الحلقة الأولى بقراءة تحليلية لموسم المحترفين في حلقات نوردها بالتفصيل، نكون قد وضعنا القارئ الكريم في خط القرب من قديم وجديد أي لاعب حسب الجاهزية واللمعان والإصابة والغياب.. والضرورة تفرض بالمقاس إشهار الأضواء التي لازمت الكثير من الأحداث الأوروبية بالتصاق وثيق مع أزمة المنتخب المغربي. بدون منازع، كان مروان الشماخ هو حدث الموسم بامتياز كبير أداء وعطاء وحضورا وتنافسية على واجهة البطولة الفرنسية ومنافسات عصبة أبطال أوروبا التي قدم فيها أقوى اللحظات التاريخية له ولبوردو إلى دور ربع النهائي كمشهد أثر عليه في استمراره متزعما للبطولة، قبل أن يتخلى عنها إضطراريا بهزائم كبيرة أضاعت عنه اللقب على نحو غريب، لكن ما يهم هو أن الشماخ كان هداف الفريق مجددا كرأس حربة وتوصل إلى توقيع عشرة أهداف من أصل جميع مباريات البطولة دون احتساب أهداف في الكؤوس المحلية موازاة مع سطوته في عصبة أبطال أوروبا التي ختمها بخمسة أهداف أشرت بكل المعادلات حوافز نادي الأرسنال بانتداب الشماخ طوال خط مسار الموسم دون أن يجهر اللاعب بالإسم الإنجليزي الذي يراه كضمانة روحية لاختياره العام احتراما لناديه ولعقده الإحترافي، وكان الشماخ برغم خروج أرسين فينغير بتصاريح كثيرة تؤكد ضم المغربي إلى كتيبة الأرسنال، متكثما بشدة عن النادي الإنجيزي كلما سئل في ندوة صحفية أو حوار خاص وطرح فقط جوانب محيطة بإعجابه الخاص للدوري الإنجليزي.. وباقتراب نهاية الموسم وعلى بعد جولتين، كان الشماخ قد عاش أمسية الوداع على ملعب بوردو بدموع فرح ساخن تلقى خلالها حبا كبيرا ومناصرة لا محدودة، ليس لأنه سيغادر بوردو بانتهاء عقده، ولكن لتضحياته الغالية التي قدمها لفريقه طيلة مساره الإحترافي لما يقارب ثمان سنوات من العطاء والأهداف الغالية في كثير من المواقع الأوروبية، واليوم أو قريبا سيحمل الشماخ قميصا أحمرا بلون أنجليزي وأسلوب جديد عليه فنيا وتكتيكيا على غير ما عاشه بفرنسا كدوري أقل درجة من إنجلترا المعروفة بالقتالية والإندفاع البدني والسرعة والكرات الطويلة وغيرها من الإيقاعات التي لا تعرف التوقف على الإطلاق من البداية إلى النهاية.. وتلك هي الصورة التي يقرأها الشماخ جديا مع نجوم جديدة عليه بالفريق.. ومن جانبه وبرغم ما قدمه أوروبيا، لم يكن الشماخ بذات الصورة مع الفريق الوطني المغربي، ليس لأنه حضر من دون إقناع، بل جراء الإصابة التي لحقته بعد الهزات التي عاشها مع المنتخب بأكثر من سؤال حول مصيره كهداف إسوة بتغييبه من طرف روجي لومير، وظل غيابه أكبر نقطة استفهام لحد وصل فيها خيط الصد بينه وبين الفرنسي إلى غاية فصول الإقصاء.. وتلك كانت ضريبة قاسية للشماخ مع منتخب بلاده الذي قدم له أروع الصور والأداء. كان منير الحمداوي وما زال الهداف الكبير من طراز عال رغم بداياته الأولى مع المنتخب الوطني بتشنجات جراء الجزاء الضائع الذي أضاع على المغرب نقاط الفوز أمام الطوغو، رغم أنه توصل إلى توقيع أول هدف له أمام الغابون وإهداره فرصا كبيرة بالكامرون، وعاد ليهدر الجزاء المذكور.. وهي اللحظة التي لم يهضم خلالها مزاج الجماهير المغربية أمام هذه الحالة التي لم يعرفها قط بالملاعب الهولندية لحظة تضييعه الفرص، وكانت تلك هي النقطة التي أفاضت الكأس وأصيب بعدها ليبتعد عن الميادين لمدة شهر ونصف عن فريقه وعن المنتخب الوطني.. ووقتها كان قد وقع لأزيد ألكمار سبعة أهداف، لكن بعودته إلى الملاعب الهولندية، فجر إنطلاقته وبحضور بارز وإقلاع دائم إلى نهاية