالي إذا كان من شخص يعود له الفضل فيما آلت إليه الكرة الفرنسية حاليا من نجاحات فهو لومير<· وفي الوقت الذي كان قد تعهد والتاريخ لا ينسى، لا يتجمل ولا يكذب بأنه لن يدرب المنتخب المغربي غير مدرب وطني محلي وطالب ستة مدربين برفع سجلاتهم وسيرتهم الذاتية إليه (الزاكي فاخر الطوسي العمري فتحي جمال ومديح)، كان أوزال يهيء لطبخة سرية أخرى تتلاءم وتستجيب لأهوائه وحده ضدا على إرادة شعب بأكمله كان ينتصر بالصوت والهتاف لإسم واحد وهو عدة بادو الزاكي· مرت العاصفة كما خطط لها أوزال وانتظر الهدوء الذي يجعله يطبق برنامج الطموح جدا، وليعلن أنه حدثت متغيرات جوهرية تجعله ينكت عهده ووعده السابق وأن المدرب القادم سيكون فرنسيا· وبهذا يصطلح على أوزال لقب خاطبة الجامعة لأنه في كل زواج وفي كل مرحلة سابقة كان هو متعهد القران وهو المعني بقدوم كل الأسماء المذكورة والتي لم يفلح واحد منها في جعل المنتخب الوطني يطوق عنه بالذهب أو يلحق بمونديال الأحلام· عقود ملغومة لمصلحة من؟ جرى العرف داخل كل الإتحادات العالمية أنها قبل أن تتدبر مسألة وأمر الإرتباط بمدرب ما مهم كانت هويته إلا بعد إحضار محامي يستميث في الدفاع عن مصالحها أولا ويحميها وثانيا ويجعلها في موقع قوة ثالثا بما يذلل هوامش الإمتيازات الممنوحة لهؤلاء المدربين، غير أن حقيقة وواقع الأمور تنطق بعكس هذا تماما، ذلك أنه منذ سنة (2000 إلى 2009) تكون الجامعة قد انفصلت وديا عن العديد من المدربين دون أن تنهي معهم الفترة الإعتيادية المتفق عليها لنهاية العقد ومنحتهم بالمقابل مؤخر صداق لمراضاتهم، حدث هذا مع كاسبيرزاك ودائما بصيغة الإنفصال الودي ذهب كويليو، ثم هنري ميشيل وفيليب تروسيي، واليوم تجد نفسها ملزمة بسلك نفس المسلك مع المدرب الفرنسي روجي لومير، على اعتبار انتفاء الشرط الجوهري الذي يوجب استمرار الزواج بين الإثنين (تضاؤل حظوظ الأسود في بلوغ المونديال)· ليبقى المثير للإنتباه والداعي لطرح سؤال عريض يتوجب أولا وقبل كل شيء المساءلة والمحاسبة ولم لا المحاكمة ما دام المال المتصرف فيه هو مال عام ومال الشعب الذي يحول المكاتب الصرف وبالعملة الصعبة للأجانب وكلف ما بات يعرف حاليا داخل الأوساط >بالعلبة السوداء< للجامعة ملايين تجهل أرقامها الحقيقية، رغم أن هناك مصدرا أكد أن أكثر من مليار سنتيم، ذهب سدى، وتم منحها لكل هؤلاء تحت طائل ومسمى واحد وهو الشرط الجزائي الذي يلزم من دوّن وأدبج الصيغ التعاقدية المثيرة للجدل بسداد حوالي رواتب 3 أشهر على أقل تقدير دون الحديث عن المنح الخاصة بالإرتباط· اليوم الضرورة والمنطق تقتضيان فتح هذا الهامش العريض من السؤال وجر الذين كانوا بمثابة شهود على هذه العقود الملغومة للمساءلة، لأنه أول ورش إصلاحي في سياق التوجه ا لجديد الخاص بالجامعة المنتخبة حديثا يجب أن ينكب على فتح هذا الملف ومعه العديد من الملفات المرتبطة بقنوات صرف الملايين التي تم توزيعها