قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاَقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا إنه هو السميع البصير" [الاِسراء، 1]. لقد انضمت المسيحية إلى التخطيط العادل الذي سن طريقه اللاحق رئيس لجنة القدس فلم تنكر على المسلمين حقهم، ولا على العرب قدسهم، ولا على المتدينين جميعا احترام معابدهم، وذلك ما جعل كل دولة تراجع موقفها، وتنآى عن مسايرة خط العدوان، وتعرف ما وراء عمل لجنة القدس من جدية تتمثل في مواقف صلبة لا تلين وعقوبات إسلامية حازمة لا تتراجع، مآلها العاجل إن شاء الله إحقاق الحق وإبطال الباطل يقول عز وجل: "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" [الحج، 38]. إن الخطة المحكمة الواقعية التي تعني استخدام كل الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية، كانت كفيلة أن تشعر الرأي العالمي بالمعية عن موقف المسلمين وفعالية صمودهم، كما أن نجاح الأمر لا يُقدر بالزمن بقدر ما يقتضي مسؤولية تاريخية عظيمة، تقتنص الفرصة، وتتحدى التحديات، وتقنع الرأي العام العالمي بعدالة القضية الفلسطينية عموما، وقضية القدس الشريف، والمسجد الأقصى خصوصا. إن الرائد الأمين لا يخطئ الطريق، ودائما يصدق فعله قوله، وتتبلور نيته الحسنة في سلوكه المتزن الحسن، ولذلك فثقة المسلمين في رئيس لجنة القدس، لا تقف عند حد، وهذا ما جعل الطريق مأمونا وإن طال والنصر محققا وإن راوغ واستطال. إن قضية القدس الشريف قضية الإسلام والمسلمين ومسؤولية الأديان جميعا، وقد شهد التاريخ أن المسلمين حفظوا مكانة كل دين، فلم تمس المسيحية في عهد سلطتهم رغم دعاوي الصليبين وهجماتهم، ولم تمس حقوق اليهود رغم ما يعدون ويفتاتون من تخرصات. وسوف تعود القدس إلى مكانتها التاريخية المرموقة لتكون مزارا للمسلمين، يحجون إليها بعد مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، وسوف يصلي المسلمون في القدس الشريف كما صلوا فيه بعد انحسار المد الصليبي الذي لم يكن أقل تعنتا وظلما من المد الصهيوني.. وبعد الابتلاء والامتحان ستشرق شمس الإسلام على قبة الصخرة، فيتألق نورها في الحاضر، كما تألق في الماضي.. وتعود قافلة البشرية لتسير في طريق الإسلام والمحبة والمساواة. ميثاق الرابطة، العدد: 795، الخميس 29 جمادى الأولى 1418ه، الموافق ل 2 أكتوبر 1997م، السنة الثلاثون.