خطفت الأندية الأنجليزية مجددا الأضواء وأبت إلا أن تتصدر العناوين وقصاصات الأنباء في مسابقة دوري أبطال أوروبا، عندما أعادت نفس السيناريو للموسم الثالث على التوالي ببلوغ ثلاثة أندية إنجليزية إلى المربع الذهبي، تشيلسي، مانشستر يونايتد وأرسنال، ليبقى فريق برشلونة الإسباني الفارس الوحيد وسط زحمة وسطوة هذه الأندية·· العديد من المحللين والخبراء توقعوا اكتساح الكرة الإنجليزية وبلوغ ثلاثة أندية إنجليزية المربع الذهبي نظير النسق التصاعدي السريع الذي حافظت عليه الكرة الإنجليزية، تم إفلاس مجموعة من الأندية الأوروبية التي صالت وجالت فوق الملاعب الأوروبية، لكنها اليوم فقدت بوصلة التوهج وسارت رهينة الإقصاء المبكر، من يوفنتوس والميلان وروما، مرورا بريال مدريد وبورطو وأياكس إلى بايرن ميونيخ· كلها أندية افتقدت للمناعة الأوروبية وتركت الحرية والمبادرة للأندية الإنجليزية لتفعل ما شاءت في أغلى المنافسات الأوروبية على صعيد الأندية· ماذا جرى إذن حتى تحصد الأندية الإنجليزية الأخضر واليابس، وتبسط سيطرتها وقوتها دون رأفة ورحمة على تاريخ وأسماء الأندية الأوروبية؟ هل أصبح مثلا إيقاع وأسلوب الكرتين الإسبانية والإيطالية تقليديين؟ أم هناك عوامل أخرى يتداخل فيها الإجتهاد والثورة والعمل الجاد وتغيير ذلك الأسلوب التقليدي الذي كان يميز الكرة الإنجليزية؟ بوصول ثلاثة أندية إلى المربع الذهبي تكون الكرة الإنجليزية قد أجابت عن الإتهامات والإنتقادات الأخيرة، كون أنديتها خادعة لا تبحث عن الأهداف والفرجة، إثارتها في جماهيرها، لكن من تابع مواجهة ليفربول وتشيلسي والتي انتهت بالتعادل (44) وأعطت تأهل الفريق الأزرق، سيتأكد له أنها كرة مثيرة أصبحت كاملة الأوصاف، إذ تابعنا في هذا اللقاء كل ما يتوخاه المتفرج المهووس بالمستديرة المجنونة، وكل ما تتطلبه مباراة كرة القدم من أهداف وتقنيات وفنيات ولياقة بدنية وإعداد نفسي وعدم الإستسلام ودروس تكتيكية، وأخيرا روح رياضية عالية، كل ذلك جمعته مباراة إنجليزية واحدة كانت قمة في الإثارة وقطعت الشك باليقين أن الأسلوب الأنغلوساكسوني أصبح سيد زمانه، وإلا لما حقق أرسنال فوزا ساحقا على فيا ريال الإسباني بثلاثية نظيفة، أو لما عاد مانشستر يونايتد بفوز وتأهل مستحق من قلب ملعب دراغاو على حساب بورطو البرتغالي· يستحيل أن تكون هذه النتائج ضربا من ضروب الصدفة، بل لم تأت بجرة قلم·· لذلك سنضطر لرفع القبعة للمرة الثالثة على التوالي للأندية الإنجليزية لأنها استطاعت أن تجني ثمار مجهوداتها وتحقق أهدافها، ولا عزاء على الأندية القوية والأسماء الرنانة التي توارت عن الأضواء وانحنت مكرهة بعد أن فقدت توهجها· وسنرفع القبعة أيضا لنادي برشلونة لأنه استطاع أن ينقذ ماء وجه ليس إسبانيا فقط ولكن أوروبا ببلوغه المربع الذهبي وسط ثلاثة من حفدة "شكسبير"، لكن هل يستطيع الفريق الكطلاني أن يخلط أوراق المسرحية الإنجليزية؟ إمتحان عسير في انتظار فارس أوروبي وحيد مهمته ألا يجعل من دوري أبطال أوروبا منافسة إنجليزية بالتخصص·