ولاء للحقيقة التي لا يريد المغاربة غيرها، ولا يمكن أن نكون بنائين في تدبيرنا للمشهد الكروي من دون الخضوع لسلطانها نورد اليوم حوارا للسيد علي الفاسي الفهري رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بعد أن استهلكنا ما يكفي من الوقت في تعذيب الذات وفي استهلاك ما لا يعد ولا يحصى من الأخبار، ما هو خالص وحامل لبراءة الحقيقة وما هو محشو بكثير من الأكاذيب المحرضة على الفتنة في أعقاب خسارة الفريق الوطني في عنابة أمام منتخب الجزائر. بالطبع لا نعتبر ما يأتي به السيد علي الفاسي الفهري رئيس الجامعة مرافعة أو حتى دفاعا عن النفس، فأبدا لم نقصد أن نضع أحدا في قفص الإتهام، لا لشيء إلا لأنه ليس هناك من تهمة وليس هناك من جنحة، إذ سيكون من التجني على حكمة المغاربة وفطنتهم القول بأن هزيمة أسود الأطلس في عنابة هي بمثابة جريمة يحاسب عليها غيرتس بفصله، ويجب أن تعاقب عليها الجامعة بإقالتها ويجب أن يجازى عليها وزير الشباب والرياضة بفرض الحظر عليه.. نتفق على أن السيد علي الفاسي مقل في خرجاته الصحفية، فقد يكون ذلك من طبعه الذي يغلب على التطبع كما يقول علماء النفس، ونتفق على أن الإحجام عن الحديث لوسائل الإعلام بخاصة منها المرئية ينشر أوبئة كثيرة في الفضاء الكروي، فكثير من الذين يجثمون على أنفاسنا بمسميات كثيرة يستغلون خلو الساحة من كلام رئيس الجامعة، فيحللوا ويحرموا بلا أدنى وازع أخلاقي ومهني، ولكن هل في كل العالم رؤساء الجامعات هم من يصنعون الحدث؟ لا أظن، فإلى وقت قريب لم أعرف من يكون رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم، ومن يكون رئيس الجامعة الفرنسية لكرة القدم، ليس لأنني غير راغب في ذلك أبدا، ولكن لأن هؤلاء لا يظهرون في مسرح الأحداث إلا قليلا بل ونادرا، وقد بادرني بعض من إلتقيتهم ذات وقت بالقول أن المسير الجيد هو من يعمل كثيرا ويتكلم قليلا ولو أن ذلك لا يعجبنا كإعلاميين لأننا نتطلع باستمرار إلى من نتحدث إليهم لنجادلهم حينا ولنوصل إليهم ما يفكر فيه الآخرون حينا آخر.. ولا نتفق على أن هزيمة الفريق الوطني بالجزائر في مباراة هي فاصل من ستة فواصل إقصائية تستحق كل هذا «الرغي» وهذا «الجدال» وهذا «الخروج العمد عن النص الوطني»، فكثير مما سمعته في المنتديات الحوارية وكثير مما قرأته بالتبني كان يقول بوجود إرادة فعلية لهدم الذات، لإشعال النار في البيت ولإسقاط الخيمة على من فيها، وبيننا للأسف من يعيش بهذه النزوة المريضة، أن يشتري بطولة «زائفة» على حساب مصلحة الوطن.. الهزيمة هي هزيمة، لا تجمل ولا يتستر عليها، وإن كان من الضروري البحث لها عن أسباب ومسببات، ومخطئ من يعتقد أننا نريد التغطية على الخسارة بعنابة، فما كان هذا أبدا مبدأنا في العمل، الخسارة بعنابة أعادتنا بصفر نقطة وفرضت علينا التوجه رأسا إلى مباراة الإياب ليوم 4 يونيو لوضع كامل الحظوظ إلى جانب الأسود لاستعادة النقاط الثلاث.. الخسارة بعنابة كانت لها بكل تأكيد دروسها الظاهرة والباطنة التي تستوجب قرارات يصرح ببعضها ولا يصرح ببعضها الآخر، وقد قلنا أنها تقع بكاملها على المدرب والناخب الوطني غيرتس، وهو ما لا يعترض عليه، ولكن ليس هناك بالقطع من يرغمني على قبول خطابات التيئيس التي ترتفع هنا وهناك لتقول برمي المدرب والجامعة واللاعبين في عرض المحيط الأطلسي، ليس هناك منطق يلزمني ويلزم المغاربة بقبول هذا الطرح، برغم أن لي ولهم مؤخذات على تدبير سابق، موغل في القدم، هو من أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، هو ما جعل المشهد الكروي الوطني بهذه الهشاشة في تدبر النتائج وبهذه الضحالة في الربط بشكل موضوعي بين الأشياء.. وعندما لا يعجبنا نحن أن تكون الخسارة بعنابة أمام الجزائر بتدبير من حكم المباراة الموريسي بارساد وبسقوط في الرعونة التكتيكية للرد على فريق جزائري كان في المتناول، ونورد أخبارا مشينة وآراء سمجة يتداولها بخيلاء الإعلام الجزائري، نجد الزملاء الإعلاميين بالجزائر معتزين بفوزهم على المغرب من كرة ثابتة، حتى أن القليل القليل منهم من بادر إلى الكشف عن حقيقة الضعف التكتيكي الذي كان عليه لاعبو الجزائر ومدربهم بنشيخة، فلو كان الفريق الوطني فاز في المغرب بذات الشكل الذي فاز به منتخب الجزائربعنابة، لكنا أمام سلخ إعلامي فظيع، بالأساس لأن هناك من هم مبرمجون للنسف عند الإنتصارات «الصغيرة» وحتى عند الهزائم.. والله يهدي ما خلق..