ذات اليمين وذات اليسار على الخواجات دون أن يكون هناك موجب حق أوما يبرر هذا التوجه الذي يصنف ضمن خانة هدر المال العام وببشاعة· الشرط الجزائي وحكاية الحْلاَوَة العديد من المنتخبات العالمية وبأجهزة وزارة الشباب والرياضية وكل المرافق الأخرى المخول لها شأن مراقبة التدبير العام لشأن المنتخبات الوطنية لا تجد عناء في فك ارتباطها مع مدرب ما وتلزمه ودائما يحدث هذا تحت إطار وقوة العقد الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويحصيها، قلت تلزمه بتقديم استقالته إلا داخل الجامعة الملكية المغربية كرة القدم التي فاقت شهرتها الحدود وأصبحت تغري العديد من المدربين الفاشلين بالتعامل معها، بإعتبارها سخية على مستوى السداد وباعتبارها أيضا تتأسس في معاملاتها على ليونة مبالغ فيها وليونة تثير الشك، حول الأطراف المستفيدة والشبكة التي تجد ضالتها في تمتيع كل هؤلاء المدربين بهذه الإمتيازات التفضيلية· حكاية الشرط الجزائي، أو الإنفصال بالتراضي أوفك الإرتباط أصبحت عناوين مستهلكة وأصبحت عناوين معلومة ومعروفة وعلى ضوئها فقد الفريق الوطني كثير من هيبته، ولم يعد له تلك الهالة التي أحيطت به سابقا بعد أن كان يغري أكبر الكوادر التقنية العالمية بالإشراف عليها، ومع هذا الشرط الجزائي يتحدث مصدرنا عن >الحْلاوة< المقدمة من تحت الطاولة بصيغة الضمير المستثر، حيث هناك من يستفيد ويتغذى مع هؤلاء المدربين الأجانب سواء تعلق الأمر في النفخ الزائد في رواتبهم ومنحهم أو حين يتعلق بالمقابل بطلاق الخلع الذي يجبر الجامعة على الإنفاق الباذخ وتقديم مؤخرا صداق بات عنوانا ولازمة معلقة على باب الجامعة، لدرجة أصبح المنتخب الوطني بحاجة >لمحلل< بعد تكرار الطلاقات البينة والطلاق الخلع، وهذا >المحلل< لن يكون سوى مدرب وطني إسمه بادو الزاكي الذي أصبح مطلبا شعبيا جماهيريا ولن يمل الجمهور من ترديده حتى يتحقق الحلم بعودته·· الضرورة تقتضي مساءلة صاحبة صيغة الشرط الجزائي والمنتفع من الحْلاوة· ملايير خسرناها وملايين أهدرناها منذ 1998 آخر عهد وعناق للمنتخب الوطني المغربي مع المونديال تكون الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قد أضاعت الملايير من السنتيمات وملايين الأورو، بتخلفها عن المشاركة في مونديالي (2002 و2006) بما ترتب عنهما من خسارات جسيمة سواء على مستوى المستشهرين أو حتى على مستوى عائدات النقل التلفزيوني، أو حتى المنح والحوافز التي تضعها الفيفا رهن تصرف وإشارة المنتخبات المؤهلة وما زال الكل يذكر أنه حين تكالبت مجموعة من الظروف والمعطيات على بادو الزاكي وعجز رفقة الأسود لغاية الدقائق الأخيرة في بلوغ مونديال (2006 في المباراة الشهيرة برادس) كيف أن أوزال خرج ليبرر قرار الإنفصال عنه بكونه تسبب في خسارة قدرها حينها ب 4 مليارات للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لم يقل الأمر نفسه حين فشل كويليو