البطولة الهولندية برصيد عشرين هدف كثالث هدافي ذات البطولة، وهو ذات الإنطلاق الذي بدأه جيدا في عصبة الأبطال قبل أن يغادره مصابا.. ومع أن الحمداوي ظل وفيا لقدرته الهجومية على التهديف فقد كان هو صانع كل شيء بفريقه، واستطاع إلى حد بعيد رفع فريقه من درجة التراجع إلى المركز الخامس رغم أن كواليس الإنتقالات بالدوري الهولندي كانت ترمي في قصاصاتها أنباء دخول البارصا ولازيو روما وليفربول وأيندوفن خط الإهتمام الشديد، لكن ما من هذه القصاصات كان حقيقيا باستثناء أول عرض قدم من أيندوفن الهولندي خلال الآونة الأخيرة ولازال قائما دون أية تفاصيل جديدة لما يمكن أن يضمن له هذا الرهان ملاءمة مع عشقه الكبير للدوري الإنجليزي فيما لو طرح عرض من هناك للموافقة عليه.. وفي النهاية، قدم الحمداوي موسما جيدا بكل المقاييس، ولولا الإصابة التي منعته في ست مباريات لربما وقع أكثر الأهداف من الذي سجله في حدود 20 هدفا، دون أن يمانع في عودته للمنتخب المغربي في أجواء صافية وعقلية جديدة، علما أنه تفهم طبيعة ما حدث له بالمغرب مقارنة مع ما يحدث له بهولندا دونما انزعاج في إهدار الفرص، ورقميا لعب الحمداوي زهاء 28 مباراة برصيد 20 هدفا، دون إحتساب لقاءاته بعصبة أبطال أوروبا وكأس هولندا. ثالث النجوم الذين سطعوا في الموسم المنتهي، كان هو الدولي مبارك بوصوفة، الرجل الهداف والأسرع والقائد الذي يمول بلهيب التمريرات الحاسمة مع نادي أندرليخت، إذ هو الذي اكتنز مواصفات اللاعب المتكامل بأندرليخت وحتى مع المنتخب المغربي، وكان بحق نجم السنة، أولاً لحصوله على لقب البطولة الإنجليزية، وثانيا لحصوله على أفضل لاعب إفريقي في البطولة، وثالثا كأفضل لاعب للسنة في ذات البطولة بامتياز توقيعه 14 هدفا، واحتساب ما يفوق 20 تمريرة هدف.. وهي الأرقام التي جعلت منه أفضل محترف مغربي في نظرنا لحضوره الدائم والتنافسي في البطولتين الأولى والمصغرة. كما كان له دور كبير بالمنتخب المغربي برغم التصدعات التي عاشها محيط المنتخب بمثل ما حوصر به أقوى النجوم خلال التصفيات التي عجلت بإقصاء الأسود. بوصوفة الذي قدم موسما رائعًا ختمه باللقب الثاني في مشواره مع أندرليخت، لازال متريثا في قرار البقاء مع فريقه رغم أن الأخير اقترح عليه تمديد العقد لأربع سنوات إضافية، تريث منح لبوصوفة عدم الموافقة على أي شيء مقابل مناقشة بعض العروض القادمة مع وكيل أعماله من سنة أندية لم تعرف أسماؤها حسب القصاصات، في وقت كان نادي إشبيلية الإسباني السباق إلى تداول إهتمامه ببوصوفة جديا، إلى جانب أندية هامبورغ وفيردير بريم الألمانيين ومارسيليا الفرنسي، ما يعني أن بوصوفة يقرأ تفاصيل العروض بدقة متناهية في الأهداف وقيمة العقد، وأقوى اهتمامه يتمثل في عدم البقاء في دكة البدلاء لأي فريق بحكم سمعته وكوطة القيمة التي حظي به كنجم كبير بالبطولة البلجيكية. رغم أن يوسف حجي كان قد انطلق جيدًا في البطولة الفرنسية مع نانسي، فقد عاش لحظات عصيبة مع المنتخب الوطني بحكم أدائه المتوسط مقارنة مع زمنه الجميل للسنوات الماضية.. وبإقصاء الأسود عبر مراحل تنافسية اللاعب المتقطعة، عانى يوسف حجي إصابات دائمة في عضلة ما فوق الفخذ بحكم أنه كان يجهد نفسه كثيرا في التداريب والمباريات الرسمية.. لكن فوق كل ذلك، عاش فصولا من التصدع مع المنتخب المغربي وبخاصة مع المدربين الأربعة الذين توافدوا على المنتخب، كان آخرها سوء التفاهم الذي حصل له مع حسن مومن لأسباب نعرفها جميعا.. ما يعني أن حجي قدم أسوأ موسم له مع المنتخب إسوة بتقطع حضوره مع نانسي رغم أنه كان هداف الفريق بأحد عشر هدفا.. وهي الإصابة التي أزعجت مدرب الفريق بابلو كوريا الذي كان يعتمد عليه في طبيعة النهج، وتعذر على حجي الحضور في أكثر من مناسبة، بالنظر إلى حصيلة 26 مباراة التي لعبها من أصل 38.. وهي المدة التي غيبت اللاعب لما يقارب عشر مباريات دون احتساب لقاءات الكؤوس المحلية.. وأمام كل هذه التصورات، يظهر نانسي مستعجلا في وضع اللاعب في لائحة الإنتقالات بحكم كثرة الإصابات التي لا يريدها المدرب أن تحصل بالعددية التي غاب فيها اللاعب في المدد المذكورة، لكن هذا لا يمنع من التأكيد على أن حجي يدخل ضمن خانة البظل مارسيليا وأوكسير حسب ما تؤكد كواليس الإنتقالات الفرنسية خلال الميركاتو الصيفي المقبل.. وخلاصة القول أن حجي الذي تغيب وعانى من الإصابة صنف كثالث الهدافين المحترفين المغاربة. بالمتابعة الفنية، قدم الدولي عادل هرماش إشارات قوية للجمهور المغربي على أنه البديل الجديد ليوسف سفري، ليس بالعاطفة ولكن بأرقام حضوره كرجل ثقة في نظر مدرب نادي لانس كأحد الفرق الكبيرة بالدوري الفرنسي، وكما أسهبنا كل أسبوع وطيلة الموسم، كان هرماش حاضرا بالقيمة والاحترام والاختبار الموزون لمدربه المطروح في معادلة الثنائية بين هرماش وكوفارفيتش الصربي، وكان هرماش هو الرجل الأول لدى المدرب في مركز السقاء أو رجل الإرتداد بفنية عالية يمثل إلى الدفاع والبناء الأمامي والتدخل الذكي في تشثيت الكرات أو مصادرة أفضل رجالات الوسط والهجوم، و بالتالي كان هرماش برصيد 34 لقاء من أصل 38 مباراة، معادلة جديدة بالإحترام أولا لأنه لم يكن قبل موسمين حاضرا مع لانس إلا كإحتياطي، قبل أن يطالب بالرحيل إلى بلجيكا ليلعب بنادي روليرز ما يقارب 11 مباراة قبل أن يعود لفرنسا ويضمن موسما تنافسيا منحه علو احترافيا يحسب له في مشواره الجديد كضمانة مستقبلية في خط وسط النادي والمنتخب الوطني. المهدي بنعطية (23 عاما)، اعتبر ربح المنتخب الموطني بامتياز في خط الدفاع المغربي منذ انطلاقته الأولى في لقاء الكامرون بياوندي عن تصفيات كأسي العالم وإفريقيا، وبرغم إقصاء الأسود ضمن بنعطية مكانته الرسمية بعد اعتزال طلال القرقوري، وإصابة عبد السلام وادو، وواصل بعدها قيادة الدفاع بنادي كليرمون فوت الفرنسي بدوري الدرجة الثانية طيلة الموسم بتنافسية مطلقة ناهزت ثلاثين لقاء على النقيض من البداية التي غاب فيها عن فريقه بهدف البحث عن آفاق احترافية أكثر إشعاعا، ومع أن إلحاح بنعطية لتغيير الأجواء الفرنسية، فلم ينجح في اختياراته الأولى مع أنطالياسبور التركي وفرايبورغ الألماني، لكنه ربح الرهان الأكبر بتوصله إلى إتفاق مبدئي مع أودينزي الإيطالي دون أن يجري معه أي اختبار بالنظر إلى المتابعة الفنية للفريق على اللاعب بالمنتخب المغربي، وكان ذلك في أفق الميركاتو الشتوي الأخير، حين أعلن رسميا انضمامه إلى ذات الفريق الإيطالي بإجرائه الفحوص الطبية ومباشرة كل تفاصيل العقد إلى حين إنتهاء موسمه الحالي مع كليرمون فوت.. ورقميا كان موسم بنعطية جيدا بحضوره كقائد دفاع، وزاد عطاءه بعد أن أقلع فريقه من قافلة الذيل إلى المنافسة على الصعود إلى آخر حلقة في البطولة قبل أن ينهي مخاض ذلك بالبقاء في الدرجة الثانية بعد هزيمته أمام الصاعد أرليس أفينيون.. وأيا كانت القراءات سواء صعد أو بقي فريقه في الدرجة الثانية، فالمهدي بنعطية كان عقله مطروحا بالكالشيو الإيطالي كأقوى صفقة انتقالية لمستقبل اللاعب