رسالة إلى المدربين أعرف أنكم جميعا أصدقائي وأحبكم كثيرًا مثلما أنتقدكم بالموضوعية.. فبكثرة ما أشاهد الدوريات العالمية بمغزاها الإحترافي والفني لأقوى المدربين، أمتعض بشدة لأداء بطولتنا وهوية لاعبينا، وقلة إثارة بعض من القمم الساخنة.. وبأوروبا وحتى أمريكا اللاتينية في كرتها وعقليتها وروح مدربيها، هناك إجتهاد كبير في تفريخ الطاقات، وإقحام الأجيال الصغيرة (17 و18 سنة) داخل التشكيل الأساسي لأي فريق من دون أن يكون أي مدرب منزعجا ولا مغامرا للحدث على أنه جانب الصواب لدى الأنصار وإدارة النادي أيا كانت النتيجة مربوحة أو خاسرة.. وكثير من الأجيال الصغيرة قالت كلمتها بالتنافسية العالمية داخل النادي الأوروبي وحتى بالمنتخب الأول، ونجح مدربون عالميون في الإكتشافات الجوهرية، وأصبحوا عمالقة لأنهم تموقعوا حبا في الصغار واكتشاف الصغار.. ويحضرني أقوى كلام قاله المدرب العالمي الفرنسي إيمي جاكي الفائز بكأس العالم مع فرنسا 1998 عندما قال: «لا يهمني أن يفوز منتخب الفتيان أو الشبان أو الأولمبي بأي لقب كيفما كانت قيمته، بل يهمني جدا ماذا يربحه المنتخب الأول من الأجيال الصاعدة من المنتخبات، ويهمني أن يصعد لاعب أو ثلاثة أو أكثر كصفقة مربحة داخل المنتخب الأول، وهو الخلف الذي يدوم مع اكتشاف خلف آخر». ويعني هذا الكلام الرزين والعاقل لمدرب مكوّن ومكتشف، أن من يستثمر عمله داخل النادي والمنتخب، هو الرابح الأول من المدربين قبل أن يربح النادي اكتشافاته الجديدة ليحولها إلى سلعة مالية غالية.. هذا الكلام هو ما أريده أن يصدق في بطولتنا ولو أن قلة قليلة من المدربين المغاربة يتفاعلون مع صوت القاعدة ويرشون المباريات بملح الأجيال الصغيرة، أي لما فوق 20 أو21 سنة عدا السن الأقل من ذلك.. وربما يكون العذر مطروحا لدى المتعاقدين من المدربين بأزمنة مختلفة لا تجعلهم يشتغلون على المدى البعيد من أجل الإفتتاحية والتكوين وخلق الأهداف، بل يشتغلون وفق ما هو مطروح لدى النادي من عيارات عادية أو جد عادية ويبحثون عن الغرباء لسد الفراغ لا لشيء سوى لأن قاعدة النادي من الشبان غير مؤهلة بشكل كامل للحصول على مكانة رسمية داخل الفريق الأول، أو ربما تفتقد لكثير من المقومات الفنية، أو لا يهتم بها أي مدرب لأنها لا تتلاءم مع عرض سوق الإنتقالات، ولكني أرى في هذه النزوة العابرة خطئا قاتلا للقاعدة التي تؤسس ضمنيا جدع المنتخبات الصغرى وأقواها منتخبا الشبان والأولمبي مثلما هو الحال اليوم وأيام الإقصاءات الماضية.. ومن الخطإ أن يعبث بالصغار ويوضعوا خارج التصورات الفنية لأي مدرب لأنهم يحلمون أن يكونوا مثل ميسي معجزة الكرة الحالية، ومعجزة تكوين نادي البارصا.. ومن العار أن لا نسمع في أي نادي مغربي خروج نجم صغير بالداهية والقنبلة وفنان زمانه مثل أجيال الماضي، ومن العار أن لا تكون قاعدة 16 فريقا بالدرجة وحتى الثانية منافسة على تفريخ الأجيال الصاعدة لتكون ربحا قارا للمنتخبات المكونة أيضا، وللفرق الأولى أيضا وهو ما يعيشه المنتخب الأولمبي الحالي لغياب صناعة الفارق الفني للأجيال المتباعدة في التنافسية والتكوين داخل أي ناد، وهو ما يقصي منتخب الشبان أيضا لأنه يفتقد لصناعة الأجيال داخل الأندية ويفتقد في المقام الأول غياب الكوادر الفنية على أعلى مستوى في القاعدة، وغياب النباهة الفكرية والإهتمامية لدى مدرب الفريق الأول ولو حتى في اختيار واحد من الطيور النادرة ليقدمها إلى الجمهور في أول حضور رسمي أو لدقائق حتى يدخله تدريجيا في عالم الكبار مثلما يتعامل معه غوارديولا مدرب البارصا وغيره من المدربين العالميين. إلى كل أصدقائي والمدربين المغاربة في البطولة.. لا تجعلوا الشباب وشباب القاعدة يضيع، وإقصاء أي منتخب قاعدة هو مسؤوليتكم لأنكم لا تعطوا للقاعدة دورها الجاذبي، وفيما لو تفاعلتم مع هذا المعطى، قد تتحسن الصورة رغم هشاشة التأطير القاعدي، وقد يربح المنتخب وجوها أنتم من اكتشفتموها.