واليوم، وليس في المباراة الأخيرة بل قبل جولات الإياب الأسود يؤشرون على أسوأ مشاركة تصفوية لهم في مناسبة المونديال واقتربوا من المغادرة المبكرة من السباق والخسارة المقدرة تعادل 7 مليار من السينتيمات، وإذا انضاف لكل هذه الأرقام التي ضلت طريقها بعيدا عن خزانة الجامعة، أرقام أخرى مرتبطة بما ناله (كاسبيرزاك 45 مليون سنتيم)، فيليب تروسيي أكثر من (140 مليون سنتيم) وهنري ميشيل (160 مليون سنتيم) ولومير في انتظار من يكشف عنا غمة السؤال بخصوص ضرورة تعويضه بأكثر من 3 مليار من السنتيمات في حال فك الإرتباط معه، وبرغم التعتيم الذي يطال كل هذه الأرقام والمعاملات، نصل لحقيقة نتيجة واحدة وهي أن تدبير شأن المنتخب الوطني داخل جهاز الجامعة شابته العديد من الزلات والهفوات وميزته ثغرات عدة لا يمكن بأي حال من الأحوال القفز عليها دون تقديم كشف حساب على السريع وبشفافية مطلقة· تقديم كشف حساب اليوم والآن! هذا هو شعار الكل لأنه ما عاد الوضع يحتمل الضرورة تقتضي كشفا بالحساب وعلى السريع لمن تسبب في إيصال الشأن التقني للأسود لهذه المحطة ولهذه النقطة التي توصف بنقطة اللاعودة· تقديم كشف حساب بالأرقام التي صرفت للمدربين الأجانب الذين تعاقبوا على شأن الفريق الوطني سواء المتعلقة بالرواتب والمنح ، وكشف حساب بالشروط الجزائية الممنوحة والمقدمة فوق طبق من ذهب برغم انتفاء صفة تحقيق الإنجاز أو بلوغ الأهداف المسطرة· وأخيرا المعني بتقديم كشف الحساب هو محمد أوزال الذي لم يجد حرجا في جر الزاكي لمحاكمة أمام المجموعة الوطنية وجهاز لجنتها التأديبية باعتباره مسؤولا مباشرا وأولا عن جلب لومير المدرب الذي أثبت فشله وأكد أن الإرتباط به كان خطيئة العمر وغلطته·· أوزال مطالب بتقديم تصريح بممتلكات المرحلة ومن أين لك هذا، أقصد من أين لك كل هذه القوة الفعلية كي تفعل بالأسود وعرينهم ما تشاء! ثلاثة سيناريوهات لخلافة لومير هي ثلاث قراءات لخلافة روجي لومير إن لم يكن هناك من بد للإنفصال عنه اليوم قبل الغذ وهو الذي أوصل الأسود لنفق مظلم وتعقدت وضعيته داخل المجموعة الأولى، وبالتالي ضعفت حظوظه للتأهل للمونديال القادم· - الإحتمال الأول: هو تسريح لومير وجعل جمال ينهي ما بدأه خلال التصفيات التمهيدية باعتباره ظل قريبا من محيط الأسود لفترة طويلة (إحتمال ضعيف)· - الإحتمال الثاني: التفكير في تغيير الإرتباط بالمدرسة الفرنسية، حيث يتداول رسميا كل من البرتغاليين أرثور جورج وجوزي روماو الذي قاد الرجاء للفوز بلقب البطولة وأبدا لم يخف تحمسه لقيادة الفريق الوطني· - الإحتمال الثالث: وهو الأقوى والأكثر مطابقة للمنطق والواقع، ويتمثل في إعادة بادو الزاكي للإشراف على الفريق الوطني تفعيلا لإرادة الشعب من جهة ولرد الإعتبار له ثانيا وباعتباره الأنسب للمرحلة ككل· هذه هي السيناريوهات المتداولة في كواليس الجامعة قبل الحسم النهائي فيها بعد إيجاد صيغة لفك إرتباط لومير أولا·