إذا كان الرجوع إلى الأصل أصل؛ فإن "القرآن الكريم" هو الحكم الفصل في كل ما يتعلق بالمبادئ والأحكام التي تنفع الناس في أحوالهم الخاصة وشؤونهم العامة. نعم وإن ما في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة من النسقيَّة والنُظم قد فتح المجال أما القراءة المنهجية للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة صعداً نحو مآلات معرفية لا حصر لها. ورسالة الإسلام من أول وحي نزل بها هي رسالة العلم والعلماء. فأول وحي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول سورة "إقرا" إلى قوله تعالى: "علم الاِنسان ما لم يعلم" [العلق، 5]. ووضح أن الرسالة الخاتمة جاءت لتخرج الناس من ظلمات الجهل والتخلف إلى نور العلم والتقدم وأوضح أن الرسالة الخاتمة كما بين القرآن الكريم أن بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة تربية وتزكية وتطهير للعقل والنفس والوجدان. يقول الله عز وجل: "يتلوا عليهم ءَاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين" [الجمعة، 2] ورسالة الأنبياء جميعا ورسالة نبينا على الأخص جاءت شاملة لجميع مناحي الحياة على هذه الأرض كي يحيا عليها البشر حياة طيبة في العمر والزمن القصير الذي منح لهم، وللحياة الآخرة التي هي نعيم الأبد أو شقاؤه. ولا شك أن العلم الذي يستنفد المرء من الشقاء الأبدي هو في قمة العلوم المطلوبة للبشر ولا علم يسمو إلى مرتبته. ذلك أن هذا العلم يتعلق بذات الخالق تبارك وتعالى، وما يجب أن يعتقده المرء في حقه جل وعلا فهذا هو الأساس والمحور الذي تدور عليه حياة الإنسان في الدنيا والآخرة، ويتفرع من هذا العلم العلوم الدينية الأخرى التي تخدم ذلك الهدف الأسمى الذي هو الإيمان بالله عز وجل، وكلما ازدادت معرفة المسلم بهذه العلوم كلما ازدادت قربا من الله تبارك وتعالى… يتبع في العدد المقبل…