ما إن وضعت القرعة الأخيرة لكأس محمد السادس للأندية الأبطال ودور المجموعات لعصبة الأبطال الإفريقية، الترجي التونسي في مواجهة فريقين مغربيين هما أولمبيك آسفي والرجاء البيضاوي، حتى هاج بعض المحسوبين على أنصار الوداد الرياضي ملوّحين بأعلام الإنتقام ورد الإعتبار، في سلوك مشحون وغير مفهوم، وبعيد عن الإحترافية والرياضة. ناشطون «فايسبوكيون» وعبر صفحات تواصلية تمثل بعض فئات من الجمهور الأحمر، رقصوا وهللوا بعد معرفتهم أن الترجي التونسي سيزور المملكة مرتين في قادم الأسابيع، وشرعوا في تهييج الوداديين وزرع بذور الفتنة، لتخصيص إستقبال خاص وفريد بالتونسيين، لا يعكس كرم الضيافة ولا روح الحفاوة التي يُعرف بها المغاربة على الصعيد العالمي. بعض المحسوبين المتهورين على أنصار الوداد يخططون سرا وعلنا للإصطدام بجمهور الترجي التونسي والذي يتنقل عادة بالآلاف مع فريقه خارجيا، وقد شرعوا في إستقطاب المساندين لفكرة الإنتقام، عبر المضايقات والإلتحامات الجسدية وغيرها من وسائل القصاص غير الشرعي، لكن لماذا هذا الإنتقام؟ الوداديون وبعدما خسروا المعارك الإدارية بالكاف والطاس، وسُرق منهم لقب عصبة الأبطال الإفريقية الموسم الماضي، ولم يأخذ أحد حقهم، يريد المتطرفون منهم وهم قلة، أن ينتقموا أولا لخسارة فريقهم بالقلم، ثم الرد على الإستفزازات والإعتداءات التي تعرضوا لها بملعب رادس ودروب العاصمة التونسية في إياب نهائي المسابقة قبل شهور، إلى جانب تصفية الحسابات والحروب الكلامية الهجينة التي تدور منذئذ بين جماهير وداد الأمة و«لمكشخين» على مواقع التواصل الإجتماعي. الترجي سيلعب بملعب المسيرة بآسفي وبعده بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وسيعيش بالتأكيد الكوابيس والجحيم والضغط فوق أرضية الميدان، نظرا للسمعة السيئة التي بات يتمتع بها النادي بين المغاربة، حيث الجميع يرغب في الإنتقام كرويا وإقصاء «سارق اللقب» من المسابقتين العربية والإفريقية، لكن البعض مخططه الجهنمي يتجاوز الرغبة في تعذيب التونسيين بالكرة والمكر، إلى السعي نحو جلدهم خارج الملاعب، وهو ما لا يتماشى مع الروح الرياضية والضيافة المغربية والقرابة الإسلامية والمغاربية. عصبة الأبطال الإفريقية للموسم الفارط أصبحت في خانة الماضي، ونهائي رادس يجب إستخلاص الدروس والعبر منه حتى لا يتكرر، وإن أراد الوداديون خاصة والمغاربة عامة القصاص والإنتقام فعلا من الترجي على ما فعله مسؤولوه ولاعبوه وبعض أنصاره بالوداد، فيجب عليهم أن يتجندوا هذه المرة ويتوحدوا في صف واحد، لتشجيع أي فريق مغربي يواجه الخصم المثير للغضب، بغية دهسه وقصف شباكه كرويا، وقتله بسمّه وخبثه الكروي وغير الكروي. الكثير من التونسيين شرفاء ويحبون المغرب ومن العار تلويث العلاقة معهم لأن أحد أنديتهم أساء المعاملة، وكرة القدم تبقى رياضة ولعبة للترفيه، ومن الجهل أن تفسد روابط متعددة بين الشعبين، وستكون رسالة رائعة للعالم لو إستقبل الوداديون أنصار الترجي بالترحيب والأخوة ودون مشاكل، لأن الكثير من أبناء باب السويقة لا ذنب لهم فيما حدث، وهم الذين لم يتلذذوا إلى غاية اليوم نشوة الفرح واللذة بالكأس القارية «المتسخة». الإنتقام والوعيد يا من يخططون للثأر سلاح الضعفاء والجبناء، وكفانا الحروب الدامية التي يقع ضحاياه أعضاء من فصائل التشجيع للأندية الوطنية، أما نداء بعض الوداديين لخلق الفتنة وإكرام الترجي وجمهوره، فيجب أن يُأخذ بجدية كبيرة من طرف السلطات الأمنية المغربية وحتى أجهزة الكاف، والتي ستكون المسؤولة الأولى في حال وقوع كوارث، وحبذا لو تم إستباق الشغب القاتل بمنع تنقل الجماهير من وإلى تونس حتى تخمد هذه العاصفة المقيتة والهوجاء.