بالدوري الأولى وأقوى بكثير من البطولة الفرنسية في وقت وقع العقد لمدة خمس سنوات مع أودينزي ليكون ثاني مغربي يلعب بالبطولة إلى جانب الحسين خرجة. وبالمتابعة أيضا، قدم الثلاثي المغربي كريم آيت فانا كرجل وسط هجومي من اليسار، ويونس بلهندة في ذات التوظيف يمينا، وعبد الحميد الكوثري في خط الدفاع خلال الموسم الكروي الفرنسي أحلى صورة قل نظيرها مع فريق صعد إلى القسم الأول، وحظي بسمعة كبيرة في صدارة الترتيب جنبا إلى جنب مع المتزعم بوردو إلى غاية الفصول الأخيرة من البطولة التي عجز خلالها عن نيل اللقب.. طبعا كان المدرب روني جيرار قد وثق في الكفاءات المغربية الصاعدة من مركز التكوين، وأشهر الأسماء تدريجيا في التشكيل العام للفريق بداية بكري آيت فانا (21 عاما) كرجل وسط هجومي من اليسار وفي دور الجناح الأيسر، موازاة مع إقحام الوجه الآخر يونس بهلندة (20 عاما) في ذات التوظيف من اليمين، ثم المغربي الثالث عبد الحميد الكوثري (20 عاما) في خط الدفاع الأوسط كأصعب وضع في البطولة الفرنسية وأصعب موقف لدى المدرب بإقحام وجه شاب في معادلة التنافسية أيا كانت النتائج.. وبأرقام مسلسل حضور الثلاثي، ربح المغاربة الثلاثة تنافسية مهمة أقول عنها احتكاكية محمولة بالثقة، إذ لعب كريم آيت فانا 33 مباراة وسجل خمسة أهداف، ولعب يونس بلهندة أيضا 33 لقاء موزعة بين الرسمية والإحتياط وسجل هدفا واحدا، ولعب الكوثري فصول 20 مباراة كرقم محترم لوجوه شابة أعطت الدليل على أن المغاربة بفرنسا يزأرون حتى من قاعدة التكوين نحو القمة.. إلا أن السؤال الذي يفرضه الواقع، هل تقدر الجامعة والمدرب القادم للأسود إقناع هؤلاء بحسب الميزة والإختيار رغم أنهم معنيون أكثر باستدعائهم إلى المنتخب الفرنسي للأمل في غياب الدعوة المغربية أو الإتصال المباشر، علما أن أداء الثلاثي يغري بالمتعة والمهارة والقوة، وبخاصة جانب الدفاع في شخص الكوثري الذي أراه ملائما لصغر سنه مع المهدي بنعطية في خط الدفاع، وجانب مهارة كريم آيت فانا في الممر الأيسر كرجل سريع وفنان مهاري وهداف، وعين العقل تقول بأن تغييب هذه الأسماء التي سطعت بالبطولة الفرنسية لهذا العام عن المنتخب الوطني أو الأولمبي ستكون ضربة قاسية لجواهر أراها ضرورية لتغطية فراغ الدفاع والأجنحة أو القيادة الهجومية. هنا يشكل يوسف العربي (23 عاما) الإستثناء الجديد لوجه مغربي يقول أنا مغربي بنادي كاين ورهن إشارة المنتخب المغربي.. ويوسف كما قلت مهاجم من طراز رفيع ويملك لياقة بدنية عالية ومؤهلات فنية هجومية بكل الأوضاع ويحسن التهديف أيضا في كل المواقف بالرجل والرأس والإندفاع البدني.. وأن يسجل 11 هدفا من أصل 34 مباراة لعب خلالها 23 مباراة كرسمي وأحد عشر كاحتياطي، يعني أن الرجل كان بحاجة إلى التهديف رغم أنه يلعب إلى جانب الهداف الإيفواري كانديا تراوري بشكل ثنائي حبس التوظيف... والعربي يشهد له كثيرا في فوز فريقه وتعادله في أكثر من موقف مثلما نحن الآن بحاجة إليه بالمنتخب الوطني ليكون أقوى تشكيل أراه منطقيا وأقوى أسطول في الهجوم إن نحن وضعنا كلا من الشماخ والحمداوي والعربي كثلاثي قناص يجاورهم بوصوفة وآيت فانا وخبرة حجي دون تناسي مهاجمي البطولة في قيمة عمر نجدي وياسين الصالحي وفوزي عبد الغني وأيوب سكومة.. ومنطقيا فالعربي هو الوجه الجديد بعد ثلاثي مونبوليي، وقبول الجميع حمل القميص الوطني يعني لدي قناعة خاصة من الجامعة لتكون مؤهلة بتأهيل أبناء المهجر كمحرفيين يدخلون البيت المغربي بنظافة جسمه.