هب الجيش المغربي المرابطي، بقيادة يوسف بن تاشفين يذود عن لا إله إلا الله بالأندلس ، استجابة لنداء المعتمد بن عباد ،الذي استنجد بالمغاربة حينما بعث برسالته "479ه" إلى يوسف بن تاشفين:"نزعت بهمتي إليك، واستنصرت بالله ثم بك،واستعنت بحرمكم لتجوز بجهاد هذا العدو الكافر، وتحيون شريعة الإسلام، وتدينون على دين محمد صلى الله عليه وسلم . ولكم عند الله الثواب الكريم .على حضرتكم السامية السلام ورحمة الله وبركاته ولا حول ولا قوة إلا بالله . ليس القتال في الإسلام اعتداء أو إكراه ف"لا إكراه في الدين"والتاريخ شاهد على أن توسع رقعة الإسلام قد تمت بالسلم، ليبقى القتال السيف الذي يشهر في وجه من يعتدي على عزة الله ورسوله و المومنين. و ما أذن به الله إلا للدفاع عن مقومات العزة التي بها يحفظ الدين والنفس والمال...، بل أوجب حماية هذه الكينونة الإسلامية على كل مسلم، يقول عز وجل:"ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هده القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا"[ سورة النساء/ الآية:75]. هكذا كانت القوة الإيمانية المهماز الذي حرك يوسف بن تاشفين لنصرة الإسلام والمسلمين في الأندلس المتشظي، على عهد ملوك الطوائف. فأعد لذلك ما استطاع من قوة ،وانطلق ينجز خطته العسكرية الحكيمة لكسر شوكة الصليبيين، والتلويح بسيف الإسلام في الآفاق ،يرفع عاليا كلمة التوحيد والتي لأجل نصرتها انتدب . وعلى إثر ذلك ولى قائد الصليبيين ألفونسو السادس مهزوما يجر إحدى ساقيه ، التي اقتلع يوسف بن تاشفين بطعنها، الجبروت الصليبي الذي أذل ملوك الطوائف طويلا. فكانت هذه- كما يقول ابن الخطيب قي "الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية ص47-: النعمة العظيمة والمنة الجسيمة." لقد رسم يوسف بن تاشفين ملامح المقاتل في سبيل الله، الذي لم يحارب بهدف التوسع الاستعماري بل قاتل العدو الكافر لتغيير منكر ونجدة مسلم مظلوم ،حتى قال عنه أحد المستشرقين:"يوسف...أحد هؤلاء الرجال الأفذاذ الذين يلوح أن القدر قد اصطفاهم لتغيير وجهة سير الحوادث في التاريخ" .