أعذروا ما أصابني هذه الأيام من بلادة واستغفال وأنا أقف مشدوها ومستغربا مما يساق إلي من تعقيبات على أشياء حدثت أو قيلت هنا وهناك، على صفحات الجرائد وعلى أثير الإذاعات وفي بلاتوهات القنوات التلفزية، بلادة سببها ما يضرب المشهد الرياضي الوطني من نوبات هيستيرية يتسبب فيها رجال قرار يحملون صفة القياد، لا يعجبهم ما يقال أو ما يكتب عنهم فيزلزلون المشهد بكامله، أو يغترون بنجاحات نسبية حققوها فتتعطل عندهم حاسة التواضع الجالبة في العادة للإحترام. لم أستوعب ما ضمنه الإطار عبد الحق ماندوزا رئيس ودادية المدربين المغاربة حلقة «لماتش» التي أثثها بقناة «ميدي 1 تي في» يوم الأحد الأخير من تلميحات وإيماءات ورسائل وجهها مشفرة لقبيلة المدربين بمناسبة حديثه عن تعيين الزاكي ناخبا وطنيا وهو التعيين الذي خاض فيه للأمانة حروبا ضارية، فقد إحتجت لمن يوقظني على حقيقة تصريحات أطلقها المدرب عزيز العامري الذي كنت وما زلت أقدر فيه سعة الطموح وقوة الشخصية وحكمة التعاطي مع المجال الذي يشتغل فيه، تصريحات قال فيها مستنكرا أن الزاكي لم يحقق منذ مغادرته للفريق الوطني سنة 2005 ما يشفع له بالحصول على فرصة ثانية لقيادة الفريق الوطني حتى لو كان المغاربة كلهم قد أجمعوا على إيجابية التعيين، تصريحات أبدا لم ترق لماندوزا وللكثيرين، كما لم ترقني شخصيا تصريحات نسبت إلى العامري قللت على نحو يستفز الذوق ويشوه الحقائق والأرقام من كفاءة مورينيو وأنشيلوتي، وهما معا مدربان كانا في مواجهة مباشرة للتيكي تاكا التي عشقها العامري وقال أنه أول من أدخلها للمغرب، فقد كانا معا في سعي حثيث من أجل إبطال مفعول التيكي تاكا السحري إحتراما لمبدأ التضاد الذي قامت عليه كرة القدم في تاريخ الخطط. قطعا لا أريد أن أنال من ثقة عزيز العامري في نفسه وليست لي رغبة لأن أصدر حكم قيمة عنه هو من يعرف أن كرة القدم لم تكن يوما ولن تكون يوما علما صحيحا يجزم في الأحكام ويمنطقها، وأحترم فيه أنه مدرب يعشق الكرة الجميلة، ولكن علينا أولا أن نحدد بدقة، ما هي الكرة الجميلة؟ كيف تلعب؟ ومن أجل أي غاية؟ وبماذا تنفع الكرة الجميلة إذا لم توصل إلى الهدف؟ إذا كان عزيز العامري يرى أن الزاكي ليس رجل المرحلة بدليل ما كان له من حصائل ضعيفة مع الأندية التي تولى تدريبها منذ أن غادر الفريق الوطني، ولا أحد يمكن أن يسفه الزاوية التي نظر منها للأشياء، فإن شجاعة إبداء الرأي تسقط عندما تبرز حتمية الإنتصار للإطار الوطني الذي هو جزء منه ولإرادة الجماهير التي قالت أن الزاكي هو الأجدر في السياقات الزمنية الحالية وفي ظل الإكراهات التي نعرف بتحمل مسئولية الناخب الوطني، وهو الأكثر تطابقا مع المعايير التي كان الإجماع عليها في تحديد بروفايل الناخب. .......................................................... يوضع عزيز العامري والتيكي تاكا بصيغة مغربية في إختبار صريح هذا السبت عندما يواجه المغرب التطواني الرجاء البيضاوي في قمة كروية تحسم أمر اللقب في حالة واحدة هي فوز المغرب التطواني، أما نتيجة غير فوز الحمامة فإنها ستؤجل الحسم في أمر اللقب الثالث في تاريخ البطولة الإحترافية إلى الجولة الأخيرة التي سيكون فيها المغرب التطواني مستضيفا للنهضة البركانية ويكون فيها الرجاء ضيفا على أولمبيك آسفي. إن كان على السيناريوهات المحتملة فهي كثيرة ومتعددة، ولكن السيناريو الذي يفكر به العامري هو ما يتناسب مع هوية اللعب التي وضعها لفريقه والتي أخذت القالب التكتيكي الذي قال العامري أنه ينفرد به في البطولة الإحترافية برغم ما كان ينتاب هذا القالب التكتيكي من رشح ومن فقدان للتوازن بسبب ضيق في مساحة التنشيط وبسبب معطلات فنية في أداء اللاعب المغربي، لذلك فالعامري مع ما تعطيه إياه النقطة المحصل عليها بمركب محمد الخامس من هامش إطمئنان لبلوغ الهدف، إلا أنه لا يجعل من التعادل غاية، لأنه يعرف أن من ذهبوا لاقتناص نقطة ضدا عن ملكاتهم الفنية والتكتيكية ذبحوا من الوريد إلى الوريد وعادوا لا يلوون على شيء. إذا ننتظر من العامري ما يجعل من المباراة سجالا تكتيكيا يغري بالمشاهدة، هو من يوضع في مواجهة رجاء غني بمواهب فردية تستطيع مباغتتنا في أي لحظة ومحصن بفكر مدرب لا يرى جمال الكرة إلا فيما يقود للإنتصارات ويحقق الأهداف ويرفع الهامات. في النهاية نريدها مباراة تليق بالأحلام والأمال التي نعلقها عليها.