ما أكثر ما تحدثنا كإعلاميين عن الرياضة التي نريد·· نختلف أحيانا في التسميات ولو أننا نجمع على أنها رياضة تؤمن بالإحترافية في التدبير، تؤمن بالإختصاص، وتؤمن بأن تسند الأمور إلى أصحابها·· ولكن ما من مرة عكسنا السؤال، وقلنا أي إعلام تريد هذه الرياضة التي تنشد الإحترافية وتسعى نحو التخصص؟ إنها تريد إعلاما بذات المقاس الإحترافي، بذات الحرص على التخصص وبذات الصرامة في إعمال ثوابت المواطنة عند بناء الرأي· دوره في أن يرصد الأحداث بموضوعية ونزاهة وحيادية· ومسؤوليته في أن يكون ضلعا إستراتيجيا في مربع البناء·· فهل إعلامنا الرياضي موضوعي ومسؤول وحداثي في بناء الرأي العام؟ قبل أن نكون كإعلاميين مسؤولين بقوة المهنة ومواثيقها وأخلاقياتها عن رياضة البلد، فنحن مسؤولون من قارئ ومتلق ومشاهد·· منا لغاية الأسف من يظنه قاصرا فيبيح لنفسه الإتيان بمحظورات كثيرة، منا لكارثية المآل من يستبلده، ومنا من لا يأبه به·· كثر هم الذين تفضح كتاباتهم إنتماءهم·· وكثر هم الذين يظهرون الولاء لأشخاص، لمسيرين ولأندية، مع أن المواثيق تقول أن ولاء الإعلامي هو لقارئه ولمشاهده أولا وأخيرا، وهذا القارئ والمشاهد والمتلقي ولاؤه لهذا الفريق أو لذلك، هو منحاز بالعقل لهذه الشخصية أو تلك، وهو متعاطف مع هذا اللاعب أو ذاك·· الحيادية هي شرط الموضوعية، والإحترافية تقوم أولا وأخيرا على إحترام المتلقي، والذين يتصورون أنفسهم أنهم غير معنيين لا بقارئ ولا بمتلق، سينتهي بهم الحال إلى ما إنتهى إليه حال كثير ممن كانوا مثلهم، فقد سقطوا سريعا من الذاكرة·· عبروا هذا الزمن بكل تفاصيله من دون أن يبقى لهم أي ذكر وأي أثر·· --------------- حجر الزاوية في بناء رياضة سليمة، معافاة، منتجة واحترافية في تدبيرها، هو المسير والمدبر· ومهما إجتهدنا في تنظيف بيت الرياضة من معطلات الإقلاع، مهما إجتهدنا في بناء الملاعب، وتغيير القوانين، وتأهيل الأندية، فإن الرقم الصعب في معادلة التغيير هو المسير· وإذا لم نقم سريعا بطرد المتطفلين على تسيير الأندية، ممن يغتنمون الفرص ويستغلون الفراغ، فيجثمون على قلوب الأندية وعلى قلب الرياضة، يقضون أغراضهم ومآربهم، يفسدون ولا يصلحون، يأكلون ولا يزرعون، ويوم تترهل البقرة الحلوب يرحلون ويتركون الأندية من بعدهم خرابا·· إذا لم نسارع بفكرنا الجماعي قبل قانوننا المكرس للإحترافية وللأهلية إلى تمكين الرياضة من كل ما يحميها من تجار المنفعة ومحترفي التطفل والإرتزاق، فإننا لن نقطع خطوة واحدة على درب التغيير الذي ما أصبح منه بدا بعد الذي جاءت به الرسالة الملكية من تقدير وإكبار لمكانة الرياضة والرياضيين في وجدان وقلوب المغاربة· لا بد أن السيدة نوال المتوكل وزيرة الشباب والرياضة قد أدركت من كل الدروس المستفادة من الرسالة الملكية، من حقائقها وعبرها، وأيضا من توصيات المناظرة، ما عليها فعله في الآن والأوان، فالإقلاع المنشود يبدأ من إعمال كامل الصرامة باسم مصلحة الرياضة ومصلحة الوطن في قطع الطريق على المتطفلين والمنتفعين، وهي تعرف حق المعرفة في أي جحر يختبؤون·