بعد ما توسم موسى بن نصير في أهل المغرب صدق العزيمة، ورباطة الجأش، ونبل المقاصد، عزم على مواصلة الفتوحات في جنوب بلاد الغال حتى يصل إلى القسطنطينية عبر إيطاليا وبلاد الصرب والترك واليونان ودمشق، ويجعل من البحر الأبيض المتوسط بحيرة عربية بعد أن كانت رومانية وإغريقية، ولكن موسى بن نصير أمر بوقف زحفه والعودة إلى دار الخلافة بدمشق. وكان القدر يحمل له ما لم يكن مقدرا في الحسبان. وقد أصبح فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد الأمازيغي عند شعراء المغرب والمشرق من دواعي إيقاد الحمية الوطنية لاسترجاع العزة والكرامة، كنداء الشاعر إبراهيم طوقان لأهل المغرب كلما حلت نكبة من النكبات في الأمة العربية: فتية المغرب هيا للجهاد نحن أولى الناس بالأندلس نحن أبطال فتاها ابن زياد ولها نرخص غالي الأنفس وكقول الشاعر المراكشي أحمد شوقي الدكالي في غمرة ثورة الملك والشعب: أتنسى فرنسا خيالنا بترابها وأسيافنا من فوق رؤوسها تجري أتنسى فرنسا طارقا بجيوشه وتنسى أسودا ساقت الخيل في البحر ويقول الشاعر محمد البوعناني باسم الصحراء المغربية: صحراؤنا تتحدى: ليس يقتلني موت ولو دفنوا في القبر ما دفنوا أنا سليل الذين أمتد شاطئهم وصاح طارقهم أن تحرق السفن وحتى في شعر الغزل نجد طارق بن زياد حاضرا بثقله كقول الشاعر السوري شاعر المرأة نزار قباني لما التقى بفتاة غرناطية عند زيارته لمدينة غرناطة: وجه دمشقي رأيت خلاله أجفان بلقيس وجيد سعاد عانقت فيها عندما ودعتها رجلا يسمى طارق بن زياد وكانت نهاية البطل الأمازيغي نهاية غامضة، وأصبح وظل رمزا للشجاعة والبطولة، ونموذجا مثاليا من نماذج التضحية والفداء، وسجل التاريخ أنه "كان مجموعة رجال في رجل واحد…".. يتبع في العدد المقبل..