يقينا أن الجمع العام للجمعية المغربية للصحافة الرياضية الذي يلتئم غذا الجمعة بالرباط، يمثل للإعلام الرياضي المغربي حلقة إستراتيجية في مسلسل الإصلاح والتقويم الذي يعرفه المشهد الرياضي الوطني بوثيرة متسارعة منذ أن شرعت العائلة الرياضية الوطنية بكافة فعالياتها في تفعيل ما إنتهت إليه المناظرة الوطنية الثانية حول الرياضة، وبخاصة ما كانت الرسالة الملكية الموجهة لذات المناظرة واضحة وصريحة في تسمية الإخفاقات والإختلالات بمسمياتها الحقيقية وأيضا في إقتراح بدائل فكرية ومنهجية وحتى قانونية· واستراتيجية الحلقة أو بمعنى آخر أهمية الإنعطافة تكمن في أن حركة التصحيح بكافة أبعادها لا يمكن بالقطع أن تقود في النهاية إلى مشهد رياضي قائم قانونا وفكرا وعملا على أسس إحترافية إلا إذا تمثل الإعلام دوره كاملا في المواكبة والنقد والتوجيه والإقتراح أيضا· ولست بحاجة إلى أن أثبت ما ثبث بمنطق المتابعة وبصدقية الأحكام أن أزمة النتائج وأزمة التدبير التي تظهر بين الحين والآخر في المشهد الرياضي تأتي مقترنة بأزمة النقد، ما يقول بأن الإعلام مسؤول عن الإخفاقات كما هو مسؤول عن النجاحات والإنجازات· ولأن الإعلام الرياضي المغربي عبر تاريخه الطويل والعريض وعبر كل كفاحاته من أجل الإنتصار لاستراتيجية الشأن الرياضي داخل الشأن العام للبلاد، إرتبط بالجمعية المغربية للصحافة الرياضية، فكانت على مدى أربعة عقود من الزمن بيتا وملاذا ومحمية وصوتا للصحفيين الرياضيين، يلتحم فيه الرواد بالصحفيين الشباب، ويسلم المشعل من جيل لجيل ويؤتمن بهذه الجمعية كل الإعلاميين على الرياضة الوطنية· لهذا كله يكون الجمع العام للجمعية المغربية للصحافة الرياضية محطة تاريخية تنطق بالمرجعية وتخبر بالتراكم وتدل على كفاحات الجيل المؤسس وتحث على أن تتقوى المؤسسة بفكر جديد يطورها ويلائمها الملاءمة الموضوعية مع تاريخها وتراكماتها وأيضا مع ما تلح عليه الظرفية الحالية·· وقد قلت أنها ظرفية دقيقة وحرجة، نحن جميعا مسؤولون مسؤولية كاملة عنها، فإما أن نصنع للمغرب الحديث رياضة هي من صميم تحدياته ورهاناته ومعركته من أجل الحداثة، وإما أن نجعل هذه الرياضة تزداد إنحدارا وسقوطا علما بأنه لم يعد هناك أحط ولا أسفل من الدرك الذي سقطنا فيه· وقد يشتعل بيننا السؤال عن إرث آخر عقد من عقود الجمعية الأربعة، عن كل الذي حدث من إرتجاجات وتمفصلات وإنزلاقات، وكلها من طبيعة مرحلة قلنا أنها قائمة في تاريخ الرياضة الوطنية، إلا أن الحكمة بحسب رأيي تقتضي أن نرتفع قليلا عن الواقع الحالي، وفي الإرتفاع قدرة على أن نرى الأفق المستقبلي الواسع، فنعي كإعلاميين رياضيين مقلدين بمسؤولية ثقيلة ما تتطلبه المرحلة القادمة، من تعبئة وتجند وجزم· تعبئة من أجل إصلاح البيت والإرتقاء بالمؤسسة والعمل في العمق، وتجند من أجل تجاوز المرحلة السابقة بكافة سلبياتها، برغم أن ذات المرحلة كانت بها نقط ضوء كثيرة، وجزم على صيانة موروث الجمعية المغربية للصحافة الرياضية وعلى أن لا قدرة لهذا الإعلام الرياضي على تمثل الدور المنوط به في مرحلة إعادة بناء المشهد الرياضي، من دون إحترافية في العمل الذي يجمع بين المواكبة والنقد والإقتراح الذي يطور العمل الرياضي في شموليته· ----------------- الإعلام الرياضي كان محور نقاش عميق بين قادة الصحافة الرياضية ممن جرى تكريمهم وممن دعوا إلى العيد الثالث للإعلاميين الرياضيين العرب الذي إنعقد نهاية الأسبوع الماضي بالجماهيرية الليبية بدعوة من الإتحاد العربي للصحافة الرياضية وبدعم قيم من اللجنة الأولمبية الليبية ولجنة الإعلام والتوثيق الرياضي بليبيا. هذا الإعلام أجمع الكل على أنه كان متهما مع سبق إصرار وعمد بالفتنة التي سبقت وأعقبت المباراة الفاصلة التي جمعت المنتخبين الجزائري والمصري وأهلت منتخب الجزائر لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، وكان الدكتور محمد معمر القذافي راعي الرياضة الليبية ورئيس لجنة الإعلام والتوثيق الرياضي بليبيا بليغا في تسمية كل القرائن على ثبوت الجنحة، وكانت الحاجة من ذلك تقدير الدور الذي يضطلع به الإعلام داخل المشهد الرياضي المحلي والعربي على حد سواء، فهذا الإعلام عندما يتوخى الصدقية والإحترافية والحياد الإيجابي في محاكمة ومواكبة ونقد الأحداث الرياضية، فإنه يكون عنصرا بناء داخل المنظومة الرياضية، وعندما يرضى بالبحث أولا وأخيرا عن الإثارة الرخيصة ويتنازل في ذلك عن الصدقية والإحترافية والمواطنة فإنه يسيء لهذه المنظومة الرياضية، بل إنه يعرقل كل الجهود التي تبذل من أجل تطوير تلك المنظومة، هذا إذا لم يكن محرضا في الأخير على الفتنة· ----------------- تستحق الشقيقة ليبيا التهنئة على أنها نجحت باقتدار في التألق بالعيد الثالث للإعلاميين الرياضيين العرب والذي كان الزميل مصطفى بدري أحد الفرسان المكرمين خلاله ونجحت أيضا في إثارة حوار المرحلة وفي توجيه أكثر من رسالة لصحافتنا الرياضية العربية، ويستحق الإتحاد العربي للصحافة الرياضية وعلى رأسه الزميل الأستاذ محمد جميل عبد القادر أن يوشح بوسام الإستحقاق العربي، فقد قدم للصحفيين الرياضيين العرب عيدا يكرم سنويا خلاله من أثروا الفكر الرياضي العربي ويثار أيضا على هامشه حوار عميق بين قادة الإعلام الرياضي في زمن بحثنا على أن لا ننقطع يوما عن هذا الحوار الذي منه نتعلم والذي منه نعرف كصحفيين أن الرياضة تحتاجنا ليس فقط كموثقين وكمؤرخين أو كمواكبين، ولكن أيضا كمساهمين فعليا في جعل الإحترافية سلاحنا الوحيد لإثراء وإغناء المشهد الرياضي، أما دون ذلك فهو زبد يذهب جفاء·