يملأ المشجعون الجزائريون الفراغ الكبير (باستثناء مباريات المنتخب المصري) في ملاعب كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم، حيث يساندون منتخب بلادهم على رغم تكاليف السفر والحرارة والإجراءات الأمنية. خارج الملاعب الثلاثة المضيفة لمباريات المسابقة في القاهرة، تحضر أعداد محدودة من المشجعين في المباريات التي لا يشارك فيها منتخب الفراعنة المضيف للدورة القارية حتى 19 تموز/يوليوز. لكن الأمر يختلف قبل مباريات المنتخب الجزائري في المجموعة الثالثة، حيث ينتشر اللون الأخضر في المدرجات دعما لثعالب الصحراء الذين قدموا في الجولتين الأوليين أداء هو من الأفضل بين المنتخبات ال24 المشاركة حتى الآن. في أحد الفنادق القريبة من أهرامات الجيزة، يقوم ما بين 300 الى 400 مشجع جزائري بالتحضير للمباريات على طريقتهم: رايات متدلية من النوافذ والشرفات، وأهازيج وأناشيد تصدح في ردهة الاستقبال، في مشهد يتكرر مع كل مباراة، ويتوقع أن يحضر أيضا الإثنين قبيل المباراة الثالثة للمنتخب في دور المجموعات ضد طنزانيا. تحضيرا للمباراة السابقة ضد السنغال، أقوى منتخبات القارة ترتيبا في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، استعد اسماعيل لتحفيز مواطنيه بقرع الطبل محاطا بمواطنيه الذين ارتدوا اللونين الأخضر والأخضر. ويقول المشجع الجزائري البالغ من العمر 23 عاما لوكالة فرانس برس "الأمر مذهل!" في المرافقة الأولى لابن العاصمة لمنتخب بلاده. يضيف "حضرت بمفردي، لكنني اكتسبت أشقاء هنا"، في إشارة الى مشجعين آخرين يأملون مثله في تحقيق المنتخب لقبه القاري الثاني، والأول منذ العام 1990 حين توج المنتخب الأخضر على أرضه. وتقدر أعداد المشجعين الجزائريين الذين تابعوا المباراة الأولى ضد كينيا، بما بين ألفين وثلاثة آلاف شخص، في عدد محدود اذا ما تمت مقارنته بقرابة 75 ألف شخص تغص بهم مدرجات ملعب القاهرة الدولي في مباريات منتخب الفراعنة، لكنه أكثر من مقبول مقارنة مع الأعداد المحدودة لمشجعي المنتخبات الأخرى. وعلق مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي على مسألة التشجيع بالقول "الجميع يحب أن يلعب في ملعب مدرجاته ممتلئة، لكن للأسف هذه ليست الحال في الوقت الراهن"، مضيفا "لكن مشجعينا أتوا. نحن محظوظون لوجودهم، يحضرون كل مباراة". دفع بعض المشجعين ما يصل الى ألف يورو للإقامة وحضور المباريات الثلاث في الدور الأول، ومنهم أحد مشجعي فريق مولودية وهران. ويقول الشاب البالغ من العمر 24 عاما "المبلغ كبير، لكنني سأبقى في حال مضى المنتخب الى أبعد" من الدور الأول، وهو ما تحقق من خلال فوزه على السنغال 1-صفر والعبور الى الدور ثمن النهائي. يضيف "الأمر يختلف بين تشجيع النادي أو منتخب الجزائر". بالنسبة الى سمير (52 عاما) الآتي الى مصر مع ولديه، مساندة المنتخب الجزائري تستأهل التضحية. ويوضح "نقوم بتضحيات. عندما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني، والمغامرة، نحن نحب ذلك. نحب بلدنا". ويتابع "أينما لعبت الجزائر، يتواجد جزائريون. حتى في عصبة أبطال أوروبا! حتى اذا غاب لاعبون جزائريون، يكون العلم الجزائري حاضرا". مع اقتراب موعد الانطلاق الى الملعب، يرفع المشجعون الجزائريون من صوتهم تشجيعا للاعبين لاسيما سفيان فغولي، ويخرجون الى الطريق للصعود الى خمس حافلات تنتظرهم لنقلهم الى الملعب بمرافقة من الشرطة المصرية التي يتواجد عناصرها بشكل دائم في محيط الفندق. واتخذت القوات الأمنية المصرية إجراءات واسعة في مختلف أنحاء العاصمة لاسيما في محيط الملاعب والفنادق على هامش المسابقة، لاسيما في أعقاب سلسلة حوادث شهدتها البلاد في الأعوام الماضية، وصولا الى أسابيع فقط حتى من انطلاق البطولة في 19 يونيو. ورأى مشجع جزائري فضل عدم كشف اسمه أن الاجراءات تحد أحيانا من حرية الحركة بالنسبة الى المشجعين. وقال "الأمر صارم (...) في الجزائر، يحضر المشجع الى الملعب للتعبير عن نفسه بحرية. الأمر ليس مماثلا في مصر. ثمة إجراءات أمنية كثيرة". وغالبا ما شهدت الملاعب الجزائرية أحداث شغب على هامش المباريات. وفي المسابقة القارية، قامت السلطات المصرية بترحيل مشجع جزائري اسمه موفق سمير سردوك لقيامه برفع شعار سياسي في الملعب، مساند للاحتجاجات في بلاده التي أدت للإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بحسب ما أفاده شقيقه لفرانس برس في وقت سابق هذا الأسبوع. ويشدد المشجعون على أن التوترات الكروية السابقة بين بلادهم ومصر والتي كان من أبرز أشكالها الاعتداء على حافلة للمنتخب في القاهرة عام 2009 قبل مباراة ضمن تصفيات كأس العالم 2010، باتت من الماضي. وقال المشجع الجزائري حمزة (32 عاما) "نحن هنا من أجل الجزائر".